على مدار 4 عقود أمضاها البحّار الأسباني “كانديدو كوسيلو سانشيز” في البحار شهد خلالها الكثير من الأحداث وخاض عدة تجارب، لكن واقعة حدثت مؤخرا شارك فيها حوت قاتل، شكّلت تطورا جديدا لم يعهده هذا القبطان.
ويتذكر سانشيز قائلا “لم أشهد في حياتي مطلقا شيئا كهذا، لم أقابل مثل هذا الحدث طوال 40 عاما في البحر رغم أنني كبحار رأيت الكثير من الأحداث”.
ويقول قبطان سفينة حربية إسبانية إنه كان يبعد مسافة ميلين بحريين عن ساحل بلدة غاليسيا الإسبانية عندما ظهرت مجموعة من الحيتان من داخل المياه الزرقاء.
وسارع أفراد طاقم السفينة لتسجيل هذه اللقطة النادرة في مقاطع فيديو باستخدام هواتفهم المحمولة، وانطلقت أصوات البحارة التي يشوبها الذهول تقول “عجبا، يا له من مخلوق هائل الحجم!”.
وبينما كانت الحيتان تتراجع داخل المياه أشار بحّار إلى البحر، وقال ”هناك، إنها موجودة هناك، إنها تأكل دفة سفينتنا”، حيث انتابت الدهشة طاقم السفينة الذي يضم مجموعة من البحارة المحنّكين الذين اعتادوا على رؤية الحيتان القاتلة.
وتهاجم الحيتان القاتلة عادة المخلوقات البحرية الأخرى، وهي تلتهم أسماك التونة والرنجة وعجول البحر والبطاريق وطيور البحر والدلافين والحيتان الأخرى وأسماك القرش، لكنها لم تتجه في الماضي إلى استهداف البشر والسفن.
الثأر والانتقام
غير أن هذا الاتجاه قد يكون في طريقه إلى التغير، ففي الوقت الذي اقتربت فيه الحيتان القاتلة من السفينة الحربية “ميرفاك” في أغسطس 2020 سُجلت 6 هجمات خلال شهرين في ممر جبل طارق، و4 قرب ساحل البرتغال، ثم هجوم آخر بالقرب من ساحل غاليسيا.
كما وقع 15 حادثا بعد مرور شهر مما تعرضت له السفينة ”ميرفاك” قبالة الساحل الشمالي الغربي لإسبانيا، وفقا لما ذكرته وسائل الإعلام المحلية، فيما يحاول العلماء فهم أسباب الهجمات غير المعتادة.
ويمكن أن يكون للجغرافيا على الأقل في هذه الحالات مغزى، حيث إن الحيتان القاتلة تهاجر من ساحل إقليم الأندلس الإسباني خلال فصل الصيف عبر المياه البرتغالية لتصل شمالا إلى خليج بسكاي الكائن على الساحل الغربي لفرنسا متعقبة أسراب التونة.
ويقول العلماء إنه من المعروف أن الحيتان القاتلة مخلوقات اجتماعية، وهي في الأغلب “تريد أن تلهو فحسب”، غير أن الأقل وضوحا هو أنه لماذا يوجد الكثير من هذه الهجمات الفجائية من جانب الحيتان التي تصطدم بالسفن بقوة، وبشكل يجعل الأطقم تفقد السيطرة على السفن وتعجز عن تسييرها، ولم يتوصل العلماء إلى أجوبة بعد.
ومع ذلك، فإن هناك نظرية غريبة لشرح هذه الحوادث، وهي الانتقام، فقد تكون الحيتان تقوم بعمليات ثأر، بحسب فيكتور هيرنانديز الباحث والخبير البيئي والمؤلف الحاصل على جوائز عدة.
ويوضح أن مجموعة من الحيتان القاتلة وصل عددها إلى 13 يقودها حوت ذكر تهاجم السفن ردا على وقوع حادث في يوليو الماضي في مضيق جبل طارق عندما أصيبت اثنتان من إناث الحيتان بسبب الحراب ذات الخطاف التي تستخدم في اصطياد الكائنات البحرية الكبيرة.
كورونا
وقال الباحث هيرنانديز لوكالة الأنباء الألمانية “شاهد الصيادون وأطقم سفن مراقبة الحيتان، للحيتان المصابة، وأخبروني عنها”.
من جانبها، تطرح ماريا ديل كارمن رودريغيز، وهي عالمة أحياء متخصصة في الحيوانات البحرية الثديية نظرية مختلفة، حيث تعرب عن اعتقادها بأن همات الحيتان هي مجرد رد فعل لجائحة كورونا.
وقالت في تصريحات لمحطة راديو كوبي الإسبانية “ربما أصبحت الحيتان القاتلة معتادة على الهدوء الذي جلبته أشهر الإغلاق لمياه البحار”.
وأضافت “في الصيف عاد الضجيج العالي مرة أخرى، في حين زاد حجم مرور السفن، وقد تكون الضوضاء تسببت في إزعاج الحيتان وإغضابها وعرضتها لنوع من الضغوط”.
المصدر: وكالة الأنباء الألمانية
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=119522