أيامٌ عصيبة تعيشُها المقدسية نورا صب لبن (68 عامًا) وزوجها المسن مصطفى (72 عامًا)، خشية من تنفيذ قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي بإخلائهما من منزلهما الواقع في عقبة الخالدية بالبلدة القديمة في القدس، المقرر يوم 11 حزيران/ يونيو الجاري.
ورغم جهود عائلة “صب لبن” للحفاظ على منزلها، إلا أن محكمة الاحتلال العليا بالقدس قررت مؤخرًا، إنهاء عقد الإيجار المحمي للزوجين نورا ومصطفى، وإخلائهما من منزليهما في البلدة القديمة، لصالح جمعية “جاليتسيا” الاستيطانية التي تسعى لإخلاء العائلة منذ عام ٢٠١٠.
أيام عصيبة
تقول المقدسية نورا لوكالة “صفا”: “أعيش أنا وزوجي أيامًا عصيبة ومريرة جدًا، خوفًا من إخلائنا بالقوة يوم الأحد المقبل، بعدما تلقينا قرارًا نهائيًا من محكمة الاحتلال العليا ودائرة الإجراء والتنفيذ بهذا الخصوص”.
وتضيف “أصعب قرار في الدنيا أن يتم إخلاؤك من منزلك الذي وُلدت وعشت فيه أجمل سنوات عمرك وحياتك، كأنه قرار إعدام بالنسبة لنا، لكن ماذا نفعل، سلاحنا الوحيد أن نبقى صامدين في بيوتنا ومدينتنا وأرضنا، رغم محاولات الاحتلال لتهجيرنا وطردنا”.
“50 عامًا تقريبًا من الصمود والمعاناة، والمعركة القانونية في محاكم الاحتلال مستمرة، ولم أترك وسيلة ولا جهدًا إلا بذلته في سبيل الحفاظ على منزلي وعدم تركه للمستوطنين”، تتابع “صب لبن”.
وكانت العائلة استأجرت المنزل عام 1953 من المملكة الأردنية، وتم منحها حقوق إيجار محمية، لكن بعد احتلال القدس، جرى وضعه تحت إدارة ما يسمى “حارس أملاك الغائبين”، بادعاء أن ملكيته تعود لليهود، وهذا ما نفته العائلة بشكل قاطع.
وسبق لمحاكم الاحتلال عام 2016 منع أبناء المقدسية “صب لبن” رأفت وأحمد وزوجته وأولاده، وشقيقتهما من العيش داخل المنزل، ما أدى إلى تشتت العائلة.
وقفة تضامن
وتشير “صب لبن” إلى أن المستوطنين حاولوا سابقًا، تقديم كل الإغراءات المالية للعائلة من أجل إخلاء المنزل، “إلا أننا رفضنا، وواصلنا الحفاظ عليه وحمايته من ممارسات الاحتلال واستفزازات مستوطنيه”.
وتناشد كل المؤسسات الدولية ووسائل الإعلام المحلية والدولية بضرورة التدخل العاجل والضغط على الاحتلال وتشكيل حشد شعبي، لوقف إخلاء العائلة من منزلها.
وتقول: “نأمل أن يكون هناك ضغط دولي حازم، لأجل وقف تهجيرنا”، مشيرة إلى أن عددًا من الدبلوماسيين الأوروبيين، وناشطي اليسار الإسرائيلي سيزورون البلدة القديمة يوم الثلاثاء المقبل، للتضامن مع العائلة ودعمها ضد قرار الاحتلال.
وتلفت إلى تنظيم وقفة تضامنية مع العائلة في موعد تنفيذ القرار الإسرائيلي، مؤكدة ضرورة تكثيف التضامن والحشد الجماهيري لدعم صمودهم في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه.
وعائلة “صب لبن” واحدة من بين 150 عائلة مقدسية، تضم أكثر من 1000 شخص، مهددة بالتهجير والإخلاء من منازلها بسبب القوانين العنصرية التمييزية، وتواطؤ حكومة الاحتلال مع المستوطنين.
وبعد قرار محكمة الاحتلال، لم يعد هناك أي سبيل قانوني آخر للعائلة، بل إن تدخل الحكومة الإسرائيلية نتيجة الضغط الجماهيري المنسق هو الوسيلة الوحيدة لمنع طرد العائلة من منزلها، كما تؤكد جمعية “عير عميم” اليسارية الإسرائيلية المختصة بشؤون القدس.
تأثير خطير
وتقول الجمعية: “إذا تم تنفيذ عمليات إخلاء 150 عائلة مقدسية في شرقي القدس، فإن ذلك لن يشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان فحسب، وإنما سيكون له تأثير إنساني خطير على تلك العائلات”.
وتلفت إلى أن مجموعات المستوطنين تستخدم بمساعدة الحكومة الإسرائيلية قانون “الشؤون القانونية والإدارية” لعام 1970 لرفع دعاوى إخلاء ضد عائلات فلسطينية، كما في حالة عائلة صب لبن”.
وهذا القانون التمييزي، يمنح “اليهود الحق الحصري في استعادة الممتلكات شرقي القدس التي يُزعم أنها مملوكة لهم قبل عام 1948، بينما يُحرم الفلسطينيون من هذه الحقوق بسبب الممتلكات التي فقدوها داخل الأراضي المحتلة عام 1948، خلال النكبة الفلسطينية”.
وبحسب “عير عميم”، فإن “مجموعات المستوطنين تعمل على تأمين حقوق ملكية هذه الممتلكات، رغم عدم وجود علاقة بينهم وبين الملاك أو المقيمين اليهود السابقين”.
وتضيف “بمجرد أن تحتفظ هذه المجموعات بحقوق الملكية، فإنها تستغل قانون 1970 لاسترداد الأصول وبدء مطالبات الإخلاء ضد العائلات الفلسطينية”.
وتشير إلى أن العديد من العائلات الفلسطينية التي تواجه الإخلاء هم من اللاجئين الذين فقدوا منازلهم عام 1948، وهم الآن عرضة للتهجير للمرة الثانية أو حتى الثالثة.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=142027