مشروع “تلفريك القدس” يُغير معالمها ويخطف الأبصار عن الأقصى

بعدما استكملت حكومة الاحتلال الإسرائيلي كل الإجراءات والترتيبات اللازمة لتنفيذه، تعتزم في الفترة القليلة المقبلة، البدء بإنشاء مشروع “القطار الهوائي- التلفريك” في محيط البلدة القديمة بالقدس المحتلة، ما يعني تهويد سمائها ومعالمها التاريخية، وإضفاء طابع مُغاير على وجهها الحضاري.

ورفضت محكمة الاحتلال العليا في القدس مؤخرًا، كل الالتماسات والاعتراضات المقدمة ضد المشروع التهويدي، لتعطي بذلك الضوء الأخضر للبدء بتنفيذه، خاصة في ظل تسارع عمليات التهويد والاستيطان التي تشهدها المدينة المحتلة خلال العام 2023.

وكما استهدف الاحتلال بالتهويد باطن الأرض وما فوقها، يسعى اليوم إلى تهويد سماء القدس عبر إنشاء القطار الهوائي، الذي سيتيح لآلاف المستوطنين استباحة سمائها كل ساعة، وصولًا إلى بلدتها القديمة وحائط البراق غربي المسجد الأقصى المبارك.

وتمضي حكومة الاحتلال قدمًا في المشروع التهويدي حيث صادقت لجنة التخطيط والبناء الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية، على عدة عقود تشير إلى أنها تتجه نحو إصدار العطاء لبناء “التلفريك” بالقدس في أقرب وقت ممكن.

مشروع خطير

الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن حكومة الاحتلال وافقت على البدء بتنفيذ مشروع “القطار الهوائي”، والذي يعد من أخطر المشاريع التهويدية في القدس، بعدما أنهت كل الترتيبات والإجراءات اللازمة لتنفيذه، وردت كل الالتماسات والاعتراضات ضده.

ويوضح أبو دياب، في حديثه لوكالة “صفا”، أن المشروع الذي سينفذ على مرحلتين، يستهدف تغيير الوجه الحضاري للمدينة المقدسة، وتحديدًا بلدتها القديمة، وإغلاق الأفق أمام المسجد الأقصى، وتشويه المعالم العربية والإسلامية، وإضفاء طابع يهودي مستحدث.

ويضيف أن القطار الهوائي تهويدي بامتياز، سيلتف حول الأقصى من جهتيه الشرقية والجنوبية، وسيبدأ تنفيذه من غربي القدس عند محطة القطار العثماني القديم قرب البقعة”، وصولًا إلى شطرها الشرقي.

ويبين أن القطار يبدأ من أعلى نقطة في جبل الزيتون باتجاه مقبرة باب الرحمة شرقي الأقصى، وصولًا إلى باب المغاربة، حتى مدخل وادي حلوة ببلدة سلوان.

وبحسب المشروع الذي تبلغ كلفته 200 مليون شيكل، فإن “التلفريك” سينقل 3 آلاف مستوطن بالساعة الواحدة، في رحلة تستغرق أربع دقائق في محيط أسواق البلدة القديمة وصولًا إلى حائط البراق.

وتعمل عدة مؤسسات احتلالية على تنفيذ المشروع التهويدي، والمتمثلة في بلدية الاحتلال بالقدس، وما تسمى “سلطة تطوير القدس”، ووزارتي المواصلات والسياحة، وبدعم من جمعية “إلعاد” الاستيطانية.

خنق الأقصى

ومن شأن إقامة “القطار الهوائي” محاصرة وخنق الأقصى، وتغيير الطراز المعماري والحضاري في القدس، والسيطرة على مئات الدونمات من أراضي المقدسيين، كونه سيمر فوق منازلهم، ولاسيما في البلدة القديمة وسلوان، مما سيدفع بالكثير منهم لترك منازلهم.

وبحسب أبو دياب، فإن هذا المشروع يستهدف إحكام السيطرة على البلدة القديمة ومحيطها، ومنع المقدسيين من الانتفاع حتى من أسطح منازلهم، بالإضافة إلى القضاء على الخط الفاصل بين الأراضي المحتلة عامي 1948-1967.

ويبلغ طول القطار 1.4كم، ويشمل مساره أربع محطات رئيسة، أقربها سيكون بجانب باب المغاربة الخارجي، في مدخل وادي حلوة على بعد 20 مترًا من سور القدس التاريخي، ونحو مئة متر عن جنوبي الأقصى.

بينما ستكون المحطة الثانية عند الكنيسة الجثمانية شرق باب الأسباط، أحد أبواب القدس القديمة، وعلى بعد عشرات الأمتار عن شرقي الأقصى ومقبرة باب الرحمة.

وأما المحطة الثالثة، فستكون على جبل الزيتون بجانب فندق الأقواس السبعة، وستنصب المحطة الرابعة بجانب عين سلوان.

ويشير الباحث المقدسي إلى أن القطار سيعمل على مدار 24 ساعة، لتسهيل وصول المستوطنين من غربي القدس إلى البلدة القديمة والأقصى.

الأكثر قدسية

وأما المختص في شؤون القدس جمال عمرو فيوضح لوكالة “صفا”، أن مشرع “التلفريك” سيُقام في منطقة أكثر قدسية وحساسية من حيث المكانة الدينية والتاريخية، وهو المسجد الأقصى.

ويضيف أن هذا القطار التهويدي سيمر فوق سماء الأقصى، وستحمل عرباته آلاف المسافرين اليهود والزوار الأجانب، وأعلام الاحتلال، وسيتم الترويج لروايات تلمودية مضللة، مما يؤدي لتشويه المشهد الحضاري والعمراني التاريخي للمدينة المقدسة.

ويحذر عمرو من أن هذا المشروع سيكون الأشد فتكًا وخطورة على القدس القديمة والأقصى، كونه سيُعرض مشهدهما العام للتغيير والتشويه، كما سيخطف بعلوه وارتفاعه الأبصار عن قبة الصخرة المشرفة والمصلى القبلي ومعالم الأقصى، والبلدة القديمة وأسوارها.

المصدر: صفا