“كان نفسي أضحي هذا العام لكن ارتفاع أسعار الأضاحي أعجزني عن القيام بهذه الشعيرة الدينية”. كلمات يقولها المواطن محمود أدهم من مخيم الشاطئ بغزة بعد أن تنقّل بين مزارع المواشي لشراء أضحية.
ويقول الموظف الحكومي أدهم: “بحمد الله أضحي كل عام، لكن هذا العيد لن أتمكن من شراء الأضحية، فالأسعار فوق المتوقّع، في وقت تزداد فيه الالتزامات البيتية وقدوم موسم المدارس والنفقات المخصصة لها”.
ويضيف: “من كان يتوقّع أن يزداد سعر الكيلو لحصة العجل من 2-3 شيكل، ولو أردت شراء حصة بمجموع 40 كيلو، فإن فرق السعر كبيرًا وهذا فوق طاقتي”.
الحال لم يختلف كثيرًا لدى أبو محمد جودة، إذ عبّر هو الآخر عن استيائه لارتفاع أسعار الأضاحي، متسائلاً: لماذا هذا الارتفاع؟ ولماذا يتحمّل المواطن ذلك؟
ويعتقد جودة أن ارتفاع الأسعار يرجع بدرجة كبيرة إلى “احتكار بعد أصحاب المزارع والتجار لأسعار العجول، في وقت انتظمت فيه أسعار الأعلاف عالميًّا، متذرعين بذلك بأسباب الحرب الروسية الأوكرانية”.
أوضاع صعبة
ويشتكي المواطن محمد اسليم-صاحب مزرعة للماشية-من قلة إقبال المواطنين على شراء الأضاحي مقارنةً بالأعوام الماضية، مرجعًا ذلك لتأخر رواتب موظفي السلطة، وتردي الأوضاع الاقتصادية الصعبة للمواطنين في غزة.
ويوضح اسليم أن ارتفاع أسعار الأضاحي سبب رئيسي في عزوف الكثير من الزبائن لديه لشراء أضحية العيد، مشيرًا إلى أن هذا الغلاء يأتي لسببان ارتفاع أسعار الأعلاف، وارتفاع رسوم نقلها.
وأشار إلى أن العام الماضي كان يتم بيع معظم الماشية في مزرعته، لكن هذا العام لم يبع إلاّ نصف الكمية.
من جهته، يرجع التاجر أحمد أبو جلالة ارتفاع أسعار الأضاحي إلى استغلال بعض أصحاب مزارع العجول والأبقار لحاجات المُضحين، في ظل غياب الرقابة المطلوبة عليهم.
ويؤكد أبو جلالة وجود ارتفاع أسعار ملحوظ على أسعار الأضاحي هذا العام، فبعدما كانت حصة المشترك في أضحية العجل تتراوح من 1300 شيكل-1600 شيكل في أحسن الأحوال، فإنها اليوم تصل إلى 2000 شيكل.
ارتفاع الأسعار
ويرجع المختص بالشأن الاقتصادي سمير أبو مدللة ضعف إقبال المواطنين على شراء الأضاحي لعدة أسباب، أهمها استمرار الأزمة العالمية والحرب الروسية الأوكرانية التي لها علاقة بارتفاع أسعار الحبوب والأعلاف حول العالم، بالإضافة لارتفاع أسعار نقل الأضاحي وشحنها بواسطة السفن.
وقال أبو مدللة في حديثه لمراسل “صفا” إن أسعار الأَضاحي للعجول ارتفع للكيلو الواحد من 2-3 شيكل بمجمل سعر الحصة تصل إلى 1800-2000 شيكل، في حين أن سعر الكيلو ارتفع في الأغنام لنحو 5 شواكل، بمجمل 300-350 دينار للخروف.
ويحتاج قطاع غزة سنويًّا لموسم الأضاحي نحو 15 ألف رأسٍ من الأبقار، و22 ألف رأسٍ من الأغنام، حيث يتم استيراد الجزء الأكبر من تلك الكمية إما من مصر أو “إسرائيل”.
وذكر أبو مدللة أن أوضاع المواطنين بغزة صعبة لظروف الحصار وارتفاع معدلات البطالة والفقر، إضافة إلى أن موظفي الحكومة سواء بغزة أو رام الله مثقلين بالديون والالتزامات نتيجة عيد الفطر الماضي وإقبال هذا العيد، وقدوم موسم المدارس الذي يستأثر الكثير منهم ادخار جزء من الراتب للمصاريف الدراسية.
ويضيف “من يضحي هذا العام هم المقتدرين أو كبار الموظفين أو من يريد اللجوء إلى التضحية عبر التقسيط أحيانا، ونتوقع أن تزيد الفرصة على شراء الأضاحي يوم الاثنين ووقفة عرفة لأن غالبية الموظفين سيتقاضون رواتبهم قبل العيد”.
كما أرجع أبو مدللة ضعف الإقبال على شراء الأضاحي هذا العام إلى خفض طلب الجمعيات الخيرية بغزة على شراء الأضاحي والكميات التي تعتاد أن تشتريها سنويًّا؛ بسبب أن ساحات أخرى باتت أكثر سخونة من غزة، وبحاجة لمساعدات غذائية مثل سوريا واليمين”.
وعلى صعيد الحركة الشرائية التي يعوّل عليها الكثير من أصحاب المزارع من قبل عُمّال الداخل المحتل، قال إنه لن يعول عليهم كثيرًا، حيث أن هناك جزء كبير من العمال لن يشتري الأضحية لخوفهم من عدم تجديد تصاريح أعمالهم في الداخل المحتل.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=142543