حذر مسؤول في السلطة الفلسطينية من مخاطر المشروع الإسرائيلي في بلدة “سبسطية” الأثري شمالي الضفة الغربية، والذي يهدف إلى تهويد البلدة، وفصل مناطق الضفة الغربية عن بعضها البعض وإقامة مستوطنة على الأراضي المصادرة.
وأشار مدير المواقع الأثرية لمحافظات الشمال بالضفة الغربية ضرغام فارس، في حديثه لوكالة أنباء “قدس برس”، إلى أن الحكومة الإسرائيلية خصصت السابع من أيار/ مايو الماضي ميزانية قدرها 32 مليون شيكل (8.8 مليون دولار)، لهذا المشروع الخطير الذي يهدف الى تهويد موقع سبسطية الأثري والذي يتعرض بشكل يومي لاعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين.
وطالب السلطة الفلسطينية بضرورة “تشكيل لجنة حكومية وزارية خاصة بمقاومة المشروع، محددا مهام هذه اللجنة لقطع الطريق على قوات الاحتلال”.
وشدد على أن كل الأراضي الفلسطينية “مستهدفة من قبل الاحتلال الذي يعمل بكل الوسائل على إخلاء سكانها الأصليين، مستدركا بالقول: “لكن ما يميز سبسطية هو أنها تحمل قيمة تراثية عالمية، وأن لها أهمية في الروايات التوراتية والتي رغم تفنيدها بالحقائق التاريخية والشواهد الأثرية، إلا أن الاحتلال ما زال يستخدم تلك الروايات لتشريع وجوده وتكريسه، بل وينظم رحلات دورية لجنوده، كنوع من التعبئة المعنوية من خلال ربط الموقع زورا بروايات دينية أُخرجت من سياقها لتظهر وجود الاحتلال والدفاع عنه كأنه واجب مقدس”.
وأكد على ضرورة “نقض مزاعم الاحتلال ونشر التوعية وتقديم تاريخ سبسطية بأسلوب علمي محايد”.
وقال: “الشعب الفلسطيني هو امتداد للسكان الأصليين منذ العصور الحجرية والذين اختلطوا بعدة شعوب وعدة حضارات من خلال الاحتلالات المتتالية والتنقل والتجارة”
وأضاف: “الحديث عن ديانة يهودية في سبسطية خلال العصر الحديدي فهو حديث توراتي ديني دحضه المؤرخين بالاستناد الى اللقى والشواهد الأثرية”.
وطالب فارس بضرورة “وقوف الجميع عند مسؤولياته حينما نتحدث مشروع كهذا، والابتعاد عن التفرد والاستعراض والجهود المبعثرة، والعمل كفريق واحد تتكامل فيه التخصصات المطلوبة ويعمل الجميع على تنفيذ خطة متفق عليها وكل في مجاله وتخصصه”.
وأكد أن هناك “جهات أساسية رسمية يجب أن تقود التخطيط والتنفيذ، أهمها: وزارة السياحة والآثار، وزارة الحكم المحلي، وزارة العدل، وزارة الخارجية، وزارة الإعلام، ويجب الاستعانة بمن يلزم في الداخل وفي الخارج والتعاون والتنسيق مع المؤسسات غير الحكومية سواء المهتمة بالحفاظ على الموروث الثقافي أو المناهضة للاحتلال، وتزويدهم بالمادة العلمية والإعلامية اللازمة لإيصال صوتنا لكل شعوب العالم”.
ونوه فارس إلى أنه يجب أن تتضمن المهام المنوطة بهذه اللجنة العمل على الحث على تطبيق الاتفاقيات والقوانين الدولية التي تخالفها سلطات الاحتلال بهيمنتها على الموقع”.
وقال: “يهدف المشروع إلى فصل المنطقة المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو عن المنطقة المصنفة (ب)، من خلال سياج أو سور فاصل، والقيام بأعمال تنقيب في الموقع، وتوفير خدمات للزوار ومنها بالطبع تفسير الموقع بعيدا عن الحقائق التاريخية وبما يخدم الأهداف الإحتلالية العنصرية”.
وأضاف: “المشروع يخالف القوانين والاتفاقات الدولية التي تمنع جهة الاحتلال من التنقيب وتغيير واقع المواقع الأثرية في الأراضي المحتلة، مؤكدا أن هذا المشروع يتسبب بأضرار مباشرة تلحق بالموقع الأثري بشكل خاص وبسكان سبسطية بشكل عام”.
وأشار فارس إلى ضرورة أن تكون للجنة “مهام قانونية تعمل على البحث في السبل القانونية وتنفيذ ما يلزم، سواء فيما يتعلق بالقانون الدولي أو توجيه أصحاب الملكيات الخاصة لرفع دعاو قانونية لمحاكم فلسطينية أو خاصة بالاحتلال أو دولية، إضافة إلى مهام إعلامية لحشد الجماهير للاحتجاج على المشروع ومن ضمنهم أصحاب الملكيات الخاصة ويتم استدعاء وسائل إعلام محلية ودولية، وشرح المخالفات القانونية والظلم الذي تمارسه سلطات الاحتلال على الشعب الفلسطيني وتحديدا على أهالي سبسطية”.
وقال: “ممارسات سلطات الاحتلال وتحديدا العمل على فرض هيمنتها على جميع المواقع الأثرية في الضفة الغربية يُعد مخالفا لاتفاقية إعلان المبادئ لعام 1993(أوسلو 1)، واتفاقية طابا الانتقالية لعام 1995 (أوسلو 2)”.
وأضاف:”يعتبر المشروع انتهاكا لكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية في ظل الاحتلال”.
وأكد فارس أن المشروع “مخالف كذلك للاتفاقية الدولية حول أساليب حظر استيراد وتصدير الممتلكات الثقافية لعام 1970، واتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي لعام 1972، وقرارات مجلس الأمن الدولي حول حماية الممتلكات الثقافية وغيرها من القرارات والتوصيات الدولية المتعلقة بالممتلكات الثقافية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وشدد على ضرورة أن تقوم اللجنة بتنظيم “وقفات احتجاجية سلمية تشارك فيها المؤسسات الرسمية والشعبية والفصائلية، وفعاليات ثقافية وفنية مجانية الحضور لتعزيز التواجد الفلسطيني في الموقع”.
وحذر من أن المشروع سيكبد المستثمرين الفلسطينيين “خسائر اقتصادية كبيرة في قطاع السياحة، وتحديدا أهالي بلدة سبسطية من أصحاب المطاعم السياحية وبيوت الضيافة والأكشاك السياحية، لأن المجموعات السياحية سوف تزور الموقع الأثري في المنطقة (ج) وتغادر دون دخول البلدة، وفي المقابل سيعود بفوائد اقتصادية على الاحتلال”.
وقال “ما دمنا على أرضنا ونؤمن بحقنا فسوف ننتصر مهما بلغت قوة هذا العدو ومهما طال الزمن، وهذا الايمان بالحق لابد أن يستند إلى البحث العلمي وإلى الحقائق التاريخية”.
وتُعتبر سبسطية والتي تبعد 12 كم شمال نابلس ذات تاريخ عريق وحضارة زاهرة امتدت لأكثر من 6000 عام، تخللها العديد من الأحداث والوقائع التاريخية الهامة لفلسطين وللمنطقة بشكل عام وأطلق عليها المؤرخون لقب عاصمة الرومان في فلسطين.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=143138