“بيت لحم الجليلية”..قطعة فلسطينية يشوهها الاستيطان منذ العصر البرونزي

عاشت الاستيطان منذ العصر البرونزي وحتى اليوم، لتكون القطعة الفلسطينية الأقدم التي واجهته، حتى يومنا هذا، إنها “بيت لحم الجليلية”.

وتقع بيت لحم الجليلية، في منطقة خصبة بين مرج بن عامر وجبال مدينة الناصرة، وهضاب مدينة شفاعمرو بأراضي عام 1948 المحتلة.

ويعود تسمية “بيت لحم الجليلية” إلى “إله الخبز الكنعاني لحمو”، حسبما يقول المؤرخ والمرشد السياحي فوزي حنا.

وبالرغم من أن أقدم استيطان في أرض فلسطين كان قبيل عام النكبة 1948، وما زال مستمرًا ومتصاعدا حتى اليوم، إلا أن موقع بيت لحم الجليلية، عُرف استيطانًا منذ العصر البرونزي الكنعاني.

تجنب “الضريبة” وبداية الاستيطان

ويقول حنا لوكالة “صفا”: “إنه في الفترة العثمانيّة كانت بيت لحم الجليلية، قرية عربية صغيرة تجاورها قرية أخرى اسمها أم العمَد”.

ويضيف: “وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، استوطن الألمان وكان جلهم من اليهود، أراضي الفلاحين في القرية، وأقاموا عليها أول مستوطنة سنة 1906 أطلقوا عليها نفس الاسم”.

كما أقام الألمان مستوطنة أخرى في “أم العمد” المجاورة لبيت لحم، سنة 1907 وأطلقوا عليها اسم “ڤالدهايم”، والتي تعني عربيًا حديقة الغابة.

وحسب حنا، فإن الألمان، والذين كان معظمهم من اليهود، كانوا قد أقاموا أيضًا مستوطنة في حيفا سنة 1868.

وبالرغم من إقامة الألمان لبيوتهم على أراضي القرية؛ إلا أن الفلاحين بقوا يعملون في أرض القريتين، يزرعونها ويعمرونها، كما كانوا سابق عهد الاستيطان الجديد.

انتقام الانتداب وتكثيف الاستيطان

واستكمالًا لتاريخ الاستيطان المتتالي على بيت لحم الجليلية، يفيد حنا “بأنه في عام 1931 كان نصف السكان من العرب والفلسطينيين، ونصفهم من الألمان الذين جاءوا واستوطنوا المنطقة”.

وحسبه، فإنه “وخلال الحرب العالمية الأولى، حدثت خلافات بين الألمان وبريطانيا التي جاءت وانتدبت أرض فلسطين، ففرضت على أثر الخلاف، القيود على الألمان، ومنعتهم من الخروج من مستوطناتهم ببناء سياج حولها”.

وفي نيسان عام 1948 هُجر أهل القرية من الفلسطينيين الذين كانوا يسكوننها، على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي هذه المرة.

وفي عام 1952 جاءت بريطانيا، بيهود من النمسا، وأسكنتهم في بيوت بيت لحم الجليلية، ثم في ذات العام بدأت المفاوضات بين “إسرائيل” “بصفتها وريثة اليهود وممثلة عنهم”، وبين ألمانيا الغربية “بصفتها وريثة النازيّة المسؤولة عن مذبحة اليهود”، وفق حنا.

ويشير إلى أن المفاوضات تركزت حول “تعويضات للألمان بأرض فلسطين”، واستمرّت عشر سنوات، حتى منحوهم أراضي قُدر ثمنها بـ 13 مليون دولار.

قطعة أثرية مشوهة

ولم يكن استيطان الألمان ويهود النمسا لمنطقة بيت لحم الجليلية وما حولها، ليتركز عليها من فراغ، فقد كانت معروفة بأنها منطقة غزيرة بالمياه العذبة وأرضها خصبة.

وكما يقول المرشد حنا: “كان الهيكليين الألمان قد أقاموا أيضًا في حيفا وڤالدهايم وبيت لحم، مستوطنة أخرى في يافا أقيمت عام 1869، ومستوطنة سارونا في السهل الساحلي والتي أقيمت عام 1871، وفي القدس مستوطنة أقيمت عام1873.

بالإضافة لذلك، أقيمت مستوطنة “كرملهايم” في مركز الكرمل عام 1873، ومستوطنة “ڤلهلما” قرب اللد والتي أقيمت عام 1902.

لكن بيت لحم الجليليّة تميزت عن غيرها، بهندسة القرية ومبانيها الحجريّة المؤلفة من طابقين وسطوحها من القرميد، على جانبي شارع رئيسي.

ويبرز بين بيوت بيت لحم الجليلية، “بيت الشعب الكبير”، الذي أصبح اليوم مخصصًا للقاءات والاحتفالات الإسرائيلية.

كما يتسم مكان بيت لحم، بأنه هادئ وجميل، وفيه خزان ماء مبني من نفس نوع حجر مبانيها، إلا أن ما يشوه هذه القطعة الفنية الأثرية، أن الاستيطان لا زال جاثمًا على قلبها، لتكون ضحية نزاع استيطاني ألماني وإسرائيلي، حتى اليوم.

المصدر: صفا