لم تتخيل عائلة المقدسية نورا صب لبن أن تُطالبها محكمة الاحتلال الإسرائيلي بدفع “تعويضات” مالية باهظة لمن شارك في الاستيلاء على منزلها بالقدس المحتلة وتهجيرها منه بالقوة.
وفي 11 تموز/ يوليو الماضي، استولى مستوطنون بحماية قوات الاحتلال، على منزل عائلة “صب لبن” في عقبة الخالدية بالبلدة القديمة، بعد اقتحامه وإخلائه من أصحابه واعتقال المتضامنين مع العائلة.
وبعد نحو 12 يومًا من الاستيلاء على منزلها، أخرج المستوطنون أثاث العائلة وأمتعتها من المنزل، وألقوه في الطريق.
وفي رسالة وجهتها للمستوطنين من أمام منزلها المستولى عليه، قالت نورا حينها: “أنتم سارقون، ونحن الحق وأنتم الباطل، سأرجع لبيتي ولن أبقى صامتة، سأفضحكم في كل العالم أنكم دولة تدّعي الديمقراطية أنتم دولة سرقة وإرهاب وتطهير عرقي”.
ولم يكتف الاحتلال بتهجير نورا وزوجها مصطفى من منزلهما والاستيلاء عليه، بل طالبها بدفع تعويضات مالية بمبلغ 47,187 شيكل (نحو 13 ألف دولار) لصالح شرطة الاحتلال والمستوطنين.
وبحسب صحيفة “هآرتس” العبرية، فإن محكمة الاحتلال طالبت منذ 10 أيام، عائلة “صب لبن” بدفع مبلغ 17187 شيكلًا لشرطة الاحتلال مقابل 160 ساعة من العمل بالمنزل لتأمين الإخلاء، ودفع 17 ألف شيكل لشركة مقاولات خاصة نفذت الإخلاء، إلى جانب ديون العائلة بأكثر من 13 ألف شيكل للمصروفات القانونية المتعلقة برد دعوى المستوطنين للاستيلاء على المنزل.
عنصرية وإجرام
وبألم يعتصر قلبها، تقول المقدسية “صب لبن”: إن “الاحتلال لم يكتف بإخلائي وزوجي من منزلنا، بل يُطالبنا بدفع مبالغ مالية كبيرة للشرطة والمحاكم، كتعويضات عن تنفيذ عملية الإخلاء”.
وتضيف، في حديثها لوكالة “صفا”، أن “حكومة الاحتلال المتطرفة تتعمد اتباع سياسة عنصرية ممنهجة بحقنا؛ فكما تُطالب بدفع غرامات مالية عن هدم آليات البلدية للمنازل بالقدس، والتي تصل إلى نحو 300 ألف شيكل، تتبع نفس السياسة مع قضية الإخلاء”.
وتشير إلى أن “الاحتلال طالبنا في 15 آذار/ مارس الماضي بتسليم مفاتيح المنزل بسلام، مقابل أن يُسقط عنا دفع 10 آلاف شيكل للمحكمة، إلا أننا رفضنا ذلك، لأن الأرض أرضنا، وليس له أي حق في ذرة تراب واحدة فيها”.
وتتابع “في 11 يوليو/ تموز الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال المنزل، وسلمته للمستوطنين بالقوة، والآن تطالبنا بدفع مبالغ مالية تصل إلى 48 ألف شيكل، لكل من شارك في عملية الإخلاء وتهجيرنا من منزلنا”.
“هذه حكومة إجرام وتطهير عرقي، تضرب بعرض الحائط كل القرارات والقوانين الدولية، وخاصة القانون الدولي، والذي يحظر على الاحتلال إخلاء أي مواطن من أرضه ومنزله”، تؤكد “صب لبن”.
ويفرض القانون الدولي الإنساني حظرًا مطلقًا على الترحيل القسري للمدنيين من الأرض المحتلة أو داخلها، كما يتعين على السلطات المُحتلة أن تضع حدًا لجميع التدابير القسرية، بما فيها عمليات الإخلاء والهدم المزمعة وإجراء التدريب العسكري في المناطق السكنية.
صمود لا يلين
وتؤكد “صب لبن” أن الاحتلال لا يملك ذرة تراب واحدة من العقارات والأملاك والأراضي في البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى المبارك، بل هي ملك للفلسطينيين وحدهم.
وستضطر نورا إلى دفع تلك التعويضات لشرطة الاحتلال والمستوطنين، خشيةً من الحجز على ممتلكات العائلة، ومنعها من السفر وزوجها في حال زاد المبلغ عن 50 ألف شيكل”.
وتضيف “لن يتمكن الاحتلال من تهجيرنا وترحيلنا من أرضنا وقدسنا، ولن يستطيع كسر شوكتنا وإرادتنا، رغم ما نتعرض لها من ضغوطات، سنبقى صامدين ثابتين، وسنرفع صوتنا عاليًا في مواجهة إجراءاته وعنجهيته”.
وتطالب المقدسية المحكمة الجنائية الدولية بالنظر إلى قضيتها، وقضايا الفلسطينيين والمقدسيين، ووقف سياسة الهدم والإخلاء والتهجير القسري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتسعى حكومة الاحتلال- كما تؤكد “صب لبن”- للاستيلاء على المنازل المحيطة بالبلدة القديمة والأقصى، بغية فرض سيطرتها الكاملة على المسجد المبارك وتهويده.
وفي رسالة وجهتها للعالم العربي والإسلامي، تطالب “صب لبن” بالوقوف وقفة حقيقية وجدية إلى جانب المقدسيين والفلسطينيين في مواجهة الإجرام الإسرائيلي والتحرك العاجل لوقف سياسة التطهير العرقي.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=143727