أوقف رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة، وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش عن العمل احتياطيًا، وأحالها للتحقيق، في أعقاب اللقاء الذي جرى بينها وبين وزير الخارجية الصهيوني إيلي كوهين في إيطاليا، والذي أثار ردود فعل ليبية وفلسطينية رافضة وغاضبة.
من جهتها قالت وزارة الخارجية الليبية، في بيان لها، إن اللقاء الذي حدث في روما هو لقاء عارض غير رسمي وغير مُعَدْ مسبقاً، أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي، ولم يتضمن أي مباحثات أو اتفاقات أو مشاورات، بل أكدت فيه الوزيرة ثوابت ليبيا تجاه القضية الفلسطينية بشكلٍ جَليْ وغير قابل للتأويل واللبس.
وأكدت الخارجية الليبية التزامها الكامل بالثوابت الوطنية تجاه قضايا الأمتين العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مشددة على تمسكها بالقدس عاصمة أبدية لفلسطين، كموقف راسخ لا تراجع عنه.
وبينت الوزارة أن الوزيرة نجلاء المنقوش رفضت عقد أي لقاءات مع أي طرفٍ ممثلٍ للاحتلال ومازالت ثابتة على ذلك الموقف بشكل قاطع، ووفقا لنهج حكومة الوحدة الوطنية الليبية، والمواقف الراسخة في وجدان الشعب الليبي.
وقالت الوزارة، إن بيانات الإدانة والرفض المتكررة والصادرة عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي الرافضة للاستيطان الاسرائيلي والاعتداءات المتكررة على المخيمات الفلسطينية والمسجد الأقصى هي تعبير واضح عن موقف دولة ليبيا والوزيرة الثابت من هذه القضايا وعبرت عنه الخارجية الليبية بشكل دائم.
وفي ختام بيانها، جددت وزارة الخارجية رفضها التام والمطلق للتطبيع مع الكيان الصهيوني، مؤكدة موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الشقيق.
رفض واستنكار فلسطيني
حركتا “حماس” و “الجهاد الإسلامي”، عبرتا في بيانات منفصلة، مساء أمس الأحد، عن رفضهم واستنكارهم لقاء وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش بنظيرها الصهيوني إيلي كوهين، مشددين أن اللقاء لا يمثل إرادة الشعب الليبي.
وقال رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية بحركة “حماس” في قطاع غزة، باسم نعيم، إن “هذه اللقاءات وأي أنشطة أخرى تشرعن وجود الاحتلال الإسرائيلي على أرضنا المحتلة مرفوضة ومستنكرة”.
وأضاف “نعيم” أنها تمثل ضوء أخضر للاحتلال من أجل الاستمرار في سياساتها الفاشية وجرائمها الوحشية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، لا سيما في ظل الحكومة الأكثر تطرفًا وعنصرية في تاريخ الاحتلال.
وبيّن أن هذه اللقاءات لا تمثل بالمطلق إرادة الشعب الليبي العظيم، كونه صاحب تاريخ مشرف في الدفاع عن القضية الفلسطينية ومقدسات الأمة.
وأعرب عن التطلعات الفلسطينية إلى موقف ليبي شعبي ورسمي، من أجل وضع حدٍّ لهذه التوجهات “التطبيعية” وأصحابها.
من جهتها، قالت حركة “الجهاد الإسلامي”، إن اللقاء ارتداد خطير عن ثوابت الأمة وسقوط في مستنقع التطبيع الذي يمثل تهديداً لهوية وتعريف منطقتنا العربية والاسلامية.
وأضافت أننا “نثق بالشعب الليبي الشقيق الذي لا يقبل بمثل هذه اللقاءات، وهو شعب حر يرفض التطبيع ولا يخضع للابتزاز السياسي والمساومة على مواقفه الثابتة من القضية الفلسطينية، رغم قسوة الظروف الداخلية التي تمر بليبيا الشقيقة”.
غضب رسمي وشعبي ليبي
وفي أعقاب تصريحات وزير خارجية الاحتلال الصهيوني إيلي كوهين، طالب نواب وأحزاب ليبية بإقالة وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، مؤكدةً رفضها وإدانتها لهذا اللقاء الذي وصفته بـ “المشبوه”، وسط احتجاجات غاضبة في مدن ليبية.
وقال الوزير الصهيوني إنه التقى وزيرة الخارجية الليبية لبحث إمكانات التعاون المشترك، من أجل الحفاظ على التراث اليهودي الليبي الذي يشمل ترميم كنس ومقابر يهودية، وفق زعمه.
وزعم أن اللقاء يأتي كخطوة أولى في إقامة علاقات رسمية بين الطرفين، مضيفًا “حجم ليبيا وموقعها الاستراتيجي، يمنح العلاقات معها أهمية عظيمة وإمكانات هائلة لدولة “إسرائيل”، وفق تعبيره.
وادعى “كوهين” أنه ناقش العلاقات التاريخية بين الطرفين، وسبل التعاون والمساعدات الإسرائيلية في القضايا الإنسانية والزراعة وإدارة المياه وغيرها، على حد زعمه.
من جهته، طالب المجلس الرئاسي الليبي بفتح تحقيق عاجل في ملابسات لقاء وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بنظيرها الإسرائيلي في إيطاليا، وفقًا لوسائل إعلام عربية.
ووصف عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، سعد بن شرادة، لقاء “المنقوش” بأنه “إهانة لكل مواطن ليبي”، مضيفًا “لم يحدث أن تقابل مسؤول ليبي مع مسؤول من الاحتلال الإسرائيلي منذ الاستقلال أي منذ دولة ليبيا الحديثة”.
وشدد “بن شرادة” أن الشعب الليبي الحر لن يرضى بأي شكل من الأشكال بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وفي السياق، قال النائب الثاني في مجلس النواب الليبي مصباح أوحيدة، إن “التطبيع واللقاء مع الكيان الإسرائيلي الإرهابي، جريمة يعاقب عليها القانون الليبي رقم (62 لسنة 1957)”.
وأضاف “أوحيدة” أن هذا اللقاء أمر مرفوض ومستهجن، وسيلحق الخزي والعار كل من فعل هذا الفعل المشين”.
وأكد أن قضية فلسطين ستبقى قضية الأمة الإسلامية والقدس عاصمة لها.
من جانبه، قال رئيس مجلس الدولة الليبي السابق، خالد المشري إن “هذه الحكومة قد تجاوزت كل الخطوط الممنوعة والمحظورة الدينية والوطنية والقانونية، وأصبح من الواجب إسقاطها”.
وذكر رئيس حزب الحركة الوطنية الليبية، مصطفى الزائدي، أن وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش استفزت الشعب الليبي واخترقت مواثيقه الأساسية بلقائها وزير الخارجية الإسرائيلي، في وقت تمارس فيه الحكومة الإسرائيلية العنصرية أبشع أنواع القمع ضد الشعب الفلسطيني وتنتهك فيه حرمة المقدسات.
من جهته، طالب حزب العدالة والبناء الليبي، رئيس الحكومة الليبية بإقالة وزيرة الخارجية فوراً من منصبها؛ لإقدامها على هذا اللقاء المشبوه، مستنكرًا ما أعلنت عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية حول اللقاء.
وقال الحزب إن هذه “الخطوة المسيئة لمشاعر جميع الليبيين تقتضي إيضاحاً وافياً في وسائل الإعلام”، مؤكدًا أنها خطوة خطيرة وتمثل خطاً أحمر يجب عدم المساس به.
وأفادت وسائل إعلام ليبية، باندلاع احتجاجات ضد الحكومة الليبية في مدينة الزاوية، رفضًا للقاء وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بنظيرها الإسرائيلي.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=144183