كيف يكون العمل الخيري في اليمن أكثر شمولية ؟

لحج – وداد ناصر :

نسمع كثيرًا عن أنشطة العشرات من المؤسسات والجمعيات والمبادرات في اليمن، وبخاصة في ظل الحرب، وتزايد حاجة السكان للمساعدات الإنسانية، وتعدد مسميات هذه المساعدات، لكن يبقى هناك سؤال جوهري: هل كل المنظمات والجمعيات والمبادرات التي تعمل في مجال تقديم المساعدة الإنسانية المادية أو العينية والتأهيلية، تعمل بتنسيق يضمن أن يكون هناك شمولية في المساعدات الإنسانية، بحيث تشمل مختلف جوانب حاجات المتضررين من الحرب والمحتاجين في الجانب الغذائي والصحي والإيوائي والنفسي والتعليمي والقانوني والتأهيل وبناء القدرات، أم هناك اهتمام بجوانب دون الأخرى؟ وأين يكمن الخلل؟

تركيز في جوانب معينة

حول قصور العمل الخيري في بعض المجالات في اليمن، ومنها الجانب الصحي، يقول ضابط المشاريع الصحية في مؤسسة ينابيع الخير الخيرية في محافظة لحج، عمار عبده علي أبو سبعة، في حديثه لـ”المشاهد”: إن هناك قلة قليلة من المؤسسات الخيرية والمنظمات الدولية التي تهتم بتقديم المساعدات في الجانب الصحي.

ويضيف أبو سبعة أن هذا القصور ملاحظ بحيث “إنه إذا تم تنفيذ مشروع صحي واحد، تجد المئات من الأشخاص يتوجهون نحو هذا المشروع بتقاريرهم الطبية من أجل مساعدتهم والتخفيف من عبء التكاليف الباهظة للأدوية أو العمليات التي لا يستطيعون توفيرها، وبخاصة مع الظروف المعيشية والاقتصادية الراهنة والوضع المعيشي بعد اندلاع الحرب”.

ويشير إلى أن العمل الإغاثي والإنساني في اليمن يجب أن يشمل كافة المجالات، وبخاصة منها الصحية، حيث أغلب المشاريع إغاثية غذائية، والمجال الصحي حسب تجربته في هذا المجال يحتاج إلى زيادة في المشاريع التي تشمل عمليات العيون وتوفير علاجات مرضى الفشل الكلوي ومرضى سوء التغذية وعمليات القلب والقسطرة، وغيرها من المجالات الصحية، إذ زاد عدد المرضي بسبب الحرب، في ظل تردٍّ في الخدمات الطبية، وارتفاع تكاليف العلاج في المستشفيات الخاصة.

الإغاثة والغذاء

من جهتها، تعتبر زبيدة الزبيدي، وهي تعمل في أعمال مجتمعية مدنية، في حديثها لـ”المشاهد”، أن التركيز على تقديم المساعدات الغذائية بشكل أكبر، جعل الكثير من الأسر تعتمد على هذه المساعدات الغذائية، والمفترض أن يكون هناك عون مباشر للأسر المحتاجة في أن يتم دعمهم بحيث يكون لهم عمل يعود عليهم بالأموال التي تلبي احتياجاتهم الغذائية، وتمكنهم اقتصاديًا على مواجهة الأوضاع المعيشية الصعبة التي أوجدتها الحرب.

شمولية العمل الخيري

عامر الصبري، ناشط مجتمعي، يتفق في حديثه لـ”المشاهد” عن العمل الخيري، مع ما طرحته الزبيدي، حيث يقول: “العمل الخيري في مجال الغذاء لا يكون له الأثر الكبير في تغيير الواقع، وأن من تعطيه شيئًا اليوم كمساعدة، ينتظرك غدًا كي تعطيه، وهذا الأمر يخلق عالة في المجتمع واتكالية بشكل مفرط في انتظار المساهمات الخيرية، أي أنها تكون كمسكنات ألم ينتهي مفعولها سريعًا”.

ويضيف الصبري أن العمل الخيري في اليمن يجب أن يتركز ناحية التنمية المستدامة والتمكين الاقتصادي. مشيرًا إلى أن العمل الخيري في اليمن يغيب عنه مجالات البيئة وحمايتها، حيث إن ما هو حاصل من تجريف للبيئة وغيرها من الأعمال التي تضر بالبيئة الزراعية أو الحيوانية أو البحرية، ينعكس بشكل مباشر على السكان، حيث يتضرر منها الكثيرون اقتصاديًا وصحيًا.

إقرأ أيضاً  وضع الكهرباء الحكومية في عدن

ويتابع أن من الجوانب التي يجب التركيز عليها في العمل الخيري، بناء قدرات الأفراد في مختلف المجالات، من سهولة الحصول على فرص عمل برواتب مجزية داخل اليمن وخارجها في مختلف المجالات المهنية والحرفية والهندسية والتقنية.

ويلفت إلى أن العمل الخيري والإنساني يحتاج إلى أن يكون أكثر شمولية في التنمية والصحة والتعليم والتدريب والتأهيل والتمكين الاقتصادي والبيئة والزراعة.

نماذج لأعمال خيرية نوعية

هناك بعض المؤسسات والمنظمات والجهات تعمل بشكل نوعي في تقديم المساعدات الإنسانية، مثل بنك الدواء اليمني في مدينة صنعاء، حيث يقول د. إبراهيم يحيى الشعبي، مدير البرامج والمشاريع في البنك، إن نشاط بنك الدواء اليمني بدأ منذ تأسس البنك عام 2018، حيث يعمل بشكل طوعي ومنتظم وفقًا لخطط العمل الدورية، والتي تعمل على التوزيع الطارئ للأدوية على مدار العام.

ويوضح الشعبي أن البنك يعمل على إقامة المخيمات “الباطنية/ الجراحية”، وكذلك ينفذ مشروع التوعية والتثقيف بمعدل شهري أو أسبوعي، وفقًا للفعاليات والأيام العالمية التي يشارك فيها البنك.

ويوجه الشعبي رسالة مفادها الترحيب بكل عمل خيري وشراكة لما فيه منفعة الناس، ومساندتهم في ظل الظروف الصعبة، وتوصيل العمل الخيري لكل شخص مستحق، ويأمل من الجميع التكاتف وإيصال مثل هذه الرسائل ودعمها، وعدم الوقوف عقبة في طريقها.

مركز الأطراف الصناعية

المركز العربي للأطراف الصناعية، هو مركز يمني في سلطنة عُمان، يعمل بشكل خيري لخدمة الجرحى اليمنيين المتضررين من الحرب، للأشخاص الذين فقدوا أطرافهم نتيجة الحرب والألغام في المناطق اليمنية، ولعدم وجود مراكز متخصصة ومؤهلة في اليمن، وللكلفة العالية التي يتطلبها مجال صناعة الأطراف الصناعية.

يقول مدير المركز العربي للأطراف عبدالوهاب العامر، إن المركز العربي استهدف خلال السنوات الثلاث الأخيرة، 17 دفعة من الجرحى اليمنيين، وتركيب 1000 طرف صناعي ممن فقدوا أطرافهم في اليمن، منهم أطفال ونساء وكبار سن.

التنمية المستدامة

تعمل مؤسسة التنمية المستدامة ضمن أنشطة برامج التمكين لتطوير مشاريع الشباب وتدريبهم في مجالات التمكين الاقتصادي وريادة الأعمال والمجال التكنولوجي في التسويق الإلكتروني والتجارة الإلكترونية وتصميم المواقع.

وكجزء من الاستجابة الإنسانية لمساعدة المحتاجين، تقوم المؤسسة وقوات الدفاع الذاتي والديمقراطية، بتنفيذ الحماية والمساعدة من خلال تقديم الخدمات في مجالات متعددة، منها الخدمات القانونية كتقديم الاستشارات القانونية، وتسهيلات استخراج الوثائق الثبوتية، وكذلك خدمات إحالة مزودي الخدمات المتخصصين بحسب احتياج الأفراد، والعديد من المجالات والخدمات في حماية الطفل والإيواء.

التمكين الاقتصادي في المجال السمكي والزراعي

مؤسسة التواصل للتنمية الإنسانية، تعمل في التمكين الاقتصادي، وتعزيز سبل العيش، عملت على تمكين الصيادين بتوفير قوارب صيد في محافظة حضرموت، لتعزيز القطاع السمكي، وتمكين الصيادين من الحصول على دخل مستدام.وضمن أنشطة التمكين الاقتصادي والزراعي، عملت المؤسسة على تمكين المزارعين في محافظة لحج، بتوزيع عدد من الحراثات اليدوية للمزارعين، وذلك لرفع مستوى الإنتاج الزراعي.