تطوير الجمعيات الخيرية ..يبدأ من العمل التطوعي

يطرح هذا الكتاب الذي وضعت مادت العلمية: د. أماني قنديل المدير التنفيذي للشبكة العربية للمنظمات الأهلية خلاصة الأدبيات العربية والغربية التي اتجهت نحو تطوير وتفعيل دور المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية ، وهو يمثل دليلاً عمليًا لمواجهة إشكاليات المنظمات الأهلية ، وآليات بناء قدراتها .
 
ويقع الكتاب الذي أصدرت الشبكة العربية للمنظمات الأهلية في 115 صفحة موزعة على تسعة مباحث ، بالإضافة إلى ميثاق الشرف الأخلاقي العربي ، وإعلان الشفافية ، كما يضم قائمة بالمصادر والمراجع العربية ، وأيضاً إصدارات الشبكة العربية .
ويتناول المبحث الأول القيادة في مؤسسات المجتمع المدني ، فيوضح الاختلاف بين القيادة في المجتمع المدني مقارنة مع القيادة في أي موقع آخر ، فالقيادة هنا قيادة طوعية لا يصدر بها قرار رسمي، لأنها إفراز مجتمعي ونتاج إدراك قضايا مجتمعية .
ونموذج القيادة الفاعلة في المجتمعات العربية يحتاج لتوافر مجموعة من السمات مثل وجود رؤية نقدية لأوضاع المجتمع ، ونزعة لإجراء التغيير الذي يقوم على الإبداع والابتكار ، والتحلي برؤية تنموية واضحة ، وقناعة لدور المجتمع المدني العربي في الإسهام في عملية التنمية والتحلي بالشفافية واحترام المواثيق الأخلاقية .
والمبحث الثاني يختص بالحكم الصالح . وقد لاقى مفهوم الحكم الصالح اهتماماً واسعاً منذ بداية تسعينيات القرن الماضي ، وقد ارتبط هذا المفهوم بأطروحات الإصلاح العربي من جانب الحكومات وأيضاً من جانب المجتمع المدني . والفكرة الأساسية التي يطرحها المفهوم هي تحقيق الكفاءة والفاعلية لكل المنظمات استناداً على أركان ثلاثة هي: توافر قواعد قانونية واضحة تطبق على الجميع بمساواة ، وتوافر مبادئ الشفافية والمساءلة ثم احترام الممارسة الديمقراطية.
أما المبحث الثالث ، فهو عن تفعيل دور المتطوعين ، إذ يواجه العمل التطوعي إشكاليات كثيرة ، كما تشير لذلك نتائج الدراسات الميدانية ، ذلك أن مشاركة المتطوعين في العمل الأهلي محدودة ، وكذلك مشاركتهم في صنع وتنفيذ السياسات. ولا توجد مراكز للتطوع ، كما لا يتوافر أي تدريب للمتطوعين ، إضافة إلى ذلك ضعف الوعي العام بقيمة التطوع. لذلك هناك دورًا رئيسيًا يجب أن تقوم به مجالس إدارات المنظمات لتعبئة المتطوعين ، وإعطاء التطوع مساحة أكبر من الأهمية والاهتمام بالمثل ، كما تعطي أهمية قصوى لتنمية الموارد المالية وجذب الأموال ، لذلك لابد من التخطيط لتعبئة متطوعين ، وتعميم وظائف وأعمال لهم ، ووضع ميزانية مناسبة لإدارة عملية التطوع.
التخطيط الاستراتيجي
أما المبحث الرابع فهو عن التخطيط الاستراتيجي ، والتخطيط الاستراتيجي يعد مسئولية أساسية لمجالس إدارات المنظمات الأهلية بالتعاون مع المدير التنفيذي في حال وجوده ، ويهتم التخطيط الاستراتيجي بالقضايا الإستراتيجية وسماتها ، وهي التي تهدف إلى سد الفجوة بين رؤية المنظمة لما تريد أن تفعله وما هو عليه الحال في الواقع. وإحداث التغيير يعد فكرة محورية في التخطيط الاستراتيجي ؛ لذلك يتم انتقاء القضايا الاستراتيجية وتعد مشروعات للتغيير وذلك بشرط أن تكون لهذه المشروعات أولوية لدى المنظمة وأن ترتبط بسياساتها وبرامجها.
والمبحث الخامس هو تطوير فاعلية مجلس الإدارة ، وهو يرتبط إلى حد كبير بعناصر الحكم الصالح. ولكن يضاف إليه بعدًا آخر مهم وهو التقييم الذاتي ، ذلك أن التقييم الذاتي لمجلس الإدارة يكون له إيجابيات كثيرة، وهو ينصب أساسًا على مراجعة ما تحقق في المؤسسة ومراجعة رسالتها ، ويتم ذلك من خلال ورش عمل تدريبية وعقد اجتماعات مع فرق العمل.
تقييم الأداء
والمبحث السادس يتعلق بتقييم أداء مؤسسات المجتمع المدني ، ويعني التقييم بالكشف عما إذا كانت المنظمات أو البرامج تقوم بتحقيق الأهداف التي صممت من أجلها، لذلك فالتقييم قد يتوجه للمنظمة ككل أو لأحد البرامج والمشروعات ، وهناك عدة خطوات يتطلبها التقييم وهي إرساء الأهداف والإطار المرجعي الذي سيتم التقييم بناءً عليه ، وتحديد المؤشرات المطلوبة ، ومصادر المعلومات ، وتحليل البيانات وصياغة سيناريوهات مستقبلية وتبني برنامج عمل. ويرتبط التقييم بالتخطيط الاستراتيجي فهو مرحلة سابقة على التخطيط ، كما أنه الأسلوب الوحيد المتاح للتعرف على رأي المستفيدين في الخدمة التي تقدمها المنظمة.
والمبحث السابع عن السياسة المالية والشفافية ، ولا تعني السياسة المالية إعداد الميزانيات أو الإدارة المالية ، وإنما تؤكد على توافر مبدأ الشفافية في السياسة المالية للمنظمة ، وهناك مبادئ ثلاثة تقود مجلس الإدارة فيما يخص السياسة المالية وهي : الولاء وذلك بما يعني التأكيد على تحقيق صالح المنظمة على أفضل وجه من جانب مجلس الإدارة وتجنب التعاملات التي قد يكون منها ربح لأحدهم. والمبدأ الثاني هو الحرص ، ويقصد به استيعاب التقارير المالية والمشاركة في كل المسئوليات المالية لمجلس الإدارة ، أما المبدأ الثالث فهو الامتثال، ويعني التمسك بجميع القواعد القانونية كالنظام الأساسي واللائحة التنفيذية واللوائح المالية للمنظمة.
وهناك مجموعة من الخطوات الرئيسية لتطوير صياغة وتنفيذ السياسة المالية للمنظمات ، وهي ترتبط بالتوافق مع رسالة المنظمة وأهدافها ، وتقسيم مسئوليات الإشراف المالي على الأعضاء مع تحديدها بوضوح وأيضاً توظيف الموارد بأسلوب استراتيجي .
والمبحث الثامن عن التشبيك وبناء الشراكة لتفعيل مؤسسات المجتمع المدني ، ويركز هذا المبحث على مفهومين أساسيين يعدا مدخلاً لتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني ، والمفهوم الأول هو التشبيك والثاني بناء الشراكة .
ويعكس التشبيك مجموعة من الأنشطة التي تقوم بها المنظمات الأهلية لتحقيق التضامن والتساند بين بعضها البعض ، كما أن التشبيك يعد آلية للاتصال والتواصل ، ويعكس التعاون بين المنظمات وهو ما يقوي من قدرات المجتمع المدني كما يساعد على التأثير في السياسات العامة .
مفهوم الشراكة
أما مفهوم الشراكة فيقصد به بناء الشراكة بين أطراف ثلاثة ، هي الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص ، في إطار من المساواة ؛ حيث يكمل كل طرف الأطراف الأخرى من الشركاء بما يؤدي إلى تعظيم المردود من الشراكة سواء على المستوى البشري أو المالي أو الفني ، كذلك فإن لشراكة تزيد من تعميق مبدأ المسئولية الاجتماعية لدى كل الشركاء .
المبحث التاسع يتناول الموجهات والمبادئ الأخلاقية ، والملاحظ هو تنامي الاهتمام بتأصيل الموجهات والمبادئ الأخلاقية وتبدو مظاهر هذا الاهتمام في تأسيس العشرات من مفاهيم البحث الأخلاقية ، وظهور العديد من مواثيق الشرف الأخلاقية ، وعقد منتديات ومحافل للحوار بين مؤسسات المجتمع المدني فيما يتعلق بالأديان والحضارات ، وأيضاً تأسيس جمعيات ومنظمات عالمية تهتم بوضع مواثيق شرف أخلاقية .
أما المبادئ التي تحرص مواثيق الشرف الأخلاقية على إبرازها فهي تحقيق النفع العام، وعدم ربحية المنظمات ، وشفافية العلاقة بين المنظمات والجهات المانحة ، وضمان الممارسة الديمقراطية .