كتاب : كيف ندافع عن العمل الخيري في مواجهة الاتهامات الخاطئة
تتلاحق الاتهامات الغربية ضد العمل الخيري الاسلامي بالارهاب ، وكلما خمدت نار الاتهامات ، اشتعلت مرى أخرى بلا أسباب واضحة ، ويقف المهتمين بالعمل الخيري والعاملين به في موقف المدافع أمام هذه الاتهامات.
وفي كتابه الهام "القطاع الخيري ودعاوى الإرهاب" يشخص د. محمد بن عبد الله السلومي جوانب هذه الحملة العدوانية ويبين دوافعها وأهدافها على ضوء دراسة الأبعاد التاريخية العقدية لأمريكا. وهذا الكتاب – الذي قدم له معالي الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي- يعد بحق دراسة علمية وثائقية تؤكد أن الحملة الأمريكية الدولية لا تعدو أن تكون حرباً نفسية إعلامية ،تفتقد لأبجديات الدليل والتوثيق، وترمي لتحقيق أهداف غير معلنة ولكن تكاد تكون واضحة.
أهمية العمل الخيري
ويقول المؤلف إن العمل الخيري الإسلامي شيءٌ أساسي في الإسلام ، وليس أمراً ثانوياً ، وليس معّرةً تنكره ، أو تهمة تدفع ، فكما أن المسلم مطالب بالركوع والسجود والعبادة ، فهو مطالب بفعل الخير بل وبصفة جماعية مؤسسية ، وقد ورد فعل الخير بسياق قرآني قبل الجهاد في سبيل الله في قوله تعالى : ﴿يأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون * وجاهدوا ﴾ [ الحج :77 ، 78 ] ، كما أمر ـ سبحانه وتعالى بالدعوة إلى فعل الخيرات إضافة إلى فعله ﴿ ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ﴾ [ آل عمران : 104 ] ، وربط سبحانه بين أداء الصلاة حقاً لله، وإطعام المساكين حقاً للضعفاء فقال تعالى : ﴿ ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين﴾[ المدثر : 42 ـ 44 ] ، ﴿ أرأيت الذي يكذب بالدين * فذلك الذي يدع اليتيم * ولا يحض على طعام المسكين﴾ [ الماعون : 1 ـ3 ] فالأهمية تأتي من حيث القيمة الذاتية للعمل الخيري إفادة واستفادة وما يترتب عليه كذلك ، لأن العمل الخيري جزء من عقيدة وعبادة الأمة ، ومنه ما هو فرض عين ، وما هو فرض كفاية ، وما هو واجب ، وما هو مندوب ، ولا يمكن للأفراد أو الأمم أو المؤسسات أو الدول أن تهمش هذا العمل الجليل أو تتخلى عنه وهو جزء من دينها وعقيدتها وعبادتها.
ويضيف أن نجاح العمل الخيري ومؤسساته يعتبر مقياساً وتقويماً لمستوى الأمم والأفراد والدول ، وعاملاً من عوامل التوازن والتكامل بين الأغنياء والفقراء سواء كانوا أفراداً أو جماعات أو دولاً ، كما أنه يعتبر صمام أمان وأمن وقائي بين المجتمعات والدول ، وبين الدول ذاتها ؛ حيث يساعد على تقليص الجريمة ، ونزع مخالب الشح والتحاسد من الأفراد والمجتمعات ، وبالتالي تعود ثماره على القاصي والداني ، بل حتى على أمريكا ذاتها ،؛ والتي رفعت راية الحرب عليه ، كما يحقق العمل الخيري من خلال برامجه وأعماله ما تعجز كثير من البرامج السياسية والعسكرية للدول عن تحقيقه.
ويؤكد المؤلف أن العمل الخيري ومؤسساته الناجحة يعتبر من أهم مقومات نجاح الإدارة للدولة الحديثة ، فقد أصبح عند دول الشمال وبعض دول الجنوب والأمم المتحدة يعتبر القطاع الثالث من قطاعات التنمية ؛ بحكم ما يترتب على فعالية هذا القطاع من توازن سياسي واقتصادي واجتماعي ، وكبح لجماح القطاع العام (الحكومي) والقطاع الخاص (التجاري) حيث يشكل العمل الخيري مقوماً أساسياً من مقومات توازن ونجاح المجتمع والدولة بتواجد وقوة (مؤسسات المجتمع الأهلي).
مؤسسات للدفاع
ويؤكد د. محمد بن عبد الله السلومي أن العمل الخيري بحكم ما سبق يعتبر من خطوط الدفاع الأولى للدول والأمم ، والإجهاز على هذا الخط الدفاعي بحملات التشويه والتشكيك أو الإضعاف والتحجيم ؛ يعتبر إجهازاً على أهم قوة من القوى المساندة لأي دولة ولأي مجتمع ، والحملة بهذا وذاك تعتبر بحق حملة على قضية عامة تشترك في غرمها كل القطاعات الثلاثة من قطاعات التنمية (القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع الخيري)، كما أنه للأسف لا توجد مجالس أو هيئات عليا خيرية أهلية قوية على مستوى العالم العربي أو حتى دول الخليج ، تدافع عن المؤسسات بقرارات وإجراءات ومؤتمرات ودراسات لحماية العمل الخيري ، وممارسة الضغط الكافي على منابع تلك الحملات ؛ وذلك على غرار المجلس الأوربي للعمل الخيري الذي تمت ولادته مع الوحدة الأوربية الاقتصادية والاتحاد الأوربي السياسي ، ويسمى المجلس (CEDAG) المتخصص بدعم وحماية العمل الخيري ومؤسساته ، أو على غرار ما هو موجود في أمريكا ، كمجلس الرابطة الأمريكي لتنمية الموارد والوقف الخيري . (AAFRTP) ، والقطاع المستقل (IS) وغيرها من المجالس واللجان العليا .
مشيرا الى أن مؤسسات العمل الخيري تعتبر حقاً عاماً ، لها شخصيتها الاعتبارية ، ولها قوتها الشرعية التشريعية والقضائية ، كما أنها تمثل وتحقق أسمى وأنبل حق من حقوق الإنسان المعطي والآخذ بحكم رسالتها في التمكين لكل إنسان من الحياة الكريمة .
وفي ختام كتابه يقول د. محمد بن عبد الله السلومي إن عدم تجاهل الحملة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية على المؤسسات الخيرية الإسلامية أمر أصبح في غاية الأهمية ؛ لأن أعمال المؤسسات والحملات الإعلامية عليها ليست سراً من الأسرار ، وليست قضية خاصة أو مؤقتة أو طارئة ، وكل ذلك يستوجب العمل والإسهام في دراسة واستقصاء الدوافع والأسباب ؛ فالتشخيص نصف العلاج إن لم يكن كله ، خاصة أن الحملة على المؤسسات الخيرية تعدت إلى كل ما ارتبط بها من مصارف وبنوك إسلامية ، وشخصيات محسنة ، ومؤسسات خيرية مانحة ، وطالت معظم ـ إن لم يكن كل ـ الدول ، ولم تقتصر على نوع دون آخر ؛ فشملت الإغاثية والدعوية والتعليمية والعلمية ، حتى كأن الحملة أصبحت توحي بأن إضعاف أو تحجيم المؤسسات هدف بحد ذاته . في حين أن الشواهد تقول إن هذه الحملة لا تصح.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=68486