مرضى زراعة الكلى بغزة.. 3 أشهر بلا أدوية وسوق سوداء تستغلّهم

مرّت تسعون يومًا بلياليها على المريض أشرف زنداح ولا يزال ينازع في سبيل ألا يعود للانضمام إلى طوابير مرضى غسيل الكلى، بمحاولة توفير الأدوية اللازمة لحماية كليته الجديدة التي زرعها قبل عام ونصف، بعد أن انقطعت هذه الأدوية في مشافي وصيدليات قطاع غزة.

سوقٌ سوداء قصدها زنداح وأربعة مرضى أخرين لزراعة الكلى من أجل شراء الدواء بعد انقطاع كل السبل والمحاولات لتوفيرها من قِبل وزارة الصحة، والتي بدورها أعطتهم مواعيد عديدة بوصولها إلى القطاع دون أي جدوى على أرض الواقع.

“أصبحت أشتري دوائي بـ600 شيكل وأقل من العيار المفترض لحالتي، وبعض الصيادلة عرض عليّا كل 20 حبة بمبلغ 100 دولار”، يقول زنداح البالغ (34 عامًا).

ويضيف في مناشدة رفعها عبر وكالة “صفا”: “أنا مريض كلى منذ 4 سنوات وأجريت عملية زراعة قبل سنة ونصف، واليوم صحتي تتدهور بسبب عدم توفر أدوية مرضى زراعة الكلى منذ أكثر من ثلاثة أشهر، فأنا أحتاج كل يوم 4 حبات دواء واشتريتً الدواء بمبلغ 100 دولار وفيه 20 حبة فقط تكفيني لخمسة أيام”.

حاول زنداح توفير الدواء من مصر بشراء “كرتونة” وهي تحوي 20 شريط وسعّرها لتصل إلى 500 دولار، لكنه اصطدم بعدم وجود شخص مستعد لنقلها إلى غزة.

ومن العادة أن يحصل مرضى الكلى والسرطان على أدويتهم من مشافي قطاع غزة مجانًا، حيث توّفر الصحة نصف الكمية التي يحتاجونها شهريًا.

انقطع في السوق السوداء

عدد من الصيادلة استغلوا انقطاع الدواء خلال الفترة الماضية وباعوه للمرضى بأضعاف ثمنه، لكن معظم الأدوية المتوفرة لديهم نفُدت.

يقول زنداح من سكان مدينة غزة: “كنت أنا وأربعة من المرضى الذين زرعوا كلى معي وعرفتهم في مسيرة المرض والعلاج، نوّفر الدواء ونعير بعضنا البعض، اليوم أصبح رصيدنا من الدواء صفر لأن معظم الصيادلة الذين كانوا يبيعونها قالوا إن الكميات انتهت”.

قبل نحو أسبوع توجه زنداح إلى وزارة الصحة بغزة وقصد مسئولًا فيها “إداري” وأفاده بأنه من المقرر أن تصل الأدوية إلى غزة الأحد المقبل، ولكن زنداح يقول: “توجهت اليوم لكن دون جدوى كالعادة أعطونا مواعيد كثيرة ولم يصل الدواء”.

ويهدد عدم توفير الدواء إلى اليوم، الوضع الصحي لمرضى الكلى في القطاع، ومرور أيام قليلة قادمة كفيلة بضرب الكلى الجديدة التي زرعها زنداح وأمثاله.

وإضافة لعدم توفر الأدوية انقطع تحليل “البرغراف” الخاص بمرضى زراعة الكلى أيضًا، والذي يتم إجرائه للاطمئنان على نسبة البرغراف في الدم وتحديد الدواء اللازم للمريض، حتى يثبط المناعة وبالتالي يزيد من استمرار فرص نجاح زراعة الأعضاء.

يقول زنداح مناشدًا وزارة الصحة: “إن لم يتوفر لي الدواء ستضرب كليتي وأعود لمعاناة غسيل الكلى، وأناشد الوزارة التي حتى لم تتحدث عن معاناتنا ولم تخرج كالعادة لتناشد بتوفير أدويتنا، أن تقف عند مأساتنا وتنقذ حياتنا وتوّفر أدويتنا في أقصى سرعة”.

“خارج الإرادة”

أما وزارة الصحة فقالت إن صنفًا واحدًا من أدوية مرضى زراعة الكلى مفقود منذ شهر، مشيرًة إلى أن عدم توفره “خارج إرادة الوزارة بسبب تأخر الشركة الموّردة في توفيره لكونه يحتاج إلى فترة لتصنيعه”.

وأكد مدير دائرة المستودعات في الوزارة بغزة ذكري أبو قمر لوكالة “صفا”، “عدم توفر الدواء أيضًا في مؤسسات القطاع الخاص والصيدليات”.

وأشار إلى أن “الوزارة حاولت توفير الصنف المقطوع- وهو ميكو فيوليت- عبر جهات متبرعة، وتم توفير كميات قليلة منه الشهر المنصرم لبعض المرضى للتخفيف من معاناتهم والحيلولة دون تدهور صحتهم على الأقل”.

وأوضح أن الوزارة بغزة حاولت توفيره من خلال التواصل مع الوزارة في رام الله لحين وصول الكميات اللازمة للمرضى عبر الشركة الموّردة، “لكن صحة رام الله أكدت أيضًا أنه لا يتوفر لديها الكميات اللازمة وأنه غير متوفر في الضفة”.

وكشف أبو قمر عن أنه “من المقرر أن يتم توريد الدواء يوم الأربعاء المقبل، وتوفيره في مشافي القطاع يوم الخميس”.

ويبلغ عدد مرضى الكلى في قطاع غزة 800 مريض يُعانون من الفشل الكلوي، ويُجرون عمليات غسيل لمدة 3 مرات أسبوعياً، وهم يعانون من مضاعفات صحية بسبب تردي الوضع الصحي وانقطاع الأدوية الخاصة بهم بين الحين والأخر.

المصدر: صفا