لم تكن مصادفة، الصورة تتكرر، الارتقاء بذات الطريقة، الاستشهاد برصاصة أو خوفا، فقبل اثنين وعشرين عاما استشهد محمد الدرة في حضن والده أمام كاميرات المصورين، وبالأمس لحقه ريان ابن السابعة، من بيت لحم، خوفا من مشهد الجندي الذي يلاحق طفلا في وسط دوامة الإرهاب الصهيوني التي تعيشها الضفة، ولطالما كان استهداف الأطفال بالقتل والاعتقال والرعب جزءا من سياسة ممنهجة لدى الاحتلال.
ريان سليمان هرب إلى البيت خوفا من الجنود الذين يلاحقونه، دون أن يستطيع عقل بشري أن يجد سببا يتبع لأجله جنود بعتادهم طفلا في السابعة من عمره! التفت ريان إلى حيث يقف الجندي في قعر منزله، وسقط خوفا بعد أن توقف قلبه.
في آخر أكتوبر سيكمل ريان عامه الثامن، ولن يحتفل بيوم ميلاده، تاركا خلفه كتبه المكتوب على أحدها “أحب وطني” وجدت في حقيبته، جملة تهجاها حرفا حرفا، وكتبها بإصرار الطفل الفلسطيني.
يقول والده ياسر سليمان: “لقد رأيت الجنود وهم يركضون وراء الأطفال، دقوا على باب البيت وطلبوا مني اعتقال أبنائي، ونزل الأبناء، بينما ريان بقي في البيت وركض من الباب الداخلي، حينما لحقه الجنود وسقط ريان شهيدا بسكتة قلبية جراء الخوف والرعب”.
نفذت قوات الاحتلال جريمتها التي يشهد عليها العشرات، ووجهت الاتهام للفلسطيني، بل لم تخجل من توجيهه لطفل في عمر الثامنة وجعلوا من إلقاء الحجارة مبررا لما فعلوه، حتى لو كان بث الرعب في قلب طفل.
شيع ريان بعد صلاة ظهر الجمعة من مستشفى بيت جالا الحكومي إلى منزل العائلة في بلدة تقوع وقد قال عائد أبو قطيش مدير البرامج في الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال: “دخل الجنود المنزل بهدف اعتقال شقيق ريان الأكبر، وحينما شاهد الطفل الجنود مات رعبا، ويبدو أن هناك سياسة بث الرعب في قلوب الأطفال”.
ويضيف: “قبل أيام اقتحم الجنود مدرسة وحاولوا بث الرعب في قلوب الأطفال، وسنويا هناك جرائم قتل بحق 100 طفل فلسطيني في العام الواحد دون أن يكون للعالم كلمة حكما في ذلك”.
الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، دعوا إلى فتح تحقيق فوري، كأسطوانة يرددونها كل يوم، وهم يعرفون أن هذا الكيان الذي يدعمونه منذ 74 عاما لم يسبق أن أجرى أي تحقيق عادل في جرائمه بحق المئات من أطفال فلسطين منذ محمد الدرة إلى ريان سليمان!!
الكاتب أحمد النجار يقول إن الأطفال كانوا مستهدفين بالدرجة الأولى منذ اليوم الأول للاحتلال، و بهذه العقلية قتل منذ عام 2000 حتى اليوم، نحو 2200 طفل فلسطيني، إذ وثقت منظمة أمريكية إعدام 78 طفلا فلسطينيا في عام 2021، منهم 61 طفلا أعدموا في قطاع غزة، و17 في الضفة المحتلة.
ويضيف الكاتب:” هؤلاء الأطفال لم يشكّلوا أي تهديد على الاحتلال، إلا ضحكاتهم البريئة التي أغاظته وجعلته يخشى من مستقبل هذا الجيل الناشئ الواعي الذي يؤمن بالقضية وبزوال كيانه”.
المصدر: الرسالة نت
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=137157