فنانون عالميون في مواجهة الرواية الإسرائيلية الزائفة

نجوم مشرقة ولامعة في سماء السينما والغناء والموسيقى والإبداع العالمي والإنساني.

وبينما تشع أضواء الكاميرات وفلاشات المصورين وأصوات المخرجين لبدء دوران الكاميرا، يقف ثلة من نجوم السينما العالمية مع إنسانيتهم، ومع ضمائرهم اليقظة التي ترفض أن تنام تحت ركام وغبار الدعاية الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، من بينهم من يسطعون باستمرار.

مارك رافالو

يعرفه المشاهدون بشخصيته السينمائية “هلك الخارق” في سلسلة “المنتقمون”، فرغم أنه جسد عشرات الأدوار السينمائية ببراعة متناهية، فإنه في الواقع متواضع جدا ومحب للعائلة والأسرة، هو رجل لا ينكر فضل زوجته الممثلة سونريس كويغني عندما يتحدث عن البطل الحقيقي في حياته.

ولد مارك رافالو عام 1967 بمدينة كينوشا بولاية ويسكنسن في حي فقير لأسرة بالكاد تمتلك المال. نشأ مارك معظم سنوات مراهقته في فيرجينيا ثم انتقل مع عائلته إلى سان دييغو، وبعد إنهاء الدراسة الثانوية درس روفالو الموسيقى.

ورغم أن عائلته لم تؤازره في رغبته أن يصبح ممثلا، فإنه ثابر وتدرب على التمثيل وكتابة السيناريو والمسرحيات.

في حواره مع إحدى المجلات المهتمة بالسينما، قال إنه حضر أكثر من 800 تجربة أداء قبل أن يتم قبوله لأول دور كبير له.

وفي قمة نجوميته وإقبال شركات الإنتاج عليه، فإنه حدث منعطف كبير في حياته إذ إنه أصيب بورم في المخ ولم يخبر أحدا عن حقيقة مرضه حتى زوجته التي كانت في انتظار مولودهما الأول.

وبعد العملية الجراحية أصيب بشلل جزئي وبالصمم إلا أنه لم ييأس وحافظ على توازنه النفسي وواظب على العلاج وممارسة الرياضة، وبالتدريج عادت الأمور إلى نصابها وعاد مارك روفالو للأضواء ودخل أستوديوهات هوليوود ثانية.

رشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد، ولجائزة الإيمي لأفضل ممثل رئيسي عن دوره في فيلم “القلب العادي”.

وحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان صندانس السينمائي عن دوره بفيلم “إيندي اللذيذ” عام 2010، كما أنه رشح لجائزة أفضل ممثل مساعد بمهرجان البافت.

مارك رافالو متضامن شهير مع الشعب الفلسطيني ولا يترك مناسبة إلا ويستغلها للتعبير عن مواقفه التي كانت أكثر وضوحا في محنة حي الشيخ جراح بالقدس وقصف قطاع غزة حين دعا إلى فرض عقوبات على الاحتلال.

ودعا رافالو متابعيه عبر حسابه على “تويتر” إلى التوقيع على عريضة تطالب بفرض عقوبات على الاحتلال وحماية منازل أهالي حي الشيخ جراح.

وسبق له أن اتهم دولة الاحتلال بالفصل العنصري والانخراط في “حرب غير متكافئة” ضد الفلسطينيين.

وقبل أيام نشر في صفحته على “تويتر” صورة للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام متضامنا معهم مع تعليق يقول: “نداء من أجل العدالة.. 30 سجينا فلسطينيا يخوضون معركة الجوع ضد التوقيف الإداري الإسرائيلي.. أطلقوا سراحهم”.

سوزان سارندون

إحدى الفنانات المحترمات في هوليوود، فنانة مخضرمة مع مهنة تمتد على مدى أربعة عقود. وهي ناشطة معروفة وعملت كسفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة اليونيسف. كما أنها داعمة بنشاط في القضايا السياسية التقدمية والليبرالية اليسارية.

ولدت في مدينة نيويورك عام 1946. وكانت الابنة الأكبر بين تسعة أطفال لأب ذي أصل إنجليزي وإيرلندي عمل مسؤولا تنفيذيا في مجال الإعلانات، ومنتجا تلفزيونيا، ومغنيا سابقا في مقهى، ولأم من أصول إيطالية.

والتحقت سوزان سارندون عام 1964 بالجامعة الكاثوليكية الأمريكية وحصلت على درجة البكالوريوس في الفن المسرحي.

ترشحت خمس مرات لجائزة الأوسكار كأفضل ممثّلة وتمكنت من الفوز بها عام 1995 عن دورها في فيلم “رجل ميت يمشي”، كما أنها حصلت عن نفس الدور على جائزة نقابة ممثلي الشاشة عام 1995 لأفضل ممثلة، وحصلت على جائزة الأكاديمية البريطانية لفنون الفيلم والتلفزيون 1995 لأفضل ممثلة عن دورها في فيلم “الزبون”. وفي رصيدها السينمائي باقة من أجمل أفلام هوليوود.

 وتواصل ساراندون، دعم الشعب الفلسطيني وإدانة الاحتلال الإسرائيلي لأرضه، عبر تغريدات، منها ما تزامن مع “يوم السكان الأصليين” في الولايات المتحدة الأمريكية، حين نشرت عبر حسابها على “تويتر”، صورة تقارن مساحة الأرض التي استولى عليها مستوطنون يهود في فلسطين بين عامي 1918 و2021، وأخرى في الولايات المتحدة انتزعت من سكانها الأصليين بين عامي 1492 و2021.

ونشطت ساراندون خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، وغردت قائلة: “هذه ليست اشتباكات، هذه قوة عسكرية فائقة التسليح تقتل مدنيين لسرقة منازلهم. هذا احتلال واستعمار”.

وكتبت في تغريدة أخرى: “أساند الشعب الفلسطيني الذي يقاتل ضد حكومة الفصل العنصري، أنا أيضا أؤيد بيلا حديد، لامتلاكها الشجاعة للتضامن مع شعبها”، وسط حملة رسمية شنها الاحتلال الإسرائيلي على العارضة الأمريكية من أصول فلسطينية بيلا حديد، لمناصرتها القضية الفلسطينية.

وغردت ساراندون تضامنا مع حي الشيخ جراح في القدس المحتلة قائلة: “أنا مع الشعب الفلسطيني الذي يواجه التطهير العرقي والترهيب على أيدي الحكومة الإسرائيلية ومنظمات المستوطنين اليهود. العالم يشاهد”.

وعلقت على “تويتر” حول اغتيال شيرين أبو عاقلة قائلة: “تمت تصفية شيرين أبو عاقلة برصاصة في الرأس من قبل قناصة إسرائيليين وهي ترتدي خوذتها وسترتها الواقية من الرصاص وعليها شارة صحافة، وقالت: “إلى متى سنستمر في صمتنا؟”.

روجر ووترز

جداران، الأول ألبوم غنائي وموسيقي صدر عام 1979، والثاني جدار الفصل العنصري في فلسطين عام 2002، وبينهما يقف المؤلف والموسيقي والملحن والمغني البريطاني روجر ووترز، الذي يلامس حدود الكمال الفني والإنساني.

تشرب روجر، المولود عام 1943 في غريتهام، شرق ميدلاندز في بريطانيا، القيم في مرحلة مبكرة من حياته، فقد كان جده مدافعا عن حقوق العمال، فيما كان والده من الطبقة العاملة.

أسس فرقة بينك فلويد عام 1965 مع زميله في المدرسة الثانوية سيد باريت، وزميله نيك ميسن، وريتشارد رايت زميله في كلية الهندسة في لندن.

ولم تكن “بينك فلويد” فرقة عادية فقد تمكنت أربعة ألبومات لها من تزعم قائمة الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وباعت الفرقة أكثر من 250 مليون تسجيل حول العالم، وتصدر ألبوما “The Dark Side of the Moon” و”The Wall” قائمة أفضل الألبومات مبيعا في تاريخ الموسيقى على الإطلاق.

عندما يقوم فنان بهذا الحجم من الإنجاز الفني والشهرة بالإعلان عن موقف سياسي فإن العالم كله يقف ليستمع ويشاهد ما يحدث.

كانت المرة الأولى التي يتعرف فيها ووترز على فلسطين من خلال رحلة قام بها إلى دولة الاحتلال عام 2006، حيث قرر ووترز تقديم حفلة في تل أبيب في نهاية جولة أوروبية، قال ووترز يومها: “كان أداء غريبا تماما لجمهور منفصل كلية، لأنه لم يكن هناك أي فلسطينيين هناك”.

بعد ذلك، تجول ووترز في مدن جنين ورام الله ونابلس في الضفة الغربية، ورأى المعاناة الفلسطينية، كما أنه زار الجدار الذي بناه الاحتلال لعزل الضفة الغربية عن المناطق المحتلة عام 1948، وكتب على الجدار رسالة مقتبسة من عمله الرئيسي “لبنة أخرى في الجدار”.

وسرعان ما انضم إلى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) المتضامنة مع الفلسطينيين.

وهو ما جلب عليه الشجب والإدانة من اللوبي اليهودي بسبب اجترائه على كشف الرواية الإسرائيلية الزائفة.

وقف ووترز ضد جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، وفي العام التالي أعلن دعمه لمسيرة حرية قطاع غزة. كما أنه قام برفع العلم الفلسطيني خلال إحدى حفلاته الغنائية في روما في عام 2018.

وكتب أغنية “Palestine is my home” يؤكد من خلالها أن فلسطين هي موطنه ودياره التي يتمنى أن يعود إليها يوما ما.

وكان تصريحه الأشهر هو انتقاده الإخلاء القسري للفلسطينيين الذين يعيشون في حي الشيخ جراح بالقدس، واصفا دولة الاحتلال بأنها “دولة فصل عنصري”.

وأشار إلى أن طرد العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح “بطريقة ما يشبه ممارسات الإبادة الجماعية”.

وهاجم الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أعرب عن “دعمه لإسرائيل في جميع الظروف” وخاطبه: “ما هو شعورك يا جو أن تكون جالسا في منزلك الذي تعيش فيه عائلتك لمئات السنين ثم يأتي أحمق ما ويقول: هذا المنزل لي. أنا مستوطن وسآخذ منزلك منك؟ هذا أمر لا يصدق”.

وكان الراوي في الفيلم الوثائقي “احتلال العقل الأمريكي” الذي يسعى إلى إظهار كيف أن حرب المعلومات التي تشنها دولة الاحتلال وأنصارها شوهت حقيقة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واستحوذت على قلوب وعقول الأمريكيين على مدى الخمسين سنة الماضية.

باقة أخرى من النجوم

وحين نشرت إيما واتسون، بطلة سلسلة أفلام “هاري بوتر”، صورة على موقع “إنستغرام” لاحتجاج مؤيد للفلسطينيين وكتبت على الصورة “التضامن فعل”، فقد شن اللوبي الصهيوني هجوما عنيفا ضدها ما دفع بشخصيات سينمائية بارزة، من بينها سوزان ساراندون ومارك روفالو وبيتر كابالدي وتشارلز دانس، للإعراب عن دعمهم، في بيان، للنجمة لتي اتُهمت بمعاداة السامية على خلفية منشور لها تتضامن فيه مع الفلسطينيين.

ونشرت رسالة لمنظمة “فنانون من أجل فلسطين في المملكة المتحدة”، قال فيها ما يزيد على الـ40 شخصا من نجوم السينما، من بينهم غايل غارسيا برنال وجيم غارموس وماكسين بيك وميريام مارغوليس وجولي كريستي: “ندرك عدم وجود توازن للقوة بين إسرائيل، وهي القوة المحتلة، والفلسطينيين، وهم شعب واقع تحت نير نظام احتلال عسكري وفصل عنصري”.

وأضاف الفنانون: “نعترض على مساعي إسرائيل الدائمة الرامية إلى تهجير قسري لعائلات فلسطينية من منازلها في أحياء القدس الشرقية، مثل حي الشيخ جراح وسلوان ومناطق أخرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

هؤلاء نموذج شجاع لقائمة نجوم السينما والفن والرياضة والمشاهير في العالم الذين حطموا حاجز الخوف تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وتمكنت هذه الأصوات القوية والشجاعة من مواجهة القوى السياسية والإعلامية والمالية الضاغطة التي تخدم السياسة الإسرائيلية داخل الولايات المتحدة وخارجها.

نجوم تلقي بعض الضوء على عتمة زنازين الاعتقال المظلمة والرطبة ذات الرائحة الكريهة في سجون الاحتلال وما يجري فيها من عنصرية.

المصدر: عربي21