الفريديس قرية فلسطينية اشتق اسمها من “الجنة”

حافظت قرية الفريديس على سكانها من المذابح والتشرد ولم تشهد أعمالا انتقامية صهيونية كما شهدت غالبية المدن والقرى الفلسطينية، فبعد أن تأكد لسكانها أن ميزان القوى ليس في صالحهم تماما إبان نكبة فلسطين عام 1948 وافقوا على تسليم القرية دون قتال خشية إبادة كل من فيها.

تعتبر الفريديس جزءا من حيفا، وتقع على سفح جبل الكرمل، وتبعد 3 كم شرقي شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وعلى مفترق طريق رئيسي عرف لاحقا باسم “الفريديس” الامتداد العام للبلدة من الشمال إلى الجنوب والجنوب الشرقي. 

اشتق اسم الفريديس من كلمة فردوس أي الجنة، نظرا لخصوبة أراضيها، حيث اشتهرت بكروم العنب وبساتين الفاكهة. وهناك رأي آخر يقول إن التسمية جاءت نسبة إلى ضابط روماني اسمه “بردوس”.

ووفقا للتاريخ المروي والمكتوب فقد تأسست القرية حوالي عام 1600 على يد قبائل بني حارثة والتي بنت عدة قرى على جبل الكرمل.

وكان عدد سكانها عام 1948 عام النكبة نحو891 نسمة، إلا أن عدد السكان ارتفع بصورة كبيرة لعدة أسباب منها التكاثر الطبيعي، وأيضا لأنها شكلت ملجأ للنازحين من قرى الساحل أبان النكبة، فقد لجأ إليها العديد من العائلات من قرى: اجزم وعين غزال وأم الزينات والطنطورة وصبارين وعين حوض وغيرها.

والسبب في عدم إبادة العصابات الصهيونية قرية الفريديس، كما جاء في مصادر عبرية هو توقيع أهالي الفريديس على تسليم أسلحتهم والاستسلام لليهود، وذلك على خلفية مقتل أحد الفلاحين اليهود من كيبوتس “شفيا” ونسب هذا الحادث لأهالي الفريديس، رغم إنهم أنكروا الحادث، إلا أن الصهاينة لم يتنازلوا عن فكرة أن مواطنا من الفريديس قتل الفلاح، وبما أن أهالي الفريديس وقعوا على وثيقة الاستسلام لم يسر عليهم ما سرى على الجماهير العربية بعد النكبة وهكذا بقيت الفريديس دون تدمير أو مذابح.

وصل عدد سكان الفريديس عام2017 إلى نحو 14 ألف نسمة تقريبا وفقا لدائرة الإحصاء الإسرائيلية. ويعتمد السكان على العمل في الزراعة، صيد الأسماك، وعلى المصانع في المدن المجاورة كأجيرين، والأعمال حرة، والخدمات العامة.

ويوجد في فلسطين جبل يحمل نفس اسم القرية وهو جبل الفريديس أو هيروديون أو جبل الإفرنج هو مرتفع صناعي مخروطي الشكل كالبركان، يقع شرقي مدينة بيت لحم، وهو يشرف على مدينة القدس، ومنطقة الأغوار وما حولها، أقامه هيرودوس الكبير (72 – 4 ق.م)، أواخر القرن الأول قبل الميلاد، وجعله حصنا منيعا محاطا بخندق يملأ بالماء، ووراء الخندق سور مستدير حول المنطقة، بني بالحجارة الضخمة، وأقيمت فيه أبراج للمراقبة، وبنى حوله مدينة أطلق عليها اسم “هيروديا”، وزينها بعدد من الحدائق وبرك السباحة.

كانت مساحة قرية الفريديس عام 1945 لا تتجاوز 6 دونمات من مجمل مساحة أراضيها البالغة 4450 دونما، وارتفعت مساحتها المبنية بمرور السنوات وقدرت حديثا بنحو 2.69 كم2، وهي اليوم بلدة من البلدات العربية القائمة في الداخل الفلسطيني المحتل وتتبع إداريا مدينة حيفا، وتأسس المجلس المحلي في قرية الفريديس عام 1952 .

وتعاني القرية من انتشار الجريمة التي يغذيها تقاعس وتراخي الشرطة الإسرائيلية، وعدم اهتمامها بأمن المدن والقرى العربية وتعمل غاليا على زيادة تفاقم المشاكل الأمنية في معظم المدن والقرى المحتلة عام 1948.
 
كما تعاني القرية من الاستيلاء على أراضيها كما حدث في عام 2013 حين أعلن الاحتلال عن مشروع لشق شارع جديد يربط مفترق الفريديس ومفرق “زخرون يعقوب” بمفترق مستوطنة نخشوليم. بحيث يوفر طريقا خاصا للمستوطنين المتوجهين من شارع 4 إلى قرية الفريديس ومستوطنتي دور ونحشوليم.
ويمتد هذا المشروع على مساحة شاسعة تقدر بنحو 1275 دونما، مما ترتب عليه مصادرة مئات من الدونمات لمزارعين من أهالي بلدة الفريديس الذين يملكون أراض زراعية في السهل مما سيحرمهم من مصدر رزقهم، خاصة وأن الغالبية الساحقة منهم يعتمدون الزراعة في معيشتهم والمصدر الأساسي أو الوحيد للكثير منهم.

الفريديس، شأنها شأن باقي المدن والقرى الفلسطينية، تشارك في الهم الفلسطيني في جميع المفاصل الرئيسية التي مرت بها القضية الفلسطينية، وتدفع ثمن مثل هذه المواقف كباقي المناطق الفلسطينية المحتلة.

المصدر: عربي21