مع تصاعد موجة التطبيع العربي مع الاحتلال الصهيونية وتخلي الدول والشعوب العربية والإسلامية عن دورها الحقيقي في حماية المسجد الأقصى والدفاع عنه وتجييش الجيوش لنصرته، لم يبق أمام الفلسطينيين بوجه عام والمقدسيين بوجه خاص إلا الرباط الذي بات جدار الحماية والدفاع الأخير عن المسجد الأقصى في إطار تغول الاحتلال ومستوطنيه على المسجد، وتصاعد الإجراءات التهويدية بحقه.
السد المنيع
انطلقت فكرة الرباط في المسجد الأقصى بالتزامن مع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 ومنع الاحتلال الصهيوني إجراء أية ترميمات داخل المسجد الأقصى، ما دفع أهالي القدس والداخل الفلسطيني المحتل بتسيير باصات حملت اسم “البيارق” من مختلف المناطق للتجمع والتوافد في ساحات الأقصى.
وبعد عشرة أعوام تطورت فكرة الرباط بإطلاق مشروع “مصاطب العلم” الذي أشرف عليه الشيخ رائد صلاح، وهو ما كثّف التواجد في المسجد الأقصى، ليبدأ الرباط بالظهور علنًا وبشكل متزايد.
ووصفت المرابطة المقدسية خديجة خويص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” عبادة الرباط بأنّها “السد المنيع” الذي يتمكن المرابطون من خلاله حماية الأقصى، والدفاع عنه، وعرقلة مخطط التقسيم الزماني والمكاني، وعرقلة الاقتحامات.
وبينت أنّ فكرة الرباط هي قائمة موجودة، ولكنها تخصصت لحماية المسجد الأقصى من خلال حلقات ومصاطب العلم؛ حيث بدأت للرجال ثم للنساء والفتيان والفتيات أيضاً، موضحةً أنّ تلك المصاطب كانت مسيّرة من الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني قبل حظرها بقيادة الشيخ رائد صلاح.
وقالت المرابطة المقدسية، إنّ “فكرة هذه المصاطب ظلّت تمتد وتكبر حتى بلغت أوجها وذروتها في العام 2014، فكان لها دور بارز في عرقلة مخطط التقسيم، وإبراز دور المرأة في الدفاع عن الأقصى جنبًا إلى جنب مع الرجال”.
وأضافت: “لما رأى الاحتلال أثر المصاطب والرباط والمرابطين، وأدرك أن وجودهم يعرقل مخططاته؛ سعى إلى حظر المصاطب، وحظر الحركة الإسلامية، وتجفيف موارد الرباط المادية والبشرية، ومن ثم عد الرباط في المسجد الأقصى تنظيما خارجا عن القانون”.
وأشارت خويص، إلى أنّ الاحتلال انتهج لوقف مد الرباط سياسة الإبعاد عن الأقصى وتفريغ الأقصى، والتنكيل بالمرابطين، بالضرب والسحل، والإبعاد والاعتقال والحبس البيتي، وقطع التأمين الصحي، ومنع السفر، واقتحام البيوت، مؤكّدة أنه وبرغم من كل تلك السياسات القمعية ظل المرابطون على عهدهم مع المسجد الأقصى مع قلة الإمكانيات، بالتواجد وبعرقلة الاقتحامات ومسارها، واعتراض طريقها بصلاة الضحى المطولة.
وطالبت المرابطة المقدسية، بضرورة شد الرحال للأقصى لكل قادر يستطيع الوصول والرباط فيه والاعتكاف، وحمايته ونصرته والدفاع عنه بكل وسيلة ممكنة، والحشد له والدعم للقضية، ونشرها والتعريف بها.
وأكّدت أنّ دعم المرابطين يتم من خلال إيصال صوت القضية ومعاناة أهل القدس في كل مكان، وفضح ممارسات الاحتلال على مواقع التواصل الاجتماعي، وعقد المؤتمرات والمحاضرات والمشاركة في ذلك، والعمل على نشر ثقافة المسجد الأقصى، وإبراز دور المرابطين في المحافظة عليه.
حشد ميداني وإعلامي
من ناحيته، طالب الباحث المقدسي رضوان عمرو، بضرورة تحقيق أكبر وأوسع حشد ميداني وإعلامي داعم ومساند لقضية الرباط في المسجد الأقصى في كل الأوقات، وعدم تركه فريسة سهلة أمام قطعان المستوطنين.
ووصف عمرو لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” ما يمر به المسجد الأقصى بأنّها “مرحلة خطيرة” والتي تتمثل في تغول الاحتلال وقطعانه على المسجد الأقصى ومقدراته، مقابل غياب واضح للإدارة الإسلامية وصلاحية الأوقاف على المسجد الأقصى، وشروع المستوطنين فعليًّا بالحصول على مساحة من السيطرة الإدارية والأمنية في المسجد الأقصى.
ودعا الباحث المقدسي، كل شاب مقدسي مقتدر لأن يتواجد في الأقصى ويرابط فيه، كي يواجه محاولات الاحتلال لتفريغ المسجد وتهويده.
وقال: إنّ “الاحتلال يسعى لإفراغ الأقصى طوال العام من المصلين، وخاصة في أوقات الأعياد التلمودية؛ حيث يشن حملات اعتقال وإبعاد تطال كل من يرفع صوت الأقصى وينقل الصورة والصوت من المسجد للعالم”.
وأشار إلى وجود وعي متزايد بين الشباب المقدسي، حول ضرورة الحفاظ على التواجد في الأقصى، والرباط والصلاة فيه في كل وقت وحين، محذرًا في الوقت ذاته من خطورة ما يمارسه حاخامات المستوطنين من تحريض ضد الأقصى وأهله، منبهاً إلى تصريحات المتطرفين “يهودا عتصيون” و”رفائيل موريس” حول هدم قبة الصخرة والمسجد الأقصى بالكامل لإقامة الهيكل المزعوم.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=137304