تصورات متباينة للمصالحة الفلسطينية في حوار الجزائر

ينطلق في الجزائر، الثلاثاء، حوار شامل بين الفصائل الفلسطينية في محاولة جديدة للتوصل إلى صيغة توافقية لإنجاز مصالحة تنهي انقساما مستمرا منذ سنوات.

ووفق مسؤولين في الفصائل عبر تصريحات للأناضول، فإن الجزائر ستقدّم ورقة خلال الحوار الذي يستمر يومين، ضمن مساعيها كي تستعيد الفصائل الفلسطينية الوحدة الوطنية.

وتطرح الجزائر الورقة بعد أن استمعت إلى آراء ممثلي الفصائل بشأن سُبل إنهاء الانقسام، حيث بدأ مسؤولون جزائريون في يناير/ كانون الثاني الماضي لقاءات منفردة مع قيادات من الفصائل.

ومنذ صيف 2007، تعاني الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي، حيث تسيطر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة، في حين تُدار الضفة الغربية من جانب حكومة شكلتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بزعامة الرئيس محمود عباس.

ورصدت الأناضول تصورات عدد من الفصائل بشأن المصالحة، والتي تم عرضها على الجزائر، واتفق بعضها على إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، والبناء على اتفاقيات المصالحة السابقة.

لكن ثمة اختلاف بين تصورات الحركتين الأبرز على الساحة الفلسطينية واللتين تعتبران طرفي الانقسام، وهما “فتح” “حماس”.

وتستند رؤية “فتح” على تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على حل الملفات العالقة، بينما ترتكز رؤية “حماس” على إصلاح النظام السياسي بدءا من منظمة التحرير، ثم الانتقال إلى المؤسسات التشريعية والرئاسية عبر الانتخابات.

وفي الحوار المرتقب يشارك ممثلون عن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية (12 فصيلا) وعلى رأسها “فتح”، إضافة إلى حركتي “حماس” والجهاد الإسلامي، بحسب تصريح سابق لسفير فلسطين لدى الجزائر فايز أبو عيطة.

“فتح”.. حكومة وحدة وطنية

مسؤول العلاقات العامة بمفوضية التعبئة والتنظيم التابعة لـ”فتح” منير الجاغوب، قال للأناضول إن جوهر الرؤية التي قدمها وفد حركته للجزائر، خلال الأسابيع الماضية، يتركز على “تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع أطياف الشعب الفلسطيني”.

وتابع: “على أن تكون هذه الحكومة مدخلا لإنهاء الانقسام وبسط السيادة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية”.

وأفاد بأن “الترتيبات الأخرى التي تضمنتها الرؤية لها علاقة بالاتفاقيات السابقة التي اتفقت ووقعّت عليها الحركتان (فتح وحماس)”.

وأوضح أن “وظيفة هذه الحكومة ستشمل حل الملفات العالقة على الأرض من ناحية إدارية وسياسية وأمنية وشرطية وكذلك المعابر والحدود.. وهذه الحكومة من شأنها أن تحل نحو 70 إلى 80 بالمئة من المشاكل العالقة”.

وقال الجاغوب إن “الحوار مستمر مع المسؤولين في الجزائر حول الرؤى والتصورات التي قدّمتها الفصائل للوصول إلى صيغة جامعة”.

وشدد على ضرورة وجود “أرضية تمهّد لإنهاء الانقسام ودخول الفصائل إلى منظمة التحرير (..) هذا الأمر خاضع للنقاش والحوار بالجزائر”.

وأفاد بأن الجزائر قدّمت ورقة لإنهاء الانقسام “تضم العديد من النقاط الخاضعة للنقاش”.

وعن الرقابة العربية على تطبيق أي اتفاق للمصالحة قد ينجم عن حوار الجزائر، قال إن حركته “طالبت أكثر من مرة بوجود هذه الرقابة من الجهة الداعمة للاتفاق المصالحة”.

“حماس”..إصلاح منظمة التحرير

أما متحدث “حماس” حازم قاسم، فقال للأناضول إن حركته “قدّمت تصورا عاما للجزائر يمكن أن يتم البناء عليه، ويستند على إصلاح النظام السياسي الفلسطيني بدءا من منظّمة التحرير عن طريق الانتخابات وإنشاء أجسام ذات شرعية، ثم الانتقال لباقي حلقات النظام من انتخابات تشريعية ورئاسية وبلدية”.

وأضاف: “كما تنص الرؤية على إنشاء قيادة موحّد للحالة المقاومة المتصاعدة خاصة بالضفة الغربية، وتوحيد الموقف الفلسطيني وبناء رؤية واستراتيجية لمقاومة شاملة تتقدم على كل الساحات”.

وتابع أن هذه “الرؤية لاقت ترحيبا من الجزائر خاصة وأنها تتقاطع بشكل كبير من رؤى كافة الفصائل”، على حد قوله.

وأفاد بأن وفد من حركته وصل الجزائر مؤخرا، خاض “نقاشا مطوّلا مع المسؤولين هناك للوصول إلى مقاربة يمكن أن تتوافق عليها كافة المكوّنات الفلسطينية لإنجاح الجهد الجزائري”.

وشدد على أن “حماس” معنية بـ”إنجاح الجهد الجزائري ومستعدة لتقديم الإجراءات اللازمة للوصول إلى حالة توافق فلسطيني حتى يتم التوقيع على ورقة توافقية”.

وخلال لقاءات متعددة أجراها وفد “حماس” في الجزائر الفترة الماضية، قال قاسم إن “الجزائر طرحت وجود شراكة عربية للرقابة على تطبيق أي اتفاق مصالحة يتم التوصل إليه”.

وأردف: “هذا الأمر قديم جديد طُرح قبل ذلك، وحماس وافقت عليه مسبقا لثقتها بقدرتها على إنجاح هذا الجهد”.

واستكمل: “ليس لدينا أي مشكلة في مراقبة ومتابعة تطبيق الاتفاق، مثل هذا الجهد العربي يمكن أن يساعد في جهود المصالحة، خاصة وأن الحركة قدّمت كل ما هو مطلوب منها”.

وحول تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل إصلاح منظمة التحرير، قال قاسم إن “حماس تريد مدخلا حقيقيا لإنجاز الوحدة الوطنية بعيدا عن الخطوات التي لم تنجح سابقا”.

واعتبر أن “المدخل للمصالحة يجب أن يشارك فيه كل المكونات السياسية الفلسطينية وهو أمر متوفر في إعادة بناء منظمة التحرير”.

الجهاد الإسلامي.. رفض التسوية

متحدث حركة الجهاد الإسلامي داود شهاب قال إن وفد حركته في الجزائر “سيُطّلع على الورقة التي سيقدمها المسؤولون هناك، وفي ضوئها سيطرح الوفد رؤيته (للمصالحة)”.

وأوضح شهاب، في تصريح للأناضول، أن رؤية الحركة هي “ضرورة الانفكاك النهائي من كل الشروط الدولية التي تمثل عقبة وفيتو أمام المصالحة”.

وتابع: “أيضا الأوضاع الميدانية تستدعي تصليب الموقف الفلسطيني في اتجاه رفض كل مشاريع التسوية”.

وأوضح شهاب أن حركته تعتقد بضرورة “إعادة صياغة البرنامج السياسي والتوافق على استراتيجية وطنية تستند لمشروع المقاومة”.

الجبهة الديمقراطية.. توفير أجواء للمصالحة

فيما قال القيادي بالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة للأناضول إن الجبهة عقدت لقاءات ثنائية مع مسؤولين جزائريين في الأشهر الماضية وقدمت خلالها رؤية خاصة لاستعادة الوحدة الوطنية.

وأوضح أن وفد الجبهة في الجزائر “سيحمل عناوين هذه الرؤية والمبادرة لتكون أساس الحوار والنقاش”.

وعن أبرز بنود المبادرة، قال أبو ظريفة إنها تعتمد على مرحلتين الأولى ترتكز على “توفير أجواء للمصالحة واستعادة الوحدة عبر إجراءات منها وقف التراشق الإعلامي والسماح بحرية العمل السياسي وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين”.

أما المرحلة الثانية، بحسب أبو ظريفة، فـ”تنص على تشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة بناء المجلس المركزي الفلسطيني بشكل متزامن”.​​​​​​​

والمجلس المركزي هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني (أعلى هيئة تشريعية) التابع لمنظمة التحرير ومخول بصلاحيات المجلس الوطني.

وختم أبو ظريفة بأن “حكومة الوحدة المتفق عليها تُحضّر لإجراء انتخابات المجلس الوطني والرئاسي والتشريعي، بما يفضي إلى إعادة بناء كل النظام السياسي الفلسطيني”.

المصدر: الأناضول