ترسيم الحدود مع إسرائيل..منافع اقتصادية مؤجلة للبنان

فور الإعلان عن إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، توقع الكثيرون أن ذلك سيمكن بلدهم من استخراج النفط والغاز، وسيحسّن وضع الاقتصاد المنهار.

واعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون، الأربعاء، أن إنجاز اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، “سينتشل لبنان من الهاوية التي أُسقط فيها”.

وثمّن وزير المالية يوسف الخليل، خطوة الترسيم، على الرغم من أن ترجمتها المادية قد تحتاج إلى سنوات، إلا أنها تشكل رافعة معنوية للنهوض من حال الانهيار ولاستعادة الثقة.

والثلاثاء، أعلنت الرئاسة اللبنانية في بيان، أن الصيغة النهائية لمسودة اتفاق أمريكية لترسيم الحدود مع إسرائيل “مرضية للبنان وتلبي مطالبه وحافظت على حقوقه في ثروته الطبيعية”.

وأضافت أن الرئيس عون “سيجري المشاورات اللازمة حول هذه المسألة الوطنية، تمهيدا للإعلان رسميا عن الموقف الوطني الموحد”.

كما أعلنت إسرائيل موافقتها على مسودة الاتفاق التي عرضها الوسيط الأمريكي آموس هوكستين، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الثلاثاء، الاتفاق المرتقب بـ”التاريخي”.

وأجرى البلدان مفاوضات غير مباشرة استمرت لمدة عامين بوساطة أمريكية بشأن منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كم مربعا.

ومن شأن التوقيع على هذا الاتفاق، أن يفتح الباب أمام أعمال التنقيب في لبنان حيث تعتزم شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية البدء بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية اللبنانية، فور وضع اللمسات النهائية على الاتفاق.

يذكر أن لبنان كان وقّع في فبراير/شباط 2018، على عقد مع الكونسورتيوم النفطي بقيادة “توتال إنرجيز” الفرنسية والذي يضم كلاً من “إيني” الإيطالية و”نوفاتيك” الروسية، للتنقيب عن النفط والغاز في البلوكين الرقم 4 و9 في مياهه الإقليمية.

لكن “نوفاتيك” انسحبت في أغسطس/آب الماضي كنتيجة لما يحصل من تطورات في روسيا والعقوبات الدولية التي تفرض على مكوناتها.

واعتبر محللون اقتصاديون لبنانيون، أن بلدهم لن يستفيد اقتصاديا على الفور بمجرد توقيع الاتفاق، وإنما الإفادة تتطلب سنوات كي تتحقق مشددين على ضرورة إصلاح النظام الاقتصادي الحالي جذرياً.

فائدة قد تستغرق سنوات

في هذا الإطار، قال مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، إنه من المبكر الحديث عن مكاسب اقتصادية جراء توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، فالأمر يحتاج إلى وقت.

وأضاف “مارديني” في حديث للأناضول، أن حقل “قانا” الذي يقول لبنان إنه حصّل كامل حقوقه فيه، “ليس مكتشفا بعد ولا نعرف عن ما يختزنه من كميات غازية أو نفطية.. الأمر يحتاج للاستكشاف والتنقيب”.

وقال: “لو سلمنا جدلا أنه وجد غاز في حقل قانا فإنه لن يحسن الوضع الاقتصادي المأزوم في البلاد، لأن اللبنانيين ليس لهم ثقة بأن أموال الثروات الطبيعية المستكشفة في البحر ستفيدهم أو ستنهب كما حصل بأموال المودعين”.

من جهته، الخبير الاقتصادي منير يونس قال للأناضول، إن المكاسب الاقتصادية غير فورية وهي مؤجلة، لأنه ليس لدى لبنان دراسات مؤكدة عما يختزنه حقل “قانا” من احتياطات غازية او نفطية.

وأوضح في حديث للأناضول، أن المرحلة الأولى سيتم الاستكشاف وبعدها التنقيب لمعرفة وتقدير الاحتياط الموجود في هذا الحقل وغيره في المناطق الاقتصادية الخاصة بلبنان”.

وتوقع يونس معرفة الكميات المختزنة في حقل “قانا” بعد الربيع القادم عبر شركة توتال، ومن ثم يحتاج من 3 إلى 5 سنوات لبدء الضخ بحسب تجارب دول أخرى، إلا أن هناك تقديرات إسرائيلية أعلنت عنها أن هذا الحقل لا يختزن كميات كبيرة من النفط والغاز.

بينما المحللة الاقتصادية محاسن مرسل، قالت إن معرفة المكاسب الاقتصادية متعلقة بعمليات الاستكشاف والتنقيب، وتحديد الكميات الغازية الموجودة، ومن ثم الإنتاج وأن هذا الامر يحتاج لسنوات.

إصلاحات واجبة

شدد الخبير الاقتصادي منير يونس، على ضرورة فصل مسار الإصلاحات الذي لا بد للبنان القيام به بأسرع وقت، وفقا لاتفاق صندوق النقد الدولي، عن المسار النفطي الذي يجب مواكبته بتشريعات خاصة.

وأضاف: “على لبنان المباشرة بوضع تشريعات تتمتع بالشفافية، حول كيفية استخدام الإيرادات وعدم تكرار مع حصل سابقا، حيث هدرت معظم إيرادات الدولة عبر المحاصصة”.

ولفت الى أهمية الإصلاح الحقيقي على صعيد المالية العامة والقضاء المستقل والنظام المصرفي والحوكمة، “حتى لو جاءت إيرادات نفطية عالية، هناك احتمال كبير أن تتبدد وتذهب في غير طريق”.

من جهته، دعا الخبير الاقتصادي والمالي البروفيسور جاسم عجاقة، إلى القيام بمجموعة إصلاحات في النظام الاقتصادي اللبناني، “حتى نستطيع خلق اقتصاد والإفادة من النفط وفي نفس الوقت يضمن استمرارية للمستقبل”.

وأوضح أنه يمكن للاتفاق (ترسيم الحدود البحرية)، إخراج لبنان من أزمته إذا قام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة التي تمكنه الحصول على عائدات مهمة بعد دخوله في مجموعة البلدان النفطية.

المصدر: الأناضول