بن غفير و”الحقيبة المنتظرة”..مصدر قلق كثيرين وأمنية لنتنياهو

يطمح عضو الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير إلى أن يصبح وزيرا، وهو ما يقلق كثيرين داخل إسرائيل وخارجها، ليس بينهم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو (2009-2021).

وكما هو الحال مع بن غفير، فإن نتنياهو زعيم حزب “الليكود” (يمين) يطمح للعودة إلى الحكم، ويرى أن مفتاح هذه العودة هو بن غفير القيادي في حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتشدد.

وتُظهر استطلاعات الرأي العام في إسرائيل، أن “الصهيونية الدينية” ستصبح في الانتخابات العامة الثلاثاء 1 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، الحزب الثالث من حيث القوة بعد “الليكود” و”هناك مستقبل” (وسط) بزعامة رئيس الوزراء يائير لابيد.

ولم يحدد بن غفير الحقيبة الوزارية التي يطمح إلى توليها، إلا أن شريكه بتسلئيل سموتريتش قال إنه يريد حقيبة الدفاع أو الأمن الداخلي، وهو ما اعتبره قادة الحكومة الحالية “اقتراحا كارثيا”.

وخلال لقاء انتخابي الأسبوع الماضي، قال نتنياهو إنه لا يوجد ما يمنع بن غفير من أن يصبح وزيرا في حكومة يشكلها، دون تحديد الحقيبة التي يمكن أن يمنحها له.

وبن غفير مولود في القدس الغربية عام 1976 لأم وأب من يهود العراق، ومعروف بمواقفه المتطرفة تجاه الفلسطينيين، وهو من سكان مستوطنة “كريات أربع” المقامة على أراضي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.

وبرز اسمه في كل الأحزاب اليهودية المتطرفة بدءا من “موليدت” الذي دعا إلى تهجير المواطنين العرب من إسرائيل، مرورا بـ”كاخ” المصنف “إرهابيا” وفق القانون الإسرائيلي، وصولا إلى “الصهيونية الدينية” الذي أدخله الكنيست في أبريل/نيسان 2021 بعد محاولات فاشلة.

وعندما بلغ سن 18 عاما تم إعفاؤه من الخدمة الإلزامية بالجيش الإسرائيلي؛ بسبب مواقفه اليمينية المتشددة.

وقالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في أبريل 2018، إن “بن غفير طوّر سمعة كافية باعتباره محرضا مراهقا، ليتم حرمانه من الخدمة في الجيش، وهي شارة العار التي يرتديها حتى يومنا هذا”.

ونقلت عن بن غفير قوله إن “الجيش الإسرائيلي خسر عندما لم يضمني”.

مقاطعة دولية

ويعكس النمو المضطرد لقوة حزب “الصهيونية الدينية” ميلا في جزء كبير من الشارع الإسرائيلي للتوجه من اليمين إلى اليمين الأكثر تشددا.

وقال النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي، إن “اللعب على وتر الخوف والتخويف من الآخر العربي ووصف كل عربي بأنه مخرب والأرضية اليمينية للجمهور الإسرائيلي، كلها أمور ساعدت في بروز ظاهرة بن غفير”.

وتابع، في تصريح للأناضول: “والأهم هو أن رئيس الوزراء السابق نتنياهو احتضنه وشرعنه، وهكذا فعلت المحكمة العليا الإسرائيلية” التي أجازت لبن غفير خوض الانتخابات.

وتحاول الأحزاب المعارضة لمعسكر نتنياهو تشجيع الإسرائيليين على الإدلاء بأصواتهم لمنع تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو تضم بن غفير وسموتريتش.

وفي رسائل نصية عبر الهاتف، اطلعت عليها الأناضول، قال “هناك مستقبل” إن التصويت للحزب “سيضمن قيام حكومة ديمقراطية ليبرالية ويمنع تشكيل حكومة متطرفة بقيادة بن غفير وسموتريتش”.

كما نشر حزب “ميرتس” (يسار) لافتات يدعو فيها الإسرائيليين إلى الإدلاء بأصواتهم لمنع تشكيل حكومة تضم نتنياهو وبن غفير وسموتريتش.

ورأى الطيبي أن تولي بن غفير حقيبة وزارية في حكومة نتنياهو “بمثابة تطور خطير”.

وأردف: “إذا أصبح بن غفير وزيرا، فيجب على المجتمع الدولي أن يتصرف مع حكومة إسرائيل كما تصرف مع حكومة النمسا (عام 2000) عندما انضم إليها يورغ هايدر وحزب الحرية (اليمني المتطرف) إلى الائتلاف لأنه شخصية نيو فاشية، أي أن يقاطعوا حكومة إسرائيل كما قاطعت إسرائيل حكومة النمسا آنذاك”.

مخاوف أمريكية

المخاوف من انضمام بن غفير إلى الحكومة وصلت إلى الكونغرس الأمريكي، وكتب العضو براد شيرمان، في تغريدة يوم 4 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري: “أحث القادة السياسيين الإسرائيليين من جميع جوانب الطيف السياسي على نبذ المتطرفين مثل إيتمار بن غفير”.

وأضاف أن هؤلاء المتطرفين “تتعارض آراؤهم الفاحشة مع المبادئ الأساسية لإسرائيل المتمثلة في قيام دولة ديمقراطية ويهودية”.

وتابع: “هؤلاء المتطرفون يقوضون مصالح إسرائيل والعلاقة الأمريكية ـ الإسرائيلية التي عملت أنا وزملائي على تقويتها”.

وسبق أن وجّه السيناتور الأمريكي الديمقراطي روبرت مينديز تحذيرا مشابها، بحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل” الإخباري العبري.

لكن نتنياهو رد، في مقابلة مع إذاعة “كول براما” الإسرائيلية الثلاثاء، بأنه لن يحني رأسه للمشرعين الأمريكيين.

وقال: “نحن دولة ديمقراطية وسنقرر من سيكون في الحكومة المقبلة، أعرف كيف أدافع عن أنفسنا. قدرتي هي ألا أحني رأسي وأقول لا، عند الضرورة”.

وأردف: “قلت لمينديز: هل تتحدث معي عن (بن غفير) الذي يؤمن بدولة إسرائيل ويدعم جنود الجيش الإسرائيلي (؟)”.

واستطرد: “لم أسمع كلمة واحدة عن (وزير الدفاع بيني) غانتس ولابيد وهما في شراكة مع (زعيم القائمة العربية الموحدة) منصور عباس والإخوان المسلمين الذين ينكرون اعتبار إسرائيل دولة يهودية”.

وفي 2007، أُدين بن غفير بالتحريض على العنصرية؛ بسبب حمله لافتة في مظاهرة مكتوب عليها: “اطردوا العدو العربي”.

ودرس بن غفير القانون، إلا أن نقابة المحامين رفضت منحه العضوية، بسبب سجله الجنائي، لكن بعد احتجاجات قادها بنفسه تم السماح له بالانتساب للنقابة.

وفي يناير/ كانون الثاني 2011، كتب موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي أن “اللجنة المركزية لنقابة المحامين رفضت طلبا من الناشط اليميني إيتمار بن غفير للحصول على إذن للتخصص كمحام”.

وتابعت: “تخرج بن غفير في كلية الحقوق قبل نحو ثلاث سنوات (2008 آنذاك)، لكن بما أن لديه سجلا جنائيا لتورطه في مظاهرات وأنشطة لليمين المتطرف، كان هناك اعتراض قوي على السماح له بالتخصص كمحام”.

لكن في يونيو/ حزيران 2012، ذكرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية أن “الناشط اليميني المتطرف اجتاز امتحانات نقابة المحامين بعد صراع طويل”.

ومع حصوله على شهادة مزاولة المحاماة، برز بن غفير مدافعا عن عناصر اليمين المتشدد المتهمين بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، بما فيه جماعة “لاهافا”.

كما برز مؤخرا عندما نظم سلسلة فعاليات ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية وفي بلدات عربية بإسرائيل.

المصدر: الأناضول