نابلس بين حصار وحواجز

بعد نحو 5 ساعات انتظار، استطاع الفلسطيني “فارس حنني” من الوصول إلى منزله في بلدة بيت فوريك إلى الشرق من نابلس شمالي الضفة، بسبب الحصار المفروض على المحافظة منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

ولا تبعد بيت فوريك عن نابلس سوى 3 كيلومترات فقط، يمكن قطعها في أقل من 20 دقيقة في الأوقات العادية.

وفرض الحصار الإسرائيلي على نابلس بعد أن أعلنت جماعة “عرين الأسود” المسلحة تنفيذها 5 عمليات إطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية، أسفرت عن مقتل جندي وإصابة آخرين.

وظهرت المجموعة علنًا في عرضٍ عسكريّ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي في البلدة القديمة بنابلس، وينتمي أفرادها لمختلف الفصائل الفلسطينية.

تعطل الحياة

يقول حنني للأناضول: “منذ فرض الحصار على نابلس نعيش معاناة يومية، نمضي اليوم على الحواجز، إجراءات أمنية مشددة وفحص دقيق للمركبات والبطاقات الشخصية”.

وتابع “المركبة الواحدة يستغرق تفتيشها من قبل الجنود نحو نصف ساعة، مما يعني أزمة خانقة، وتعطل للحياة، وعدم تمكن الموظفين والطلبة من الوصول إلى أماكن عملهم وجامعاتهم”.

يبدي حنني وغيره من الفلسطينيين الذين ينتظرون دورهم لعبور حاجز بيت فوريك والوصول إلى نابلس سخطهم.

ويشير بيده قائلاً: “أنظر في الأمام نحو 50 مركبة، هذا يعني أن الحياة كأنها توقفت”.

واتهم حنني السلطات الإسرائيلية بـ “فرض سياسة عقاب جماعي على السكان”.

وقال “كثيرًا ما يستخدم الجيش الإسرائيلي قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني عند الاحتجاج على سياسته، مما يتسبب بإصابات بين الأطفال والشيوخ والنساء”.

وتابع: “لا يوجد أي مدخل لبلدتي بيت دجن وبيت فوريك سوى العبور من مدينة نابلس المحاصرة”.

من جانبه، يقول ماهر سامح، وهو سائق مركبة نقل ركاب، “نعيش في أزمة مرورية واختناق، وطابور طويل جدًا للمركبات”.

ويضيف لمراسل الأناضول: “تعطلت كافة مشاغل المواطنين، السكان يصلون بيوتهم منتصف الليل”.

وتساءل “ما هو الهدف من منع عمال وموظفين من الوصول إلى عملهم في الوقت المحدد”.

ومنذ 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فرضت إسرائيل حصارًا على نابلس، وأغلقت طرقًا بواسطة سواتر ترابية، وأخرى بالحواجز العسكرية، مما خلق أزمة نقل غير اعتيادية.

طرق بديلة

وفي محاولة لتجنب تبعات الحصار، يبحث السكان عن طرق بديلة للوصول إلى منازلهم وأشغالهم.

فمنهم من يسلك طرقًا جبلية غير معبدة، بين الجبال للخروج من نابلس، ومنهم من يسلك طرقًا التفافية بمسافات طويلة عبر قرى وبلدات صغيرة شوارعها غير مؤهلة لاستيعاب أعداد كبيرة من المركبات.

ففي بلدة عراق بورين جنوبي نابلس، فتح مواطنون طريقًا ترابية.

ويقول أحمد ناجح، وهو سائق سيارة أجرة (تاكسي)، “هذه الطريق يمكن أن تستخدم لسابق مركبات الدفع الرباعي فقط، ولكن نسلكها بدلًا من الانتظار لساعات طويلة على الحواجز العسكرية”.

ويضيف للأناضول: “تخلّف هذه الطرقات أضرارًا في المركبات، ولكن لا بديل”.

ويتابع “بالرغم من ذلك، في كثير من الأوقات يغلق الجيش الإسرائيلي هذه الطرقات بالسواتر الترابية”.

وعلى حاجز “صرة” إلى الغرب من نابلس، تصطفّ مئات المركبات للخروج من نابلس.

ويقول أحد المارة ويدعى ساجي نصاصرة: “ننتظر الفرج، لا نعلم متى يمكن أن يسمح لنا بالخروج”.

ويضيف للأناضول: “أنا هنا منذ نحو 3 ساعات، وقد يصلني الدور بعد وقت مماثل”.

“ضربة دقيقة وفتاكة”

ومنذ عدة أشهر يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات شمالي الضفة، تتركز في مدن نابلس وجنين، بدعوى ملاحقة مطلوبين، وسط تصاعد لاعتداءات المستوطنين أيضًا.

وفي 13 أكتوبر الجاري، قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، إن نابلس وجنين شمالي الضفة الغربية تشكلان “تحديًا كبيرًا” للجيش الإسرائيلي.

وتوعّد غانتس بالقضاء على “عرين الأسود”، واعتبر أن “نابلس وجنين هما السبب في تعزيز القوات الإسرائيلية والجهود الاستخبارية في الضفة”.

وتنشط في مخيم جنين مجموعة مسلحة تطلق على نفسها “كتيبة جنين” تتكوّن من نشطاء من مختلف الفصائل، وقتلت إسرائيل عددًا من أعضائها.

والثلاثاء، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، إن هدفهم “كان وما زال ضرب الإرهاب ومُرسِليه ضربة قاسية ومتواصلة في جنين ونابلس وفي كل مكان آخر تنشأ فيه أوكار الإرهاب”.

وأضاف عن عملية الجيش الإسرائيلي الثلاثاء في نابلس التي قتل فيها 5 فلسطينيين بينهم قادة في الجماعة المسلحة: “في إطار هذا النشاط تم إلحاق ضرر كبير بمختبر الإرهاب التابع لعرين الأسود”.

وتابع: “هذه ضربة دقيقة وفتاكة تم توجيهها إلى قلب بنية تحتية إرهابية تسعى لتنفيذ عمليات إرهابية”.

وتوعّد لابيد “كل من يحاول الاعتداء علينا (إسرائيل) بأنه يضع حياته على كف عفريت”.

المصدر: الأناضول