“الأورومتوسطي” يدعو شركات الاتصالات الإسرائيلية للتقيّد بمبادئ الأمم المتحدة

دعا المرصد الأورومتوسطي مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة و”اليونسكو” إلى اتخاذ إجراءات فاعلة لحماية الصحافيين في “إسرائيل” والأراضي الفلسطينية المحتلة، عقب اعتراف حكومة الاحتلال الإسرائيلية استخدام أجهزتها الأمنية قاعدة بيانات شركات الاتصال لتعقب عمل صحافيين.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحفي، اليوم الأحد، “إنّ الإقرار الرسمي الإسرائيلي بتعقب عمل بعض الصحافيين “في إطار تحقيقات أمنية وجنائية” ينبغي أن يُقابل برد قوي وموحّد من آليات ومؤسسات الأمم المتحدة ذات العلاقة، بما يضمن محاسبة المتورطين في عمليات المراقبة غير الشرعية، ووقف انتهاك السلطات الإسرائيلية لحقوق الصحافيين العاملين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وشدّد على عدم وجود ما يبرر مراقبة عمل الصحافيين وانتهاك حقهم في الخصوصية، “ولا سيما الذرائع الأمنية التي عادة ما تستخدمها السلطات الإسرائيلية ضمن سياسة منظّمة لتبرير إجراءاتها التعسفية ضد المدنيين”.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ التزام الشركات الإسرائيلية بالقانون المحلي فيما يتعلّق بمشاركة بيانات المستخدمين لا يعفيها من التقيّد بمبادئ حقوق الإنسان ولا سيما الحق في الخصوصية، “إذ لا ينبغي عليها التعاون مع السلطات سوى في حدود ضيقة وبعد استيفاء جميع الأسس القانونية، ويجب عليها الالتزام بالشفافية الكاملة مع المستخدمين فيما يتعلق بتوضيح مخاطر وتبعات الطلبات الحكومية المتعلقة ببياناتهم”.

ولفت إلى أنّ المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان تُلزم المؤسسات التجارية باحترام حقوق الإنسان وتجنب التسبب أو المساهمة بإلحاق أي ضرر بالمستخدمين، وتحمّلها مسؤولية إصلاح الضرر في حالة حدوثه من خلال إتاحة سبل انتصاف مباشرة، ويشمل ذلك إنشاء آليات تظلّم تعمل على إنصاف المستخدمين والحد من الضرر الواقع عليهم.

وأقرّت حكومة الاحتلال قبل أيام–في رد على التماس قُدّم للمحكمة العليا الإسرائيلية- باستخدام “جهاز الأمن العام الإسرائيلي” المعروف بـ “الشاباك” قاعدة بيانات شركات الاتصال لتعقب عمل عدد من الصحافيين في إطار تحقيقات أمنية وجنائية، وشمل ذلك معرفة مكان الصحافي، وتعقّب محادثاته الهاتفية ومعرفة مدتها وهوية الجهات التي يجري الاتصالات معها.

وتُحفظ معطيات التعقّب إلى جانب معطيات وسائل مراقبة تقنية أخرى يمتلكها الشاباك ضمن نظام “الأداة”، التي يتم تحديثها باستمرار بمعلومات عن جميع الأشخاص المتواجدين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وتتضمن معلومات دقيقة حول تحركات الأشخاص ونشاطاتهم المختلفة.

ويحتوي قانون “الشاباك” الذي أُقر عام 2002 على بند يُلزم شركات الاتصالات الإسرائيلية بتزويد الجهاز بمعلومات عن كل مكالمة أو رسالة أُرسلت عبر شبكتها، دون أن تخضع تلك النشاطات للتدقيق العلني أو الرقابة القضائية.

ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ قانون “الشاباك” يفتقر إلى آلية واضحة لحماية الذين يتمتعون بسرية مهنية، وخاصة الصحافيين، ما يفتح الباب واسعًا للتعسف في استخدام القانون وتجييره لتقييد حرية عمل الصحافيين أو ممارسة الأفراد لحقوقهم الطبيعية.

ولفت إلى أنّ مراقبة الجهات الأمنية الإسرائيلية لقواعد بيانات شركات الاتصالات الإسرائيلية لا يؤثر فقط على الصحافيين العرب داخل “إسرائيل” والقدس، بل يطال الصحافيين الفلسطينيين الذين يستخدمون شبكات الهاتف الإسرائيلية التي تعمل بشكل غير رسمي في الضفة الغربية، ما يرفع المخاوف من إمكانية استخدام بياناتهم الخاصة لإدانتهم على نحو تعسفي وغير شرعي.

وبيّن أن “إسرائيل” تتحكم بشكل فعلي في قطاع الاتصالات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ بالرغم من وجود شركات فلسطينية تقدّم خدمات الهاتف الأرضي والمحمول والإنترنت، إلّا أنّها تحصل على الترددات الخاصة بعملها من الجانب الإسرائيلي حصرًا.

“كما تعمد السلطات الإسرائيلية إلى تأخير أو منع الشركات الفلسطينية من تشغيل تقنيات اتصالات متقدمة مثل خدمات الجيل الرابع أو الخامس، وسمحت فقط بتشغيل خدمات الجيل الثالث في الضفة الغربية قبل بضع سنوات، فيما حظرت استخدامه في قطاع غزة لتظلّ فيه الخدمات مقتصرة على الجيل الثاني”، وفق المرصد الحقوقي.

وقال “إنّ السيطرة الإسرائيلية الفعلية على قطاع الاتصالات في الأراضي الفلسطينية تمكّن الجهات العسكرية والأمنية الإسرائيلية من استخدام شبكات الاتصال لمراقبة الفلسطينيين واختراق خصوصياتهم، وقد تؤدي إلى الإضرار بأمنهم وسلامتهم في بعض الأحيان”.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ السلطات الإسرائيلية باتت تنتهج أسلوب التجسس والمراقبة غير الشرعية لانتهاك خصوصية الصحافيين، وفرض مناخ الترهيب والتخويف سواء لديهم أو لدى المصادر التي يتعاملون معها، ما تسبب في بعض الحالات في اضطرار الصحافيين إلى ممارسة رقابة ذاتية على عملهم.

وذكّر ببرنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس”، وهو برنامج خبيث يخترق جميع أنظمة أجهزة الهاتف المحمولة، ويمكّن مشغّليه من قرصنة الرسائل والصور ورسائل البريد الإلكتروني وتسجيل المكالمات وتشغيل الميكروفون والكاميرا سرًا، وثبت بيعه من إسرائيل للعديد من الدول القمعية، واستُخدم ضد الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وشدّد على أنّ انتهاك حق الصحافيين في الخصوصية، وتقييد حرياتهم، بما في ذلك آليات تواصلهم وعلاقاتهم مع مصادرهم الصحافية، جزء من آليات القمع التي تتنافى مع مواثيق حقوق الإنسان وحريات العمل الصحافي ذات العلاقة.

وحثّ المرصد الأورومتوسطي الأمم المتحدة من خلال إجراءاتها الخاصة على اتخاذ تدابير جادة لضمان وقف الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة بحق الصحافيين، ووضع حد لعمليات المراقبة والتجسس غير الشرعية.