خبير قانوني: إسرائيل ستقاطع محكمة العدل والقرار لصالح فلسطين

رجح الخبير الفلسطيني في القانونين الإسرائيلي والدولي المحامي محمد دحلة أن تقاطع تل أبيب محكمة العدل الدولية لأنها تعتبر ملاحقتها من قبل المحاكم الدولية “خطا أحمر”.

كما رجح دحلة، في مقابلة مع الأناضول، أن تقضي المحكمة لصالح الفلسطينيين، ما يفتح الباب أمام ملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وفي خطوة غير مسبوقة طلبت الأمم المتحدة في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري من محكمة العدل فتوى قانونية بشأن الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.

وجرى التصويت على مشروع القرار في اللجنة الرابعة – لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار- للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وصوتت لصالحه 98 دولة وعارضته 17 فيما امتنعت 52 عن التصويت.

وجاء في نص القرار “تقرر الجمعية العامة، وفقا للمادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة، أن تطلب من محكمة العدل الدولية، عملا بالمادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة، أن تصدر على وجه السرعة فتوى بشأن المسألتين التاليتين:

أولا، ما هي الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، واستيطانها وضمها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها وعن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن؟

ثانيا، كيف تؤثر سياسات إسرائيل وممارساتها المشار إليها في الفقرة السابقة على الوضع القانوني للاحتلال؟ وما هي الآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة؟.

ولا تتوفر معلومة بشأن متى ستبدأ محكمة العدل الدولية النظر في إصدار هذه الفتوى.

خط أحمر

شدد دحله على أن “لدى إسرائيل حساسية مفرطة من موضوع القانون الدولي والأهم من ذلك مقاضاتها دوليا، فعلى مر تاريخ وجود إسرائيل كان هذا بالنسبة لها خطا أحمر”.

واستطرد: “ملاحقة الإسرائيليين قانونيا في المحاكم الدولية هو خط أحمر كبير بالنسبة لإسرائيل وهو أمر يخشونه ويرفضونه دائما”.

ولفت إلى أن هذه هي المرة الثانية التي تطلب فيها الأمم المتحدة فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية في قضية لها علاقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

وفي 2004، أصدرت المحكمة رأيا استشاريا بشأن الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل على أراضي الضفة الغربية المحتلة ورفضت إسرائيل القرار.

وآنذاك، خلصت المحكمة إلى أن الجدار “مخالف للقانون الدولي”، وطالبت إسرائيل بإزالته من كل الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية وضواحيها، مع تعويض المتضررين من بناء الجدار.

كما طالبت دول العالم بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار، ودعت الجمعية العامة ومجلس الأمن إلى النظر في أي إجراءات أخرى لإنهاء الوضع غير القانوني للجدار.

وكان دحلة ضمن الفريق القانوني الفلسطيني عند نظر المحكمة لمسألة الجدار.

واعتبر دحلة أن “تحويل الموضوع إلى محكمة العدل الدولية بعد تحويل قضية الجدار في الماضي، هو أمر ترتعد له فرائص الإسرائيليين لأنه قد يمثل تحضيرا لملاحقتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية التي توجد أمامها ملفات فلسطينية”.

وتابع: “وأكثر مشهد يقض مضاجع كل إسرائيلي هو أن يرى مسؤولا أو جنديا إسرائيليا يُحاكم خارج المحاكم الإسرائيلية بما يتعلق بالاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحكومات الإسرائيلية للشعب الفلسطيني وحقوقه”.

وفلسطين عضو في المحكمة الجنائية الدولية التي تقول إنها تنظر بإيجابية في إطلاق تحقيق جنائي في جرائم حرب محتملة بالأراضي الفلسطينية.

أما إسرائيل فليست عضو في المحكمة ورفضت أي صلاحية لها في الأراضي الفلسطينية، وهو ما دحضته المحكمة.

ويوجد مقر المحكمتين في مدينة لاهاي بهولندا، ومحكمة العدل هي الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة ومن مهامها إصدار الفتاوى بشأن المسائل القانونية المحالة إليها والبت في المنازعات القانونية، أما المحكمة الجنائية فيخضع لاختصاصها المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

محاكمة قادة الاحتلال

أكد دحلة أن “القرارات القانونية التي تصدر عن محكمة العدل الدولية ذات أهمية قانونية كبيرة وأيضا حال بدأت المحكمة الجنائية في تحقيقها الجنائي”.

وقال إن “محكمة العدل تصدر قرارات مفصلية، فالرأي القانوني في موضوع الجدار مثلا هو أهم وثيقة قانونية في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي”.

وتابع: “الاحتلال الإسرائيلي المتواصل هو الأطول في القرن العشرين.. وقرار محكمة العدل سيكون مفصليا ومهما وسيمهد الطريق لملاحقة قادة الاحتلال الإسرائيلي وخاصة من يتخذون القرارات ببناء مستوطنات وبضم مناطق في الأراضي الفلسطينية”.

وأردف أن القرار المرتقب “سيمهد لمحاكمة مسؤولين إسرائيليين دوليا، وإذا رأى الاحتلال الإسرائيلي أن هذا قد يحدث فربما يغير من ممارساته ويكبح جماح طمعه في المزيد من المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

مقاطعة متوقعة

ورجح دحلة أن “تقاطع إسرائيل هذه المرة أيضا المحكمة” كما فعلت حين نظرت المحكمة بمسألة جدار الفصل العنصري.

وقال إن “إسرائيل في مثل هذا الموقف تكون في حيرة، فمن ناحية تريد أن تدافع عن نفسها ولديها ما تقوله، ومن ناحية أخرى تخشى أن وجودها في المحكمة ومجرد تقديمها مرافعات يعطي نوعا من الشرعية للمحكمة أو وزنا نوعيا لقرارها”.

وأضاف: “هي تخشى أن يقول العالم إن إسرائيل كانت في المحكمة وقدمت طعونها ثم صدر قرار المحكمة في غير صالحها، وهذا يضعف موقفها”.

وأردف: “ولذلك ارتأت إسرائيل في الماضي أن تقاطع محكمة العدل وتقول من بعيد إنه لا صلاحية للمحكمة، ومن المتوقع أن تكرر موقفها وتبعث أصدقاءها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، ليقولوا هذا الموقف أمام المحكمة.. وفي كل الأحول سيكون قرار المحكمة في غير صالح إسرائيل”.

وفي 12 نوفمبر/ تشرين الأول الجاري، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته يائير لابيد، في بيان، إن “إسرائيل ترفض بشدة مشروع القرار الفلسطيني”.

واعتبر أن هذه “خطوة فلسطينية أحادية الجانب أخرى تعمل ضد المبادئ الأساسية التي من شأنها حل الصراع وهي قد تضر بكل احتمالية للقيام بعملية سلمية في المستقبل”.

ومنذ أبريل/ نيسان 2014 توقفت مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان وإطلاق أسرى قدامى، بجانب تنصلها من مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).

لصالح فلسطين

واستبعد دحلة أن يستغرق صدور قرار محكمة العدل وقتا طويلا، وقال إن “الوثائق والبيانات التي تحتاجها المحكمة متوفرة لدى الأمم المتحدة ومؤسساتها وهيئاتها ولجان حقوق الإنسان المختلفة المتفرعة عن اتفاقيات دولية عديدة”.

وأردف: “ولذلك فمن غير المتوقع أن يأخذ هذا الموضوع فترة طويلة، وسيكون القرار لصالح الفلسطينيين”.

وقال دحلة: “نتحدث عن محكمة دولية فيها 15 قاضيا ويحكمون بموجب القانون الدولي وما يقدم أمامهم من مستندات”.

وختم بأن “هؤلاء القضاة يكونون بالعادة حياديين أكثر بكثير من رجال السياسة ومن متخذي القرار في الدول المختلفة، ومن هنا أهمية التوجه الى هذه المحافل لأنها تنصف الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وتأخذ القرار بموجب الحقائق والقانون الدولي”.

المصدر: الأناضول