هل يُقدِم نتنياهو على إعادة احتلال الضفّة؟

تزداد الإشارات والعلامات في كيان الاحتلال (الإسرائيليّ) إلى أنّه مع بدء حكومة بنيامين نتنياهو السادسة، وهي الأكثر بطشًا وعنصريّةً وفاشيّةً في تاريخ الدولة العبريّة، مزاولة مهامها قريبًا جدًا من المُتوقّع جدًا أنْ تُقدِم دولة الاحتلال على عمليةٍ عسكريّةٍ واسعة النطاق في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، تشمل إعادة احتلال مناطق، وعلى نحوٍ خاصٍّ في شمال الضفّة الغربيّة.

 ويُشار إلى أنّ صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة نقلت اليوم عن محافل وزانةٍ بالمؤسسة الأمنيّة (الإسرائيليّة) قولها إنّ جيش الاحتلال يعتزم تقديم طلبٍ إلى لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست لإقرار استدعاء عشرات الكتائب في قوات الاحتياط لتنفيذ مهمات في الضفة الغربية، وذلك بسبب الوضع الأمنيّ المتوتر، على حدّ تعبيرها.

 يأتي هذا التطوّر في وقت تجددت فيه المطالبات (الإسرائيلية)، بإعادة احتلال جميع مناطق الضفة الغربية، كما فعل رئيس وزراء الاحتلال الأسبق، أرئيل شارون، عام 2002 ضمن عملية ما يسمى “السور الواقي”.

 ووفقًا لما ذكرت وسائل الاعلام (الإسرائيلية)، فإنّ الأصوات المُطالبة بإعادة احتلال الضفة الغربية، “شعبويّة”، خصوصًا وأنّ جيش الاحتلال قد يجِد نفسه متورطًا في المدن الفلسطينية بزعم ملاحقة منفذي العمليات.

 وأوضحت أنّ زيادة الاحتكاك مع الفلسطينيين، سيأتي بثمنٍ باهظٍ على جيش الاحتلال، مبينة أنّ النشاط العسكري لإضعاف القدرات العسكرية التأهيلية للمنظمات الفلسطينية، لن يعيد الهدوء الأمني لـ(إسرائيل).

 وترى المحافل الأمنيّة (الإسرائيليّة)، أنه وبعد مرور 20 عامًا على عملية السور الواقي، عادت جنين لتصبح أكثر مدن الضفة الغربية تحديًا لجيش الاحتلال.

 ومن جهته، نقل الباحث في معهد دراسات الأمن القومي التابع للجامعة العبرية عوفير شيلح عن مسؤولي الأمن في الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) قولهم إنّ “الوضع في الضفة الغربية قد يتدهور في أيّ لحظةٍ”.

 وأضاف في مقال نشره بصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة: “هذا هو نتيجة مجتمع (فلسطيني) محبط، مليء بالأسلحة النارية ويخضع لسلطة السلطة الفلسطينية الضعيفة، لكن هذا مجرد جزء صغير من الصورة الكاملة لأنّ خبراء الأمن لا يتابعون سوى الجانب العسكري للقضية، أو بعبارة أخرى (العدو)”.

وتابع: “إذا سُمح لهم بالتعبير عن إدراكهم في الجانب (الإسرائيلي)، فمن المحتمل أنْ يشيروا إلى عدم مبالاة الجمهور (الإسرائيلي) وصناع القرار”.

وأكمل شيلح: “إذا كانت هناك قضية واحدة لا تحظى باهتمام كلا جانبي الساحة الحزبية (اليمين واليسار)، فهي الشعور بأنّ المشكلة الفلسطينية لا تهم أحدًا”.

وأردف: “قد يُغيّر الشكل الجديد للانتفاضة القادمة الصورة كاملاً، وحتى مع المعلومات الاستخباراتية التي قدمها الشاباك، والغارات المستمرة على الضفة الغربية التي يقوم بها الجيش (الإسرائيلي)، ستبقي المشكلة داخل الجيوب الفلسطينية، ولن تحل أي شيء”.

 ومضى شيلح قائلاً، وهو الذي كان نائبًا بالكنيست وعضو في لجنة الخارجيّة والأمن: “سيظل هناك حوالي ثلاثة ملايين فلسطيني تحت السيطرة (الإسرائيليّة)، والجيش والنظام القضائي والوعي (الإسرائيلي) وصورة الدولة اليهودية في العالم سوف تُلطَّخ بصورة السيطرة على الناس الآخرين، الأمر الذي يهددنا أكثر من أيّ خطرٍ عسكريٍّ”.

 وفي هذا السياق، قال مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، المُقرّب جدًا من دوائر صنع القرار الأمنيّ، قال إنّه “يتوقع أنْ تنتقل معظم كتائب الاحتياط في التشكيلة القتاليّة قريبًا جدًا إلى الضفّة الغربية، خلافًا لنوايا معلنة لهيئة الأركان تخفيف العبء الأمني المستمر على رجال الاحتياط، وهذا واقع ستكون له آثار معنوية واجتماعية واقتصادية”، على حدّ تعبير المصادر التي اعتمد عليها.

وشدّدّ المحلل على أنّ المواجهة المستمرة تستنزف وتسلب الاهتمام والموارد من الجيش كما حدث في الانتفاضة الأولى، وستبرز الخلافات السياسية والأيديولوجية

 في الضفّة الغربيّة، تحتاج إلى إدارةٍ حساسةٍ ودقيقةٍ وحذرةٍ في استخدام القوة، وهذا ما كان يريده الجيش، ولكنّه استدرك قائلاً إنّه “ثمة شك بأنّ هذا هو ما كان سيحصل عليه ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من أصدقائهما”، على حدّ تعبيره.

 علاوة على ما ذُكِر أعلاه، أكّد المحلل، نقلاً عن ذات المصادر إنّ “شبه الانتفاضة الحالية، التي لا أحد يسميها باسمها حتى الآن، تظهر وكأنّها موجودة هنا لتبقى. لا يجب أنْ تتطور إلى حجم موجة العمليات الانتحارية، بل يكفي أنّ العمل المسلح سيستمّر بالوتيرة الحالية من أجل أنْ يبقي في الضفة وفي خط التماس جزءًا كبيرًا من القوات النظامية للجيش، والمس بالتدريبات واستعدادات الحرب بشكلٍ شديدٍ”.

المصدر: رأي اليوم