فقرٌ وغُربة وخوف من المستقبل.. تلخص ثلاثية المعاناة هذه واقع اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، لكن ما يُخفف عنهم وطأة القهر؛ استمرار إيمانهم بحتمية العودة إلى الديار بعد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
ففي لبنان، أثرت الأزمات التي مرّت بها البلاد على الأوضاع الإنسانية للاجئين، ولم يشهد واقعهم أي تغيّر إيجابي، بل ازداد الأمر سوءًا، ووصلت أوضاعهم إلى “نقطة اللاعودة”.
وفي سوريا، واجه لاجئو مخيمي اليرموك وخان الشيخ التهجير القسري، وارتفعت معدلات الهجرة بين أوساط الشباب، فيما وصلت معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
أما في الأردن؛ ففقد الكثير من اللاجئين مصادر دخلهم نتيجة جائحة كوفيد-19، بينما أصبحت بعض المخيمات ذات كثافة سكانية عالية، في ظل محدودية المراكز الصحية والتعليمية.
وكان المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني قال في وقتٍ سابق “إنّ فقر لاجئي فلسطين، مقترنًا بغياب عملية سياسية وأي أمل في مستقبل أفضل، يؤجج الضيق واليأس والغضب”.
ويُبدي اللاجئون تخوفًا كبيرًا في ظل تقليصات بعض خدمات أونروا، وضعف تمويلها، بالتزامن مع سعي إسرائيلي محموم لتصفية وجودها، وإنهائها كشاهد على النكبة.
سوريا
ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في سوريا من ضعف المنظومة الصحية، وانتشار الأمراض الاجتماعية التي أفرزتها تداعيات الحرب وتردي الوضع الاقتصادي، الأمر الذي انعكس سلبًا على المنظومة التعليمية والاجتماعية والقيمية للمجتمع الفلسطيني والسوري، وفقًا لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا.
وخلفت تقليصات “أونروا”، وضعف مساعداتها واقعًا مريرًا للعائلات الفلسطينية السورية في لبنان ومصر والأردن، علاوة على استمرار اضطراب أوضاعهم القانونية مما جعلهم يعيشون تحت التهديد والخوف من الترحيل نحو المجهول.
ويوضح المسؤول الإعلامي في مجموعة العمل، فايز أبو عيد، أنّ أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني اضطروا للهجرة خارج سوريا، فيما نزح 60% من اللاجئين الفلسطينيين عن بيوتهم لمرة واحدة على الأقل منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، في وقت ما زال 438 ألف فلسطيني في سوريا حتى اليوم.
ويقول، أبو عيد، في حديث خاص لوكالة “صفا”: “واجهت 1500 عائلة فلسطينية التهجير القسري من مخيمي اليرموك وخان الشيح وجنوب دمشق إلى الشمال السوري، وتتواجد تلك العائلات في خيام تفتقد لأدنى مقومات الحياة الكريمة”.
وبحسب وكالة الغوث، تعيش 91% من الأسر الفلسطينية في حالة فقر مدقع، مما جعل 95% منهم يعتمدون على المساعدات النقدية المقدمة من “أونروا”، في ظل تردي الوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار وارتفاع إيجار المنازل، وانتشار البطالة بينهم.
ويبين المسؤول الإعلامي أنّ حصيلة القتلى من الفلسطينيين في سوريا، منذ عام 2011 وحتى نهاية نيسان 2022، بلغت نحو 4147، منهم 487 من النساء.
ويتواجد أكثر من 3000 معتقل فلسطيني في السجون، فيما قضى 643 لاجئًا فلسطينيًا تحت التعذيب في السجون، وما زال 336 لاجئًا مفقودًا منذ بدء الأزمة.
لبنان
من جهته، يوضح مدير منظمة “ثابت” لحق العودة سامي حمود، أنّ الأزمات الاقتصادية والمالية التي مر بها لبنان منذ 3 أعوام، وما شهده العام 2022 من تطورات على المستوى اللبناني والفلسطيني، أثرت بشكل كبير على الأوضاع الإنسانية للاجئين الفلسطينيين.
ويقول حمود، في حديث خاص لوكالة “صفا”، إنه: “على الرغم من التغيير السياسي الذي حصل في لبنان خلال العام الجاري، وإجراء انتخابات برلمانية لبنانية وتشكيل مجلس جديد، إلا أنّ ذلك لم يُغيّر من واقع الحال”.
ويؤكد أنّ واقع اللاجئين الفلسطينيين ازداد سوءًا في ظل استمرار التدهور المالي، وفقدان القيمة الشرائية لليرة اللبنانية أمام الدولار، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وغياب فرص العمل، وزيادة نسب الفقر والبطالة.
وكانت “أونروا” أوضحت في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني، “أنّ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وصلت أوضاعهم إلى الحضيض وإلى “نقطة اللاعودة”.
ووفقًا لـ”أونروا”؛ ارتفعت معدلات الفقر لدى اللاجئين إلى 73٪، إلى جانب ذلك، يُمنع الفلسطيني في لبنان من التملك بموجب القرار رقم 296 لعام 2001.
ويطالب مدير منظمة “ثابت”، “أونروا” بوضع خطة طوارئ عاجلة، تتضمن تقديم مساعدات إغاثية ونقدية دورية للّاجئين الفلسطينيين كافة.
ويدعو “أونروا” لرفع نسبة الاستشفاء في المستشفيات الخاصة إلى 100 % للمرضى الفلسطينيين، وكذلك النازحين الفلسطينيين من سوريا، وتأمين الأدوية كافة في صيدليات العيادات.
كما يطالب الوكالة الأممية بالإسراع في تقييم برنامج “حالات العسر الشديد”، وتوسيع دائرة المستفيدين منه، داعيًا الدولة اللبنانية لتسهيل الإجراءات اللازمة لتحسين فرص العمل للاجئين.
ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، -وفق تقديرات ميدانية- بنحو 250 ألفًا، يتوزعون على 12 مخيمًا، وأكثر من 156 تجمعًا.
الأردن
وضربت جائحة كوفيد-19 الاقتصاد وسوق العمل في الأردن، مما أدّى إلى تجريد جزء كبير من اللاجئين من مصادر دخلهم، وفقًا للأمم المتحدة
وينتشر في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، الفقر، والبطالة، عدا عن الكثافة السكانية العالية في بعض المخيمات، وحالة المساكن السيئة، وحاجتها للإصلاح وإعادة التأهيل.
وتغيب في المخيمات المساحات الخضراء ومساحات اللعب المفتوحة، بينما تعد المراكز الصحية في المخيمات غير كافية لاحتياجات اللاجئين.
ويعيش في الأردن أكثر من 2.1 مليون لاجئ فلسطيني مسجلًا لدى “أونروا”، ويتمتع هؤلاء بالمواطنة الأردنية الكاملة باستثناء حوالي 171 ألف لاجئ أصلهم من قطاع غزة، الذي كان حتى عام 1967 يتبع للإدارة المصرية، ويواجه هؤلاء قيودًا في الوصول إلى بعض الخدمات وفرص كسب العيش، وفقًا لـ “أونروا”.
وبحسب التقرير السنوي لوكالة الغوث، فإنه مع نهاية عام 2020 تم تسجيل نحو 17 ألف من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا في الأردن، وظلت نسبة 9.9% منهم، والذين لا يتمتعون بصفة قانونية في البلد عرضة للخطر بشكل خاص، حيث واجهوا قيودًا في الوصول إلى سوق العمل والمحاكم، والمساعدات الإنسانية، وتهديدًا مستمرًا بالاحتجاز، واحتمال الإعادة القسرية.
وبالإضافة إلى سوريا ولبنان والأردن، التي يتواجد فيها العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين؛ يعاني الآلاف منهم أيضًا حول العالم بعد أن طردتهم العصابات الصهيونية قسرًا من أراضيهم عام النكبة 1948.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=139596