في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال أخطر أزمة سياسية داخلية، أظهرت معطيات إحصائية حديثة أن نسبة ثقة الإسرائيليين في مؤسسات الدولة وصلت الى أدنى مستوياتها منذ عشرين عاما، مما حدا برئيسها يتسحاق هرتسوغ للإعراب عن قلقه من “ضعف تماسك الإسرائيليين”.
سيفان هيلاي مراسلة صحيفة يديعوت أحرونوت، كشفت أن “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أعلن عن مؤشره السنوي العشرين، وأظهر أن نسبة ثقة الإسرائيليين في المحكمة العليا تبلغ 42٪ فقط، وأن 18٪ فقط منهم يثقون في الكنيست، و9٪ فقط يثقون في الأحزاب السياسية، و23% فقط يثقون بوسائل الإعلام، أما الأغلبية المطلقة من الإسرائيليين فتعتقد أن السياسيين يهتمون بمصالحهم الشخصية أكثر من الجمهور الذي انتخبهم”.
وأضافت في تقرير ترجمته “عربي21” أن “هذا المؤشر السنوي يصدر منذ عام 2002، ويقدم نظرة عامة ومقارنة أوسع للرأي العام الإسرائيلي على مدى العقدين الماضيين، حيث تم تقسيم جميع البيانات حسب الميول السياسية ودرجة التدين والقطاع والعمر، ويفحص ثقة الجمهور في ثماني من مؤسسات الدولة: الجيش، الشرطة، الرئيس، المحكمة العليا، الحكومة، الكنيست، الأحزاب السياسية، ووسائل الإعلام”.
وأوضحت أنه “وفقًا للبيانات الواردة في المؤشر الحالي، فقد طرأ انخفاض كبير في ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة، وقد بات ملحوظا بشكل خاص في العقد الماضي وهبط من 61٪ في 2012 إلى 33٪ في 2022، أما المؤسستان اللتان شهدتا زيادة في الثقة مقارنة بالعام الماضي فهما الجيش ورئيس الدولة، فيما انحدرت النسبة في باقي المؤسسات إلى الدرجة الأدنى على الإطلاق، وهي المحكمة العليا والكنيست والأحزاب السياسية”.
وأكدت أن “المؤشر أظهر أن الجمهور الإسرائيلي لديه شعور بأن السياسيين لا يقومون بمهمتهم بصفتهم الموكلين بمصالح ناخبيهم، وينظر إليهم على أنهم يهتمون بأنفسهم بشكل أساسي بنسبة 85٪، و22٪ فقط يعتقدون أن أعضاء الكنيست يعملون بجدّ، ويؤدون واجباتهم بشكل جيد، فيما اعتبر 38٪ من اليهود أن ميزان القوى بين أحزاب الكنيست يعكس انقسام الرأي العام، وأظهر العقد الأخير زيادة حادة في نسبة الإسرائيليين المهتمين بقائد قوي يمكنه التصرف دون قيود”.
وأوضحت أنه “وفقًا لبيانات المؤشر، فقد حدث في العقد الماضي انخفاض كبير بنسبة المتفائلين بمستقبل الدولة من 76٪ إلى 49٪، لكن الغالبية العظمى ترغب بالبقاء فيها بنسبة 69٪”.
هرتسوغ الذي استلم التقرير أكد أنه “منذ اللحظة التي انتخبت فيها رئيساً، وضعت الخلافات والانقسامات في المجتمع الإسرائيلي كواحدة من أكثر القضايا إلحاحاً بالنسبة لي، ولهذا السبب أنا قلق للغاية بشأن البيانات الموجودة في المؤشر، من حيث ضعف التضامن الإسرائيلي، وتقويض الشعور بالانتماء للدولة، وانخفاض درجة التفاؤل بشأن وضعنا، وهذه معطيات صلبة تنضم لأجزاء أخرى من التقرير تعكس التوترات الداخلية بداخلنا، بعبارة أخرى فإن تماسكنا يضعف”.
يوهانان بليسنر رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أكد أن “المؤشر يظهر بوضوح أنه لا توجد أغلبية في الجمهور تؤيد التغييرات الهادفة لإضعاف المحكمة العليا وسحق النظام القضائي كما يخطط وزير القضاء ياريف ليفين حالياً، وإن مجموعة المبادرات التي يروج لها ستؤدي بشكل تراكمي لتحطيم مبدأ الفصل بين السلطات، وسيطرة السلطة التنفيذية على القضاء، وإلغاء قدرة المحكمة العليا على حماية الفرد من تعسف الحكومة، وإن مواطني إسرائيل والقادة العامين من جميع القطاعات ملزمون ببذل كل ما بوسعهم للحدّ من هذه المبادرات الأحادية الخطيرة”.
البروفيسور تامار هيرمان مدير مركز فيتربي للرأي العام وبحوث السياسات أكد أنه “النظر للوراء عشرين عاما للوراء، فيبدو أن هناك تآكلا في المواقف العامة بشأن مبادئ أساس الديمقراطية بين الجمهور اليهودي فيما يتعلق بالمساواة المدنية مع الفلسطينيين داخل الدولة، وهناك تراجع واضح برغبة إسرائيل بتقديم توازن بين الطابعين الديمقراطي واليهودي، باستثناء الجمهور العلماني، أما في مجموعة الأغلبية اليهودية فقد كان التفضيل المتزايد لصالح تغليب الهوية اليهودية”.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=139995