حبيب علاونة.. كافل الأيتام شهيدًا

بالساعات والدقائق كان يترقب الشهيد حبيب محمد علاونة كميل (25 عاماً) إتمام مراسم زفافه الذي لم يحدده بعد، إلا أنّ مراسم الزفاف تحولت إلى مراسم جنازته التي انطلقت من أمام منزل خطيبته حيث كان هدفاً للقتل بدمٍ باردٍ من قوات الاحتلال.

لم تمر ساعات قليلة، كان محمد قد عاد لتوه من السفر من تركيا قبل أن يتوجه بزيارة خاطفة إلى منزل عمه والد خطيبته الخميس الماضي في قباطية، ولم يكن يعلم بأمر تسلل القوات الإسرائيلية الخاصة إلى البلدة، وتمركزها في منطقة قريبة من منزل عمه والد خطيبته، في مهمة هدفت إلى اعتقال الشاب محمد عادل علاونة والذي اعتقلته قوات الاحتلال، وعلى بعد أمتار من منزل عمه، أطلق أحد أفراد القوة الإسرائيلية الخاصة النار على الشهيد كميل، فأصابه برصاصة قاتلة استقرت في رأسه فأردته شهيداً.

وعبثاً راح طاقم الإسعاف التابع لجمعية الهلال الأحمر الوصول إلى موقع ارتقاء الشهيد كميل، حيث منعته قوات الاحتلال من الاقتراب، وهددت بإطلاق النار عليه، وتركت الشهيد ينزف على الأرض حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

حبيب الأيتام

“حبيب الأيتام” لم يكن سهلاً على أحد أن ينتزع لقباً بهذه الدرجة إلا وكان قد قدّم في الخفاء أكثر ما يقدمه في العلن، فكان الشهيد تاجر الملابس المعروف حبيباً للأيتام لم يتردد يوماً بكفالتهم.

فأنشأ علاقة صداقة مع جمعية “قباطية” الخيرية، لكفالة الأيتام بالمال والملابس، وتبرع بتمر وماء لمشروع “على الطريق” في شهر رمضان، وتقديم إفطار كامل للأيتام ومراكز تحفيظ القرآن في البلدة، بجانب كفالته ليتيم والتزامه تحمل نفقاته شهريًّا.

ويقول محمد كميل، أحد أقارب الشهيد حبيب، كان الشهيد يمتلك محلاً لبيع الملابس، وكان رغم صغر سنه كافلاً لنحو عشرة أيتام كان يتولى صرف مخصصات مالية منتظمة لهم، وفي كل مناسبة كان يبادر إلى كسوة عشرات الأيتام والفقراء على نفقته، وإذا حضر إلى محله فقير لا يملك ثمن الملابس، كان يمنحه إياها لوجه الله، عدا عن تمتعه بأخلاق رفيعة وأدب جم واستحياء غير معهود.

وحسب أفراد من عائلة الشهيد كميل، فإنه كان في طريقه لزيارة منزل عمه الواقع في الحارة الشرقية من قباطية على طريق الجامعة العربية الأميركية، بالتزامن مع اندلاع اشتباكات مسلحة مع المقاومين إثر اكتشاف أمر تسلل قوات إسرائيلية خاصة إلى البلدة، واقتحام منازل العائلة في الحارة، بعد ساعات من عودته من مهمة سفر إلى تركيا، حيث يسافر لأجل استيراد ملابس وأحذية لمحله الخاص.

واعتقلت قوات الاحتلال الخاصة محمد ابن عم الشهيد حبيب، وبعد ذلك اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال البلدة للتغطية على القوات الخاصة بعد انكشاف أمر تسللها واستهدافها من المقاومين بصليات من الرصاص والعبوات الناسفة محلية الصنع، في حين خرج مئات الشبان لمواجهة قوات الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة.

رثاء الأيتام

ونشرت جمعية قباطية الخيرية عن الشهيد حبيب كميل، فقالت، إنه كان كافلاً للأيتام بالمال والملابس في كل عيد ومناسبة، وتبرع بالتمر والماء لصالح مشروع “على الطريق” في شهر رمضان، وكان صاحب تبرعات عينية وملابس للجمعية وأيتامها، ويقدم كراتين من الملابس للأيتام، وتبرع بإفطار كامل على نفقته الخاصة للأيتام، وطلبة مراكز تحفيظ القرآن الكريم في قباطية.

وأضافت: “قبل أسبوع من استشهاده وعد الشهيد بمساهمة مالية لمبنى الروضة ومركز التحفيظ الجديد، وكانت زكاة أمواله للجمعية كل سنة يقدمها كمحب للخير”.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام