تشهد الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع والمواد الغذائية، وذلك قبيل حلول شهر رمضان المبارك، ليضيف الغلاء تحديات جديدة على السوريين، الذين يعانون من انهيار قيمة العملة المحلية إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة أمام الدولار الأمريكي، ومن تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق في سوريا في 6 شباط/فبراير الماضي.
وفي دمشق، تسجل الأسعار ارتفاعات شبه متواصلة، وبلغ الارتفاع ذروته في اللحوم الحمراء والبيضاء والخضار والفواكه، حيث وصل سعر كيلو لحم الغنم إلى ما يقارب الـ75 ألف ليرة سورية (نصف راتب موظف حكومي)، وذلك على الرغم من ضعف الإقبال وانخفاض الطلب على اللحوم إلى النصف مقارنة بالعام الماضي، وفق مصادر موالية للنظام.
وخلال أقل من شهر، ارتفعت الأسعار لأكثر من 10 بالمئة بحسب “جمعية حماية المستهلك” بدمشق، ويعزو عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق في تصريح لوسائل إعلام محلية ارتفاع الأسعار إلى العديد من الأسباب، ومنها الضبابية في التشريعات والقوانين المحددة لعملية الاستيراد وتأمين القطع وغياب التنافسية والوفرة.
ويعاني غالبية السوريين من عدم التناسب بين الدخل وأسعار السوق، حيث قدر محلل اقتصادي تكلفة الإفطار للعائلة في رمضان بأكثر من 70 ألف ليرة في اليوم (150 ألف ليرة متوسط الأجور)، معتبرا في حديثه لصحيفة “تشرين” الرسمية، أنه “من النادر أن تكون العائلة حاليا قادرة على إعداد تحضيرات الفطور والسحور كما اعتادت خلال هذا الشهر الكريم، المتمثلة في طبخة أساسية وشوربات ومقبلات، وذلك بسبب ارتفاع التكاليف وضعف القدرة الشرائية”.
ويقول أحد تجار مدينة حماة؛ إن الإقبال على شراء المواد الغذائية الضرورية لشهر رمضان في حده الأدنى، مؤكدا لـ”عربي21″ أن العائلات تشتري المواد الضرورية بكميات قليلة جدا، مثل الأرز والزيت والعدس.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي السوري سمير الطويل لـ”عربي21″؛ إن ارتفاع الأسعار زاد من عجز العائلات السورية وخصوصا مع حلول رمضان، بحيث لم يبق أمام غالبيتهم إلا انتظار المساعدات المقدمة من الجمعيات والمنظمات.
ويضيف أن دولا مستقرة ولم تخض حربا مستمرة لأكثر من عقد تعاني اليوم من تبعات التضخم، ويتساءل: “كيف هو الحال بالسوريين، الذين يعيشون ويلات وكوارث وآخرها الزلزال”؟.
ويقول الطويل؛ إنه مع كل ذلك، تواصل الليرة السورية مسيرة الهبوط، حيث وصل الدولار الواحد إلى حدود 7500 ليرة سورية، وتواصل حكومة النظام سياسة رفع الدعم من خلال إخراج الكثير من السوريين من منظومة الدعم (محروقات- مواد غذائية).
“رمضان الأقسى”
ومن ثم، يعتقد الطويل أن السوريين على موعد مع شهر رمضان أصعب بكثير من الماضي، وذلك نظرا لارتفاع الأسعار وثبات الدخل بالليرة السورية، مضيفا أن “قسما كبيرا من السوريين يعجزون الآن عن توفير أقل المتطلبات، ومن ثم نحن أمام زيادة في مستويات الفقر”.
وبحسب الصحفي عبد العزيز الخطيب، فإن السوريين يعيشون على المساعدات الإنسانية، مبينا أن “الكثير من العائلات لا تجد قوت يومها لولا المساعدات، وخاصة العائلات التي تضررت من الزلزال”، مستدركا في حديثه لـ”عربي21”: “لكن حتى المساعدات غير كافية، الأزمة كبيرة جدا، والكارثة معقدة”.
ويضيف الخطيب أن كل ذلك يدفع بالسوريين إلى تغيير العادات الاستهلاكية في رمضان، حيث يتم الاستغناء حتى عن لحوم الفروج، التي وصل سعرها إلى نحو 8 آلاف ليرة سورية، بمكعبات مرق الدجاج (ماجي).
الشمال السوري..التحضيرات معدومة
ولا يختلف الحال في الشمال السوري كثيرا، حيث أكد تاجر المواد الغذائية أحمد الحسن من مدينة مارع لـ”عربي21″، أن حركة الأسواق غير معتادة في هذا الوقت من كل عام، أي قبل حلول رمضان.
ويوضح الحسن أنه اعتاد مع حلول كل رمضان على تكديس بعض الأصناف المطلوبة في رمضان مثل التمر والعصائر واللبنة وغيرها، ويردف: “لكن هذا الشهر الأمر مختلف؛ لأن حركة الأسواق مؤخرا تدل على أن الإقبال في حده الأدنى.. الناس يشترون بكميات قليلة جدا”.
وقبل أيام، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة؛ إن “الجوع وسوء التغذية يرتفعان بشدة في سوريا”، وإن “أكثر من نصف سكانها يعانون من نقص الغذاء بعد 12 عاما من الحرب والضغوط الاقتصادية وزلزال الشهر الماضي”.
وذكرت كورين فلايشر، وهي المديرة الإقليمية للبرنامج في الشرق الأوسط، أن “الوضع أسوأ من أي وقت مضى في سوريا”، في حين قدر تقرير برنامج الأغذية أن “نحو 55 في المئة من سكان سوريا البالغ عددهم 12.1 مليون شخص تقريبا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن 2.9 مليون آخرين معرضون لخطر الوقوع في براثن الجوع”.
المصدر: عربي21
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=140317