أصاب الإحباط إسلام الخالدي وهي تتجول في أسواق مدينة غزة لشراء كسوة العيد؛ فالارتفاع “غير المنطقي” لأسعار ملابس الأطفال جعل من المستحيل عليها تلبية رغبات صغارها ولاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وكانت جولة واحدة في شارع عمر المختار الرئيس بمدينة غزة، كفيلة بـ”تعكير مزاج” الخالدي، وإفساد خططتها المالية التي وضعتها لموسم العيد.
وتقول الخالدي، لمراسل وكالة “صفا”: “تجولت في الشارع؛ فوجدت أسعار الملابس مرتفعة جدًا. أقل طقم للأطفال يتراوح سعره من 100-200 شيكل، وهذا يشكل عبئًا إضافيًا علينا، وعلى كثير من الأهالي خاصةً الذين لديهم 4 أطفال أو أكثر”.
وتنقلت المواطنة الخالدي بين أسواق مدينة غزة، كما تضيف، علّها تجد ملابس لطفليها بسعرٍ معقول، لكن ورغم أن بعض المحال لديها بضائع من السنة الماضية، إلا أن أسعارها مرتفعة بسبب زيادة الطلب عليها.
ويثقل ارتفاع أسعار ملابس العيد للأطفال هذا العام كاهل الكثير من الأهالي، في وقت تكون الملابس متبوعة بملحقات أخرى من أحذية واحتياجات منزلية وحلوى وألعاب أطفال.
وقفة جادة
التذمر من ارتفاع أسعار ملابس الأطفال أصاب أيضًا المواطن يحيى محمد، الذي تنقّل بين العديد من المحال التجارية لشراء كسوة العيد لطفليه براء وشام، لكن جهوده ذهبت سدى.
ويقول محمد، لمراسل وكالة “صفا”: “نزلت إلى السوق لشراء ملابس العيد لأطفالي؛ فانصدمت حقًا من تلك الأسعار، حيث لم تكن بالحسبان، يجب عليَ توفير300 شيكل لشراء الملابس لطفليَ، أين نحن؟ ولماذا هذا الارتفاع المهول بالأسعار؟”.
ويضيف “أعجبني طقم لطفلي، لكن صاحب المحل صدمني بسعره وطلب 200 شيكل مقابل قميص وبنطلون وبلوزة، متسائلاً “أين نحن؟ وماذا سيفعل من لديه 4 أو 5 أطفال؟”.
ويلفت محمد إلى أن غلاء الأسعار يتعلق بملابس الأطفال فقط، “وكأن التجار يعلمون ضعف الآباء تجاه أبنائهم، إذ إن أسعارها في السوق مرتفعة جدًا وغير مبررة، وهذا الأمر يعاني منه الموظف الحكومي أو في القطاع الخاص، فما بالنا بأصحاب الأجور المتدنية أو الذين لا يعملون؟”.
“ارتفاع عالمي”
ويقول التاجر محمد أبو ندى إن ارتفاع أسعار الملابس هذا العام يعود لـ”ارتفاع أسعارها من بلد المنشأ، سواء كانت تركيا أو الصين، إضافةً لرسوم الشحن المرتفعة جدًا” على حد وصفه.
ويشير أبو ندى، الذي يملك متجرًا لبيع ملابس الأطفال، في حديثه لمراسل وكالة “صفا”، إلى أن القدرة الشرائية لدى المواطنين ضعيفة لظروف الحصار وصعوبة الأوضاع المعيشية، إضافة إلى أن فئات كثيرة من الناس مثل مستفيدي الشؤون الاجتماعية لم يتقاضوا مخصصاتهم المالية، والتي كانت تسهم بشكل كبير في إنعاش السوق.
وتتراوح أسعار أطقم العيد للأطفال في المحال التجارية بغزة من 100-200 شيكل، وتزيد وتنقص بحسب جودتها، وهو سعر لا يتناسب مع كثير من العائلات محدودة أو متوسطة الدخل.
ويذكر أبو ندى أن “هامش ربح التاجر من تلك الملابس يتراوح بين 10-15 شيكلًا في القطعة الواحدة”، مشيرًا إلى أن “ارتفاع أسعار الملابس من المصدر يُقلل نسبة المناورة لدينا”.
ويرى التاجر أن إقبال المواطنين على شراء كسوة العيد هذا العام ضعيفة حتى اليوم مقارنةً بالعام الماضي، لكن ينتظر التجار رواتب موظفي السلطة والحكومة في غزة لـ”تحريك المياه الراكدة”.
أسباب عديدة
أما الخبير الاقتصادي والأكاديمي محمد مقداد فيوضح أن ارتفاع أسعار ملابس الأطفال يعود إلى عدة أسباب أهمها ارتفاع أسعار الملابس من دول المنشأ، وارتفاع رسوم شحنها بشكل كبير ومبالغ فيه، خاصة تلك التي تأتي من الجانب المصري.
ويبيّن مقداد، في حديث لمراسل وكالة “صفا”، أن “تكلفة الشاحنة التي تأتي من مصر يصل إلى 10 أضعاف سعرها الحقيقي بسبب رسوم النقل”، لافتًا إلى أن “بعض الشاحنات تصل تكلفة نقلها من مصر لغزة نحو 40 ألف دولار، في وقت أن رسوم نقلها الحقيقي من الصين لا يتجاوز 5 آلاف دولار”.
ويشير مقداد إلى أن “سخط المواطنين يظهر في غزة بشكل أكبر مما عليه في الضفة بسبب انخفاض القدرة الشرائية، إذ إن معدل الرواتب في غزة مقارنةً بالضفة منخفض، عدا عن أن نسبة البطالة في القطاع تقترب من 46%، في حين تصل إلى نصفها بالضفة”.
وبشأن تأثير “تعلية” الـ10 شيكل التي فرضتها الحكومة في غزة مؤخرًا على بنطال الجينز، يرى مقداد أنها “طبيعية، ومعمول بها في الكثير من دول العالم”.
ويقول: “في الوضع الطبيعي هذه الضريبة لا تؤثر سواء على التاجر أو المستهلك؛ لكن حين يكون هناك استغلال كبير في رسوم شحن البضاعة المبالغ فيه، هنا تؤثر”.
ويدعو مقداد “أصحاب القرار في غزة ولاسيما وزارة الاقتصاد للمراقبة على التجار، وبحث تخفيض رسوم الشحن المهولة مع المسؤولين المصريين، وفي حال تعذر ذلك، إجراء تنسيق مع سلطات الاحتلال لإدخال ملابس بتكاليف أقل وبعيدًا عن الاستغلال”، وفق قوله.
ويستبعد مقداد استغلال تجار الملابس في غزة مناسبة عيد الفطر ورفع الأسعار، “كما يتهمهم الكثير من المواطنين”، موضحًا أن “هامش ربح التجار قليل ويكاد يكون معدومًا نتيجة تكاليف أخرى يدفعونها إما لإيجار المحال وأجور العمّال وغيرها”.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=140716