أصبحت سوريا بعد قطاع غزة ولبنان، المنطقة الثالثة التي يطلق نشطاء منها صواريخ باتجاه إسرائيل.
سوريا ليست غريبة على سلاح الطيران الإسرائيلي الذي نفذ خلال السنوات الماضية مئات الغارات على ما تقول إسرائيل إنها أهداف لإيران ومنظمة “حزب الله” اللبنانية.
وفي حين ترددت إسرائيل بالرد على 34 صاروخا أطلقت من لبنان، الخميس، سارعت لمهاجمة أهدافا في سوريا بعضها تابعة لجيش النظام، بعد ساعات قليلة على إطلاق 6 صواريخ من الأراضي السورية على دفعتين.
ويجمع المحللون في إسرائيل على أن إطلاق الصواريخ سواء كان من غزة أو لبنان أو سوريا فإنه يأتي ردا على اقتحامات الشرطة والمستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان.
ولا يدور حديث عن صواريخ أطلقت من الحكومتين اللبنانية والسورية، وإنما تقول إسرائيل إن الهجمات نفذها ناشطون فلسطينيون مدعومون من “حزب الله” وإيران.
3 جبهات وأزمة داخلية
ولكن حتى وإن كان إطلاق الصواريخ من لبنان وسوريا محدودا، فإن فتح إسرائيل 3 جبهات، بما فيها الجبهة الفلسطينية، في وقت تشهد فيه البلاد خلافات داخلية حادة يمثل حالة غير مسبوقة في تاريخها.
ولربما هذا ما استدعى إعلان الجيش الإسرائيلي تمديد الإغلاق الذي فرضه الأربعاء الماضي على الضفة الغربية وقطاع غزة حتى مساء الأربعاء المقبل الموافق نهاية عيد “الفصح” اليهودي.
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان السبت: “أصدر وزير الدفاع يوآف غالانت تعليماته لجهاز الدفاع بتخصيص الموارد وقوات الجيش الإسرائيلي لتعزيز أنشطة الشرطة حيث سيتم تحديد القوات من قبل المستوى المهني”.
3 معضلات أمام إسرائيل
عاموس يادلين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارية العسكرية الإسرائيلية “أمان”، قال إن “الأحداث الأمنية لم تنته بعد، نحن في وسطها، ويمكن أن تتصاعد إلى نقطة عملية أو جولة أو حرب”.
واعتبر يادلين في سلسلة تغريدات نشرها عبر حسابه على تويتر الأحد، أن “هناك 3 معضلات أمام صناع القرار”.
وذكر: “أولا، هل الحدث الأمني الذي نحن فيه تنظيم واحد متعدد المشاهد، أم أنه حدث يشارك فيه المحور الراديكالي بأكمله من إيران عبر حزب الله إلى حماس؟”.
وأضاف يادلين: “ثانيا، هل تآكل الردع الإسرائيلي إلى مستوى يستدعي العمل على استعادته أم أن سياسة الاحتواء التي تنتهجها إسرائيل صحيحة؟”.
وتابع: “ثالثا، ما الاستراتيجية والخطوات المطلوبة لاستعادة الردع دون التصعيد إلى صراع كامل (حرب) في الجنوب وخاصة في الشمال؟”.
ورأى يادلين أنه “رغم أن الحرم الشريف (المسجد الأقصى) هو مولد الأزمة، وأن مطلقي الصواريخ من غزة والشمال فلسطينيون، إلا أن هذا ليس حدثا فلسطينيا وإنما حدث محوري متعدد الساحات”.
وحذر أن الحدث “لا تقتصر احتمالات تصعيده الخطيرة على الساحة الفلسطينية وحدها، فمن الصعب الافتراض أن وابلًا مكثفًا من الصواريخ من جنوب لبنان أُطلق دون علم حزب الله”.
وأكمل يادلين: “إطلاق النار من سوريا هو أيضا من لواء القدس الذي يديره النظام السوري بدعم من إيران وحزب الله”.
واعتبر أن “تآكل الردع الإسرائيلي جاء بسبب تقدير العدو أن إسرائيل ضعفت بسبب الانقسام الداخلي وأن علاقاتها مع الولايات المتحدة بأزمة وأنها نفسها تخشى الحرب”.
واستدرك: “مع ذلك من المهم التمييز بين الردع الإسرائيلي الاستراتيجي الذي لا يزال قويا جدا، وبين تقدير عدونا بأن مستوى استفزازنا قد ارتفع بشكل كبير”.
وقال إن الأمين العام لمنظمة “حزب الله” حسن نصرالله يرى في التصعيد مع إسرائيل مخاطرة محسوبة، ومن الصواب تحملها لأن إسرائيل في وضعها لن تخاطر بالحرب، هذه وصفة كلاسيكية لسوء التقدير عانى منها نصر الله بالفعل عام 2006″.
وأشار يادلين إلى أن “الخطوة الأولى والأكثر إلحاحا التي ستعيد على الفور صورة الردع لإسرائيل وعدم وجود تكاليف أمنية من جانبها، هي وقف الإصلاحات القضائية، ففي ضوء حالة الطوارئ الأمنية يمكن لـ(رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو وينبغي عليه أن يعلن أن أي تغيير في الهيكل الحكومي لن يكون إلا باتفاق واسع”.
وقال: “سيمكن الانتقال من الداخل إلى تحسين فوري للعلاقات مع واشنطن وتركيز الحوار والتعاون مع الإدارة الأمريكية في التعامل مع التهديدات الآنية والمستقبلية من عناصر المحور بقيادة إيران، بما في ذلك في المجال النووي”.
وذكر أنه لاحقا لذلك “سيُطلب من إسرائيل اتخاذ سلسلة من التحركات، بما في ذلك على المستوى العملياتي والعسكري، لا يمكن تفصيلها هنا من أجل استعادة قدرة الردع لدينا”.
وتابع يادلين: “ينتظرنا صيف حار علينا أن ندخله برأس صافٍ وبارد”، دون تفاصيل أكثر.
“الأقصى” حرك الأحداث
غير أن ما لا يقوله المحللون العسكريون يقوله أحيانا السياسيون، فقد حمل يائير لابيد، زعيم المعارضة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الحكومة الحالية المسؤولية عن الأحداث في المسجد الأقصى.
وقال لابيد في حديث لهيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، إن “الأحداث في الحرم القدسي ترجع إلى عدم مسؤولية الحكومة، هذا ما يحدث عندما تعهد بالمكان إلى أكثر الرجال تطرفا في دولة إسرائيل، إن (وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير يحاول فقط إشعال الشرق الأوسط”.
من جهته، اعتبر تامير هايمان، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، في سلسلة تغريدات أن إسرائيل “في خضم توطيد الساحات الجغرافية وهذا ليس توطيدا لأنظمة العدو في الوقت الحالي”.
وأضاف هايمان: “قلب الحدث الحالي هو الساحة الفلسطينية مع التركيز على الحرم الشريف، وكما هو الحال مع (عملية) حارس الجدران (نفذتها إسرائيل ضد قطاع غزة عام 2021)، فإن تأثير الحرم الشريف هو الذي ينشط المقاومة الفلسطينية في جميع المجالات”.
وتابع: “في لبنان، أعدت حماس بنية تحتية لإطلاق النار، وبمجرد أن رأت الصور من الحرم، اغتنمت الفرصة وأطلقت طلقات نارية باتجاه الشمال. لم يكن حزب الله هو البادئ، وربما لم يكن يعلم بذلك”.
ولفت إلى أن “عناصر فلسطينية أطلقت النار من هضبة الجولان، وهذا ليس بجديد وهذا ليس إطلاق نار شيعي”.
ولخص هايمان حديثه قائلا: “لا يوجد كيان واحد ينسق ويدير الإجراءات ضدنا. الحقيقة أن إيران تعمل بشكل مكثف ضد إسرائيل. وبالتأكيد ستحاول استغلال الوضع الحالي داخل إسرائيل لصالحها”.
واستدرك قائلا: “لكن في الوقت الحالي، يعد هذا حدثًا فلسطينيًا متعدد الجبهات، وليس حدثًا إيرانيًا متعدد الجبهات لإيران وشبكتها من الميليشيات، لكنه مؤقت”.
وتشهد مدينة القدس توترا منذ بداية الأسبوع الماضي، في أعقاب إقدام الشرطة الإسرائيلية على اقتحام المسجد الأقصى ليلاً، ومنع المصلين من الاعتكاف فيه.
وأدت الاقتحامات المتكررة للأقصى إلى توتر واشتباكات في أنحاء الأراضي الفلسطينية والمناطق العربية في إسرائيل، بالإضافة إلى إطلاق قذائف صاروخية من لبنان وغزة وسوريا.
المصدر: الأناضول
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=140765