بالتمور والمياه..مسيحي يجسد التعايش الديني في غزة

قبيل غروب الشمس من سماء قطاع غزة، يسارع الشاب المسيحي إيهاب عيّاد بالنزول إلى شوارع المدينة حاملا معه عددا من عبوات المياه وحبات من التمور لتوزيعها على المارة الصائمين الذين تفوتهم الدقائق الأولى من موعد الإفطار.

هذا المشهد يتكرر يوميا طيلة شهر رمضان في شوارع مختلفة من مدينة غزة للتخفيف من تعب الصائمين العالقين في الطرقات مع حلول موعد آذان المغرب.

وللعام الخامس على التوالي، يعكف عياد (29 عاما) الذي يرتدي قلادة “الصليب” حول عنقه، على تنفيذ هذه المبادرة التي يقول إنها “تعكس حالة التعايش الديني السمح بين المسيحيين والمسلمين في غزة”.

ويضيف عياد للأناضول: “قبل آذان المغرب أبدأ بتوزيع ما يكسر صيام المارة في الشوارع، خاصة أولئك الذين يتجهون لمناطق بعيدة عن مدينة غزة، كمدن الشمال أو الجنوب”.

ويوضح أن هذه المبادرات الإيجابية البسيطة من شأنها أن تعزز “روح التآخي والمحبة وتعكس الترابط بيننا وبين إخواتي المسلمين”.

ويتابع: “كما تؤكد هذه المبادرات قوة النسيج الاجتماعي، الذي يواجه تحديات مشتركة في فلسطين خاصة، وأن هدفنا هدف واحد، فنحن نشعر بتعبهم ومعاناتهم بعد صيام يوم طويل”.

الصائمون بدورهم يبادلون عياد بـ “عبارات الإطراء والشكر والدعاء” بعد قبول هديته البسيطة التي تحمل معاني كبيرة من شاب لا يمكن التعرف على ديانته إلا من خلال القلادة الظاهرة على صدره.

ويعبّر عيّاد عن سعادته وفخره من ردود أفعال المسلمين الذين يقدّرون هذه المبادرة.

وعن عدد المستفيدين من هذه المبادرة، يقول عيّاد إنه “يوزع كميات محدودة من المياه والتمور على المسلمين بما يتوافق مع ميزانيته المالية”.

فعياد، العاطل عن العمل، اشترى هذه المرة المياه والتمور من عيديته (المصروف المالي) التي تلقّاها خلال الأعياد المسيحية، وفق قوله.

لكنه كان يشتريها، خلال الأعوام السابقة حينما كان لديه عمل، من دخله الخاص الذي يعود عليه.

ووفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن نحو مليون ونصف مليون فرد من سكان غزة، البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة، يعيشون حالة الفقر بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع المشددة منذ منتصف 2007.

فيما قال تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، في مايو/ أيار الماضي، إن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت 47 بالمئة.

وفي السياق، يقول عيّاد إنه يشارك المسلمين مناسباتهم الدينية وأعيادهم، حيث يشتري عادة قبل حلول شهر رمضان الفوانيس والزينة لتزيين منزله بها.

ويردف قائلا: “هذا نوع من مشاركة المسلمين والتعايش معهم، فكما يشاركوننا أعيادنا ويهنئوننا بها ويعربون عن مشاركتهم الوجدانية معنا، نحن أيضا نفعل ذلك”.

ويشير إلى أن المسيحيين في المجتمع الفلسطيني لا يشعرون بأي نوع من التفرقة الدينية، بل بالعكس فإن وحدة الهدف والمعاناة زادت من الترابط بينهما.

ويقطن معظم المسيحيين في غزة في المناطق الواقعة غرب ووسط القطاع، فيما يعملون في المهن المختلفة كالتعليم، والطب، والقانون.

وحسب بيانات مؤسسات مسيحية في غزة، فإن أعداد المسيحيين في القطاع تناقصت بفعل الهجرة، وباتت لا تزيد عن نحو ألفي شخص من أصل ما يزيد عن مليوني فلسطيني.

المصدر: الأناضول