كعك العيد..مصدر فرحة للأيتام في غزة

داخل صوان فولاذية كبيرة، تضع مجموعة من السيدات الفلسطينيات، عجينة كعك عيد الفطر بعد حشوها بـ”عجوة التمر” ولفها بشكل دائري، تحضيرا لشيها وتحميرها.

وتحرص السيدات، وهن أمهات لأطفال أيتام، على إعداد الكعك المصنوع من الدقيق والمعمول المصنوع من السميد، بمظهر خارجي متناسق وشهي.

هذا الكعك، الذي يشكل أبرز مظاهر العيد، سيدخل منازل مئات الأطفال الأيتام ليساهم في رسم البهجة على وجوههم، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعاني منها السكان في قطاع غزة.

وتتوزع أدوار السيدات، صانعات الكعك داخل معهد الأمل للأيتام، بشكل متكامل، بحيث تعمل مجموعة منهن على تجهيز العجوة، بينما تتخصص أُخريات في صناعة العجين الخاصة وحشوها، وأخيرا هناك من يُوكل إليها مهام شي وتحمير الكعك.

وتتواصل عملية إعداد الكعك لعائلات الأيتام، بمساهمة متبرعين ومتطوعين لأيام لإنتاج كمية تكفي الفئات المستهدفة.

وتولي العائلات الفلسطينية “الكعك” أهمية خاصة حيث يعتبر من أشهر أطباق الحلويات التي تتصدر مائدة الضيافة في الأعياد.

كما تعده العائلات وجها من أوجه التعبير عن البهجة والترحيب بالعيد وضيوفه، حيث يقدم في أطباق مزخرفة ومزينة إلى جانب القهوة العربية السادة.

ويترافق مع عملية إعداد الكعك طقوس تراثية، حيث يجتمع كافة أفراد الأسرة الصغيرة أو الكبيرة، وتتشارك معهن في بعض الأوقات الجارات والصديقات، للتعاون في صناعتها بحيث يتبادلون الأحاديث في أجواء يصفونها بـ”الممتعة”.

ضيافة تراثية

تقول الفلسطينية حياة الكرد، وهي تفرد بخفة عجينة الكعك تجهيزا لحشوها بالتمر، إن “الكعك صديق مائدة ضيافة الفلسطينيين في الأعياد”.

وتضيف الكرد وهي أم لـ4 أيتام، للأناضول، بأن هذا النوع من الحلويات، مرتبط ارتباطا كبير بالعيد، حيث تعكف العائلات الفلسطينية منذ زمن طويل على تجهيزه بالتزامن مع قدوم العيد.

وتوضح وهي ترص حبات الكعك الجاهز داخل الصواني الفولاذية، أن صناعة الكعك مرتبطة بشكل كبير بالأجواء الجماعية حيث تضفي أجواء من البهجة لدى الجميع وخاصة الأطفال.

أما الفلسطينية إيمان شنينة، أم لـ6 أطفال أيتام، فهي تشارك في إعداد كعك العيد لإدخال السرور على أطفالها وباقي الأيتام.

وتقول للأناضول، إنهن يحاولن إشراك الأطفال معهم في طقوس إعداد الكعك التي يتخللها أجواء من المرح فيما يخصصن أوقاتا لترديد الأذكار من السنة النبوية.

كما تشير إلى أن إعداد الكعك قبل الأعياد من العادات التي ورثها الفلسطينيون عن أجدادهم، وباتت من العادات والتراث.

وتعبر عن آمالها في أن تمثل هذه المبادرة التي جمعت عدد من السيدات الأرامل، خطوة على طريق مشروع اقتصادي لصناعة الكعك وبيعه وتمكينهن من إعالة أطفالهن الأيتام.

ووفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن نحو مليون ونصف مليون فرد من سكان غزة، البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة، يعيشون حالة الفقر بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع المشددة منذ منتصف 2007.

مشاركة الأيتام الفرحة

من جانبها، تقول نجلاء الغلاييني، عضو مجلس إدارة “معهد الأمل”، إن إعداد وتجهيز هذا الكعك يأتي ضمن مبادرة أطلقها المعهد بتمويل صغير، حيث يستفيد منها نحو 650 أسرة من عائلات الأطفال الأيتام.

وتضيف للأناضول، أن الأيتام المستفيدين من هذا الكعك هم “الذين يعانوا من وضع اقتصادي أضعف ولم يستفيدوا سابقا من أي مساعدة من مساعدات المعهد”.

وتوضح أن أجواء من الفرحة تسود المكان حيث تعمل 7 سيدات في إعداد الكعك الأمر الذي رسم البهجة على الأيتام المتواجدين في المعهد.

وتذكر أن رائحة الكعك الطازج تتسلل إلى غرف الأيتام ما يدفعهم إلى الإسراع لهذا المكان والمشاركة في إعداد الكعك وتذوقه.

وتستكمل قائلة: “إعداد الكعك يعدّ فرحة في المجتمع الفلسطيني، فلا يوجد مكان تُصنع فيه هذه الحلوى إلا وانتشرت فيه أجواء جميلة من التعاون والإخاء والبهجة”.

وتبين أن مشاركة الأطفال في إعداد الكعك تكون بسيطة لكنها متاحة لكي يعيشوا أجواء فرحة العيد كبقية أطفال المجتمع الذين يتعاونون مع أمهاتهم في الصناعة والتجهيز.

وبحسب الغلاييني، تستمر المبادرة للعام الثاني على التوالي، وذلك لخصوصيتها في توفير أجواء العيد للأطفال الأيتام لا سيما وأن هذا الطبق يتوفر في كل بيت فلسطيني في الأعياد.

وأشارت إلى أن عدد من طلبة الجامعات وفاعلي الخير، تواصلوا مع إدارة المعهد، للتبرع مكونات الكعك والتطوع في إعدادها لمشاركة الأطفال الأيتام فرحتهم.

ويبلغ عدد الأطفال الأيتام المسجلين داخل معهد الأمل حوالي 12 ألف طفل، حيث “يزداد أعدادهم مع كل عدوان يسقط فيه شهداء”، وفق الغلاييني.​​​​​​​

المصدر: الأناضول