سادت حالة من الهدوء الحذر في العاصمة السودانية الخرطوم، صباح الاثنين، بعد أن أعلن الجيش وقوات الدعم السريع موافقتهما على تمديد اتفاق الهدنة الرسمي، الذي كان من المقرر أن ينتهي عند منتصف الليلة الماضية، لمدة 72 ساعة.
وقال الجيش إنه يأمل في أن يلتزم من وصفهم بأنهم “متمردون” بمتطلبات تنفيذ الهدنة على الرغم من رصد نوايا لمحاولة الهجوم على بعض المواقع.
بدورها قالت قوات الدعم السريع في بيان لها: “استجابة لنداءات دولية وإقليمية ومحلية، نعلن تمديد أجل الهدنة الإنسانية لـ 72 ساعة اعتبارا من منتصف هذه الليلة، من أجل فتح الممرات الإنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين وتمكينهم من قضاء احتياجاتهم والوصول إلى مناطق آمنة”.
“نقطة الانهيار”
إنسانيا قرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن يوفد “فورا” إلى المنطقة المسؤول عن الشؤون الإنسانية في المنظمة مارتن غريفيث في ضوء وضع “غير مسبوق”، مع بدء سريان هدنة إنسانية جديدة مدتها 72 ساعة.
وقال المتحدث باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك، في بيان إن “الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين”، مبديا “قلقه الكبير” وداعيا جميع الأطراف إلى “حماية المدنيين والسماح لهم بمغادرة مناطق المعارك”.
وقال غريفيث إن الوضع الإنساني في السودان وصل إلى نقطة الانهيار، مؤكدا أن الحل الواضح للأزمة السودانية هو وقف القتال.
أزمة إنسانية
وفي وقت سابق، حذّر “برنامج الأغذية العالمي” من أن العنف في السودان يمكن أن يسبب أزمة إنسانية في منطقة شرق أفريقيا كلها.
وقال مدير المنظمة في ألمانيا مارتين فريك، إن هناك نقصا في كل شيء، وقد ارتفعت أسعار الغذاء بصورة كبيرة، مشيرا إلى أن ثلث سكان البلد كانوا يعانون الجوع بالفعل قبل اندلاع الاشتباكات.
وأضاف أن الأسعار ارتفعت في جنوب السودان بما يصل إلى 28 بالمئة خلال فترة قصيرة، وأن زيادات مماثلة في الأسعار سُجلت في تشاد.
وأكد فريك أن ارتفاع الضغط على إمدادات الأغذية، بسبب مواسم الأمطار السيئة، يزيد الأزمة سوءا في منطقة القرن الأفريقي.
ومع دخول المعارك أسبوعها الثالث، فإن العائلات في العاصمة البالغ عدد سكانها حوالي خمسة ملايين نسمة، وضواحيها، لا تزال تعاني نقص الغذاء والمياه والكهرباء والسيولة النقدية ويقبع الكثيرون منهم في المنازل.
وغرق السودان في الفوضى مع اندلاع مواجهات مسلحة منتصف نيسان/ أبريل الماضي بين الجيش الذي يقوده عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
وأوقعت الحرب ما لا يقل عن 528 قتيلا و4599 جريحا، وفق أحدث المعطيات التي نشرتها وزارة الصحة السودانية السبت، لكن يرجح أن تكون الحصيلة أعلى.
لاجئون
على صعيد آخر، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأحد أن نحو 6 آلاف شخص، معظمهم نساء، فروا من السودان إلى جمهورية أفريقيا الوسطى خلال أسبوعين جراء الاشتباكات.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قد أعلن الخميس أن نحو 3 آلاف شخص دخلوا البلد من السودان، وهم يعيشون في “مخيمات عشوائية” قرب بلدة أم دافوق الحدودية.
وأضاف: “لقد تعطلت التجارة بين السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى بشدة، ما أدى إلى زيادة حادة في أسعار الضروريات الأساسية”، في حين أن “120 ألف شخص يحتاجون إلى مساعدات غذائية” في شمال أفريقيا الوسطى.
أول شحنة مساعدات
والأحد، وصلت إلى مدينة بورتسودان أول شحنة مساعدات إنسانية من الصليب الأحمر جوا، ضمن عمليات الطوارئ التي ينفذها منذ اندلاع المعارك في السودان، على ما أفاد مسؤولون في مؤتمر صحفي افتراضي من جنيف.
وأفاد بيان للجنة الدولية للصليب الأحمر الأحد بأن الشحنة التي أرسلت من عمّان تزن ثمانية أطنان و”ضمّت معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى الذين أصيبوا خلال القتال”.
وأضاف الصليب الأحمر في البيان أنه “سيرسل طائرة ثانية تحمل إمدادات طبية إضافية وموظفين في مجال الطوارئ”.
وقال المدير الإقليمي لمنطقة أفريقيا في اللجنة الدولية باتريك يوسف في المؤتمر الصحفي: “تمكنا من الطيران إلى بورتسودان من عمان كطاقم طبي مع مستلزمات التعامل مع جرحى الحرب تكفي لاستقرار 1500 جريح”.
وأضاف: “نأمل الآن في إيصالها في أقرب وقت ممكن إلى بعض أكثر المستشفيات تكدسا في الخرطوم”.
وقال يوسف: “بحسب منظمة الصحة العالمية، تعمل نسبة 16 بالمئة فقط من المستشفيات، والوضع مروع للغاية بسبب نقص الأفراد ونقص الاحتياطات الطبية”، مضيفا أن “الهلال الأحمر السوداني يحاول الوصول إلى الجثث في الشوارع”.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=141184