“الحرم”.. 75 عامًا ومسجدها يحارِب وحيدًا لحماية أملاك مُغيّبيها

ما زالت معالم كثيرة في قرية “الحرم”، شمال مدينة يافا بالداخل الفلسطيني، تقض مضجع الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، على الرغم من تهجير أهلها عام 1948.

ويوجد في القرية، التي قامت مدينة “هرتسليا” الإسرائيلية على أراضيها، مسجد وبعض المعالم الإسلامية، وهي “تصارع” الاحتلال من أجل البقاء؛ شاهدة على النكبة.

القرية، التي كانت تُسمى “سيدنا علي” أيضًا، لم يسلم مسجدها الذي ما زالت مئذنته شامخةً شاهدةً على إسلامية المكان، من هجمات المستوطنين الجاثمين على أنقاضها.

وتقع قرية “الحرم” التي هُجر سكانها عام النكبة 1948، على ساحل البحر المتوسط بمدينة يافا، على بعد 19 كم شمالها.
ويمر في شهر مايو/ أيار الحالي على القرية الذكرى الـ75 لتهجيرها، على يد العصابات الصهيونية، التي شردت أهلها قسرًا إلى قرى مجاورة وفي الشتات.

محاولة تدمير الشاهد الوحيد

ويؤكد شهود عيان لوكالة “صفا” أن جماعات المستوطنين تعتدي على مسجد “سيدنا علي” مرارًا، في محاولة للقضاء على معالمه الباقية حتى اليوم.

ويضيف الشهود “مؤخرًا ألقوا زجاجات حارقة على المسجد، يريدون إحراقه والتخلص منه، بأي طريقة، كونهم يقيمون على أنقاض القرية مستوطنة هرتسليا”.

ويقض مضجع المستوطنين وجود حراسة فلسطينية على المسجد، خاصة بعد تعرضه لمحاولة حرق منهم.

ويقول المختص بالكشف عن جرائم الاحتلال في الأراضي المحتلة عام 1948 المحامي جهاد أبو ريا لوكالة “صفا”: “إن مسجد سيدنا علي قائم رغم وجود المستوطنة، وهذا ما جعله محط اعتداءات متكررة وخطيرة”.

ويضيف “المسجد له حارس منذ أكثر من 35 عامًا، ويتم رفع الآذان فيه بشكل مستمر، كما أن بعض أهلها يقيم حول منطقة المسجد”.

“حرب البقاء”

ويُشكل موقع القرية الاستراتيجي بإشرافها على البحر المتوسط، سببًا قويًا لأطماع المستوطنين بها، فهي تقع على ارتفاع 25 مترًا عن مستوى سطح البحر، على مساحة دونم، فيما تُقام في القرية بيوت مهجرة على مساحة 18 دونمًا.

وعن احتلال القرية، يشير أبو ريا، إلى أن العصابات الصهيونية طهّرتها عرقيًا يوم 15 مايو/ أيار عام 1948، في عملية أطلقت عليها “تنظيف السهل الساحلي من العرب”.

ويتابع “أقيم على أنقاض القرية مستوطنة هرتسليا المتبقية اليوم، وكفار شمرياهو وريشبونفي” عام 1936، أما ما تبقى من القرية بعد تدميرها فهو مقام ومسجد ذو أعمدة وقناطر وبعض المنازل التي احتلها المستوطنون اليهود”.

وحولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مقبرة القرية لموقف سيارات للزوار والمستوطنين، وما زال مسجد “سيدنا علي” قائمًا ومفتوحًا للمصلين.

ويقصد الفلسطينيون المسجد للصلاة خصوصًا في أيام الجمعة؛ سعيًا للحفاظ على هوية المكان العربية الفلسطينية.

ويقول مؤرخون إن الناصر صلاح الدين الأيوبي فتح القرية، ومن بعده الظاهر بيبرس، وطهّروها من الصليبيين، إلا أنها في إحدى المعارك أُحرقت وشُرد أهلها، الذين عادوا واستقروا قربها أواخر القرن السادس عشر.

ووفق أبو ريا، فإن الأهالي العائدين استقروا في تلك الحقبة حول مقام “الولي الصالح علي بن عليل”، الذي جاء إلى فلسطين وأقام فيها ودفن فيها عام 1081م، وأقيم له مقام، سميت القرية بعدها على اسمه.

ويعود نسب صاحب المقام “علي” إلى الخليفة عمر بن الخطاب، الذي يكون جدّه السابع، حسبما جاء في الكتب التي تحدثت عن تاريخ القرية.

ويقول أبو ريا إن للصالح علي أربعة أولاد هم: فياض ومصطفى ومحمد وحسن، كما أن من ذريته عائلة العمري التي يُقال لهم آل التاجي والفاروقي وآل الخيري وعائلة أبو عرقوب في غزة ودورا بالخليل.

وبالرغم من ممارسات الاحتلال ومستوطنيه في القرية، والتي تهدف لمحاولة محو هويتها الإسلامية العربية، إلا أن الفلسطينيين يتخذون من المسجد وسيلة لكبح هذه المحاولات حتى اليوم، فيزورونه ويصلون فيه رغمًا عن أنف المستوطنين هناك.

المصدر: صفا