لا تكاد تمضي بضع ساعات دون أن يعلن عن اقتحام إسرائيلي لإحدى مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية المحتلة، والذي عادة ما يتسبب بارتقاء العديد من الشهداء ويخلِّف الجرحى والمعتقلين.
و فيما تبدو مشاهد الدمار في المباني والممتلكات والمرافق العامة مع كل اقتحام كصورة مصغرة لما حصل في عملية “السور الواقي” عام 2002، فهل تنفذ “إسرائيل” -سور واقي 2-بالضفة؟
وصدرت في الشهور الماضية دعوات من أوساط إسرائيلية يمينية لشن عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة على غرار “السور الواقي”.
وخلال فبراير الماضي، وجّه وزير الأمن القومي المتطرف بحكومة الاحتلال ايتمار بن غفير تعليماته للشرطة بالاستعداد لشن عملية “سور واقي 2” في القدس المحتلة ردًا على عملية الدهس التي نفذها الشهيد حسين قراقع، وأدت إلى مقتل إسرائيلييَن اثنين وإصابة 6 آخرين.
لكن مراقبين للشأن الإسرائيلي يستبعدون إقدام “إسرائيل” على شن مثل تلك العملية بنفس الصورة التي نُفذت فيها قبل 21(عامًا)، فيما يعتقدون أنّ ما تنفذه قوات الاحتلال يوميًا من اقتحامات هي بالمحصلة تكرار لتلك العملية ونتائجها، وإن اختلفت المسميات.
الإعلامي المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان يقول لـ “صفا”:” إن طرح فكرة تكرار -السور الواقي-هي تقديرات أكثر منها قرارات”.
ويوضح أن هذا كان مطلب المستوطنين وبعض المحللين والمراسلين العسكريين الذين يحرضون على القتل والعمل العسكري ضد الفلسطينيين، ومن بينهم تصريحات يوسي دغان رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة، بعد كل عملية للمقاومة والتي يدعو فيها للقيام بعملية عسكرية واسعة لجمع السلاح.
ويضيف أبو علان: “العمليات في شمال الضفة بدأت منذ آذار 2022 بعملية -كاسر الأمواج-وهي عملية مستمرة لكن الاختلاف بالمسميات”.
ويلفت إلى أنه ونتاج هذه العملية المتواصلة تجاوز عدد المعتقلين الإداريين الألف أسير، وهناك قرابة 150 شهيدًا وقد تجاوز عدد الشهداء منذ بداية هذا العام عدد شهداء العام الماضي كله.
ويتابع: “عند مراجعة أعداد الشهداء والجرحى والمعتقلين والمنازل المهدمة والأراضي المصادرة ندرك أن العدوان مستمر على كل الصعد في ظل حكومة اليمين المتطرف”.
ويشير إلى أن “إسرائيل” تفضل مواصلة العمل بهذه السياسة الهادئة، ولن تفكر بعملية واسعة طالما استمرت المقاومة بالضفة بهذه الوتيرة.
ويعتقد المختص بالشأن الإسرائيلي، أن اللجوء لعملية عسكرية واسعة قد يكون خيارًا في حال اتسعت عمليات المقاومة المسلحة وازدادت أعداد المستوطنين القتلى، “ففي هذه الحالة قد تلجأ الحكومة الإسرائيلية لشن هكذا عملية تحت ضغوط المستوطنين”.
ويلفت إلى أن بعض عمليات المقاومة تشكل نقطة تحول في تفكير الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي، فعملية السور الواقي جاءت بعد عملية فندق بارك بنتانيا والتي قُتل فيها قرابة 30 مستوطنا، فكانت نقطة تحول مع أنه سبقها الكثير من العمليات.
وبحسب أبو علان، فإن من الأسباب التي تشجع الاحتلال على المضي بسياسته الحالية، هو أن عملية السور الواقي خدمته في وقتها، لكن استنساخ التجربة الآن قد لا يأتي بنفس النتائج.
ويشير إلى أنه في 2002 كانت الانتفاضة المسلحة في أوجها، وكانت كافة فصائل المقاومة منخرطة فيها، وهناك عناوين واضحة ووجود مكثف للمقاومين المسلحين في شمال الضفة خاصة، أما الآن، فرغم وجود مقاومين ومجموعات مسلحة، لكن لا وجود لفصائل منخرطة بشكل علني أو قيادات واضحة لهذه المقاومة المسلحة، ولا وجود لجسم مسلح ذي تسلسل تنظيمي، وإنما مسلحون ينفذون عمليات غالبيتها تتسم بالفردية.
وينوّه إلى أن الجهات العسكرية كان لها وجهة نظر مختلفة، إذ ترى بأن عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال الضفة من شأنها أن توسع دائرة المقاومة جراء توسع دائرة المتضررين.
كما أنها قد تؤدي لدخول قطاع غزة على المعركة وتتوسع بذلك المواجهة، وهذا ما لا ترغب فيه “إسرائيل” في هذه المرحلة على الأقل.
ولا يرى المختص أبو علان بأن امتناع “إسرائيل” عن شن عملية عسكرية واسعة يأتي تجنبا للضغوط الخارجية.
ويؤكد أن “إسرائيل” لا تلقي بالاً للموقف الدولي الذي هو أصلا منحاز ويمتاز بالوقاحة، خاصة الموقف الأوروبي والأمريكي والذي يشجعها للذهاب بهذا الاتجاه.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=142021