المدينة العربية الأولى عالميا بعدد الأطباء نسبة لعدد السكان، وتعد أيضا من أمهات قرى قضاء عكا إذ تقع في الجنوب الشرقي من عكا وعلى مسافة تبلغ 22 كم من خليج عكا، وأقرب قرية لها دير حنا.
تعتبر عرابة البطوف موقعا أثريا يحتوي على بقايا قديمة، ومقام وأعمدة وقبور وصهاريج. ويقال إن اسم عرابة مشتق من كلمة رابية أي تلة ثم بسبب صعوبة الاسم سميت “عرابية” ثم سميت عرابة.
لكن الكثيرين لا يأخذون بهذا التفسير لأنه لم يذكر في أي مصدر ولا حتى في المخطوطات القديمة التي ورد فيها ذكر القرية، كما أن كثيرا من القرى في فلسطين مبنية على رابية.
كما أن قرية عرابة، خلال الألف الأول من تاريخها أي منذ نشأتها في القرن الثاني عشر قبل الميلاد وحتى القرن الأول للميلاد، لم تكن على رابية بل كانت مخفية بين الروابي بحيث لا يستطيع القادم أن يراها إلا حين يصبح على مشارفها.
وذكر المؤرخ يوسيفوس فلافيوس القرية باسم “جبارة”، وقد كانت إحدى ثلاث مدن كبيرة في منطقة الجليل وهي: طبريا وجبارة وصفورية. ويرى الباحثون أن الاسم “جبارة” تحول إلى “جرابة” ومن ثم إلى “عرابة”.
و”جرابة” هو الاسم الروماني للموقع، وذكرها أُسابيوس، مؤرخ الكنيسة في القرون الأولى في القرن الرابع الميلادي، ثم نسبوا إليها بلغة “غرابة”.
وكان اسمها في عصر الصليبين “آرابيا”، وفي الفترة الإسلامية ذكرها ياقوت الحموي باسم “عرابة طبي”، ومن المعتقد أنه قصد “طي”، وفي عام 1940 وجدت فيها بلاطة نقش عليها باللاتينية “لذكرى كابوتولينا، ابنة الثامنة عشرة، أقام هذا النصب التذكاري أو الشاهد دكيوس كاسيوس أكويلا لزوجته العتيدة”، كما وجدت أرضية لكنيسة بيزنطية فيها رسوم هندسية داخل فسيفساء ملونة، ويظهر فيها شكل صليب.
دخلت القرية تحت الحكم العثماني في عام 1517 مع كل فلسطين، وفي عام 1596 ظهر اسم عرابة في سجلات الضرائب على أنها موجودة في ناحية طبريا، وجزء من سنجق صفد. وكان جميع سكانها من المسلمين وكان تعدادهم نحو 125 أسرة وعازبين. دفع القرويون ضريبة ثابتة بنسبة 20% على القمح والشعير والمحاصيل الصيفية أو أشجار الفاكهة والقطن والماعز أو خلايا النحل.
وفي عام 1838، أُشير إلى قرية عرابة كقرية إسلامية ومسيحية مشتركة في منطقة الشاغور، الواقعة بين صفد وعكا وطبريا.
وفي عام 1881 وصف صندوق استكشاف فلسطين عرابة البطوف بأنها “قرية كبيرة مبنية بالحجارة، تحتوي على حوالي ألف مسلم ومسيحي، وتحيط بها بساتين الزيتون والأراضي الصالحة للزراعة. ويتم الحصول على المياه من برك وصهاريج كبيرة، كان هذا هو المكان الذي نشأت فيه عائلة ظاهر العمر، والتي كانت تسكنها منذ فترة طويلة”.
وفي عام 1948 خلال “عملية حيرام” التي نفذتها العصابات الصهيونية وقعت القرية تحت الاحتلال الإسرائيلي، وظلت عرابة خاضعة للحكم العسكري حتى عام 1966.
وفي عام 1965 تأسس المجلس المحلي فيها، وفي عام 2016 تحول إلى بلدية وأصبحت عرابة مدينة.
أما سكانيا فقد بلغ سكان عرابة عام 1922 نحو 984 نسمة، وعام 1961 ارتفع إلى 3,370 نسمة، وعام 1980 إلى 8,900 نسمة، وعام 1999 أصبح 16 ألف نسمة. وبلغ عدد سكانها 27 ألف نسمة بحسب إحصائيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية لعام 2020.
وتقع في أراضي القرية التي تبلغ مساحتها 30,852 دونما أكبر شجرة زيتون في المنطقة العربية إذ يبلغ عمرها 3700 عام وفق اختصاصيين من منظمة “يونيسكو”، وأصبحت مزارا لكل مهتم وسائح، وللمختصين الزراعيين الذين يقومون بتقليم الشجرة والحفاظ عليها من أي مرض.
وكانت عرابة ساحة مواجهات في مظاهرات يوم الأرض عام 1976، وتشكل جنبا إلى جنب مع سخنين ودير حنا مثلث يوم الأرض.
وتستحق قرية عرابة البطوف لقب “مدينة الطب الفلسطينية” لأن نسبة الأطباء فيها من الأعلى في العالم. وبالنظر لعدد سكان عرابة البطوف فإن هناك 6.6 طبيب لكل ألف نسمة، في حين تبلغ النسبة العامة في دولة الاحتلال 3.3 طبيب لكل ألف نسمة. وبذلك تأتي عرابة في المرتبة الثانية في العالم بعد كوبا التي يحظى كل ألف نسمة فيها بخدمات 6.7 طبيب.
ولا تخلو حياة الفلسطينيين في عرابة من استفزاز وتنكيد قوات الاحتلال عليهم، وعادة ما تحذر اللجنة الشعبية في عرابة البطوف داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، من مخطط للمستوطنين يهدف إلى تهويد قسم من مقبرة الصديق الإسلامية في المدينة بزعم أنهم يريدون ترميمها.
وتدعو اللجنة كافة الفلسطينيين إلى عدم التعامل مع هؤلاء المستوطنين من خلال بيع أرض أو بيت أو تأجير باعتبار أن ذلك “حرام شرعا وخيانة وطنية”.
وفي العدوان الأخير على غزة نظمت مظاهرة قطرية بمشاركة المئات في مدينة عرابة البطوف والبلدات المجاورة تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث رفعت خلالها شعارات نصرة لقطاع غزة وصور للأسير وليد دقة.
المصدر: عربي21
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=142190