لا يمكن لأي إنسان عرف الاحتلال وبشاعته وإجرامه وعنصريته أن يبدي استغرابه أو تعجبه من مسلكيات الجيش الصهيوني، ودولة الاحتلال التي ترعى إرهابه وإجرامه وتؤطر لها القانون وتصنعه على مقاسه الإجرامي.
وفي آخر الفصول الإجرامية وليس آخرها، قرّرت نيابة الاحتلال العسكرية، إغلاق ملف التحقيق مع الجنود الصهاينة الضالعين في جريمة التنكيل التي تعرض لها الفلسطيني المسن عمر عبد المجيد أسعد، والتي أسفرت عن استشهاده، العام الماضي؛ وذلك من دون توجيه لوائح اتهام، بحق أي منهم.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية على موقعها الإلكتروني، مساء أمس الثلاثاء، فقد قررت نيابة الاحتلال في الأيام الأخيرة، الاكتفاء بخطوات تأديبية ضد أربعة ضباط كانوا يخدمون في كانون الثاني/ يناير عام 2022 في كتيبة “هناحال هحَريدي” في جيش الاحتلال الإسرائيلي، المعروفة أيضا بتسمية “نيتساح يهودا”.
وذكر التقرير أنه في نهاية تحقيق عملياتيّ بشأن استشهاد أسعد، تم توبيخ قائد الكتيبة، وعزل ضابطين من منصبيهما.
وأغلقت نيابة الاحتلال العسكرية الملف، بعد عدة محاولات فاشلة للحصول على تقرير تشريح جثمان الشهيد أسعد، من السلطة الفلسطينية، وفق ادعائها.
قصة الجريمة
قبيل فجر الثاني عشر من كانون الثاني/ يناير 2022، كان الشهيد المسن عمر عبد المجيد أسعد عائداً من سهرة عائلية عند أحد أقاربه.
وخلال عودته لمنزله، أوقفته قوة عسكرية صهيونية، قرب قرية “جلجليا” شمالي رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة.
ووفق رواية العائلة فقد أنزلت القوة العسكرية الصهيونية الشهيد المسن من مركبته بطريقة همجية، وسحلته مسافة 200 متر، وتعرض بعدها للضرب بأعقاب البنادق والركل بالأرجل، وقُيّدت يداه، وترك على الأرض لنحو ساعتين في منزل قيد الإنشاء حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
وأكد تقرير التشريح، الذي أجراه ثلاثة أطباء فلسطينيون، أن الشهيد عمر أسعد، الذي يحمل الجنسية الأميركية، كان يعاني من مشكلات صحية أساسية، لكن وُجد أيضا كدمات على رأسه، واحمرارا على معصميه من التقييد، ونزيفا في جفنيه نتيجة تعصيب عينيه بإحكام.
وخلص التقرير، إلى أن سبب الوفاة هو توقف مفاجئ لعضلة القلب بسبب التوتر النفسي جراء عنف خارجي تعرض له.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حاول الاحتلال الضغط على عائلة الشهيد، بعرض تعويضات مالية مقابل إسقاط حقها في قضيته المرفوعة أمام المحاكم الإسرائيلية والأميركية، إلا أن العائلة رفضت ذلك وأوعزت لمحاميها بالاستمرار في الإجراءات القانونية حتى يأخذ القانون مجراه وتتحقق العدالة.
رواية كاذبة
وكعادته في التهرب من جرائمه، ومحاولة تغطيتها بأسلوب يبدو للوهلة الأولى مكتمل الأركان، لكنه سرعان ما ينكشف الستر عنه مظهراً الحقيقة التي لا غبار عليها، والتي تقول أن جيش الاحتلال جيش مجرم، يمارس كل أنواع القتل دون رادع.
وادعى جيش الاحتلال، حسب الرواية التي نشرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية في حينه، أن جنود الاحتلال أوقفوا أسعد أثناء نصب كمين لتنفيذ عمليات اعتقال، ولم يجدوا معه بطاقة هوية، فكبّلوا يديه وعصبوا عينيه، وكمّموا فمه حتى لا يفضح صراخه موقعهم.
وتضيف رواية الاحتلال، أن الجنود نقلوا الشهيد عمر إلى بيت مهجور على مقربة من كمينهم، وتركوه مقيداً على أحد الكراسي، وأنه بدا لهم أصغر من سنه بعشرين عاماً، وظنوا بعد تكبيل يديه وربطه بالكرسي أنه يغطّ في النوم، ولم يرصدوا أنه يعاني من اختناق أو مشاكل صحية.
وكانت الخارجية الأميركية في اليوم التالي لاستشهاد أسعد قالت إنها “طلبت توضيحاً من تل أبيب بشأن وفاة مسنّ فلسطيني يحمل الجنسية الأميركية، بعد اعتقاله من جانب قوات إسرائيلية”.
الجريمة مستمرة
وفي عام 2022 وهو نفس العام الذي قتل فيه المسن عمر أسعد، قتلت قوات الاحتلال الصهيوني 230 فلسطينياً، بينهم 59 طفلًا و16 امرأة وفتاة، توزعوا جغرافياً إلى 170 شهيداً من الضفة، 54 من قطاع غزة، و6 من الداخل الفلسطيني المحتل.
وتصدرت محافظة جنين القائمة في الضفة بـ 56 شهيدًا تليها نابلس بـ 33 شهيدًا، ثم محافظة رام الله والبيرة بـ 24 شهيدًا، فالقدس بواقع 18 شهيدًا، تتبعها الخليل بـ 14، ثم بيت لحم بـ 12 شهيدًا.
يأتي بعدها طوباس وقلقيلية بواقع 4 شهداء لكل محافظة، ثم سلفيت بـ 3 شهداء، فطولكرم وأريحا بواقع شهيد لكل منهما.
ويعد المسن عمر عبد المجيد أسعد أكبر شهداء فلسطين خلال عام 2022 سناً.
وخلال العام الجاري 2023، استشهد 162 فلسطينيًا برصاص الاحتلال وصواريخه، توزعوا على الأشهر كالتالي: 36 في كانون الثاني/ يناير، و31 في شباط/ فبراير و27 في آذار/ مارس، و12 خلال نيسان/ أبريل، و56 في أيار/ مايو الماضي.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=142274