“الألتراس”..مشاهد دعم فلسطين ورفض الاحتلال في ملاعب المستديرة

لم تعد ساحات كرة القدم مكاناً بعيداً عن أروقة السياسة، ولعل قضية فلسطين كانت أبرز هذه القضايا، التي لاقت صدى وانتشاراً واسعين داخل الملاعب بالنسبة للجماهير العربية أو الغربية، متحدية قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التي تمنع استخدام الشعارات السياسية داخل ملاعب كرة القدم.

 ترصد “قدس برس” من خلال هذا التقرير “كواليس” عالم روابط المشجعين المعروفة باسم “ألتراس”، إذ لا يقتصر تضامن هذه الروابط مع قضايا مجتمعه المحلي، بل تتسع لتشمل القضية الفلسطينية بثقلها الوجداني، حيث يتفاعل معها من خلال إطلاق الهتافات المساندة، والتي لا تخلو مباراة إجمالاً من حناجر تهتف دعما لفلسطين والمقاومة، وترفض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. 

منسق “المبادرة المغربية لدعم ونصرة فلسطين” رشيد فلولي، يقول لـ”قدس برس” إن “الألتراس لديه أهدافه الخاصة به، وهو إطارٌ شبابي يتجاوز الأطر الحزبية، والنقابية أو الجمعيات الأهلية، بل هو حالة مجتمعية بامتياز، وهو فضاء من فضاءات الشباب المغربي الذي يرتاد الملاعب دوماً، ومن خلال هتافاته التي دائماً ما يتبنى من خلالها دعم المواقف العادلة في العالم، وعلى رأس هذه القضايا القضية الفلسطينية، وكذلك الوضع الاجتماعي والاقتصادي المحلي”.

يا لحبيبة يا فلسطين

وأضاف: “الألتراس في الأندية المغربية، أو تلك التي تقف خلف المنتخب المغربي، عينها على فلسطين، عبر لافتات وشعارات وأغانٍ كـ(يا لحبيبة يا فلسطين).. تلك الكلمات والمعاني والعشق لفلسطين الذي سمعه العالم أجمع، رغم البعد والقيود، ففلسطين حاضرة على الدوام بالكثير من المحطات الرياضية المغربية” على حد قوله.

ولفت إلى أن “الجميع شاهد مباريات المنتخب المغربي في مونديال قطر 2022، والألتراس المغربي، عبر عن الوجه الحقيقي للشعب المغربي في دعم فلسطين، ونحن كمغاربة نعتبر الألتراس جزء أصيل من الشعب المغربي الذي يعشق فلسطين، وبالتالي نحن في المغرب نتبنى الهتافات والأهازيج التي يطلقها”.

ويعود تاريخ تأسيس رابطة مشجعي المغرب “ألتراس” إلى فترة غير بعيدة، وتحديداً في العام 2005، لكن الظاهرة سرعان ما انتشرت وتطورت، حتى بات المغرب يتوفر على اثنين من أكبر الألتراسات في العالم العربي ومن بين الأفضل في العالم، ويتعلق الأمر بألتراس الوداد البيضاوي “وينرز”، والآخر لفريق نادي الرجاء البيضاوي “كرين بويز”.

فيما تتمتع الأندية المصرية بمجموعة من الألتراسات القوية، التي تعتبر من بين الأكبر في العالم العربي، وخصوصاً ألتراس ناديي الأهلي (ألتراس أهلاوي)، والزمالك (وايت نايتس)، ويمكن القول إن هذه المجموعات كانت من أوائل الأصوات التي أعلنت عن مواقفها الداعمة للشعب الفلسطيني، وقامت جماهير الناديين بحرق العلم الإسرائيلي في المدرجات، رغم اختلافها كروياً.

“كابو وحداتي”

أما نادي “الوحدات” الأردني، فقد أكد أحد أعضاء ألتراس وحدات المعروف بـ “كابو وحداتي” في حديثه لـ”قدس برس” من أننا “لسنا داعمين للقضية الفلسطينية فحسب، بل نحن أصحاب القضية الفلسطينية، ونحن أبناء هذه القضية، ونرى أن حربنا مع الاحتلال الإسرائيلي حرب وجود، والاحتلال يحاول سرقة الأرض، وسرقة الهوية”.

وتابع: “بالتالي رسالتنا كألتراس وحدات واضحة، بأننا ندعم المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني في العودة، ونعبر عن ذلك في الملاعب الكروية”.

وأضاف: “نحن في المدرجات نريد أن نسمع صوتنا للعالم من خلال هتافنا المعروف: (الله.. وحدات .. والقدس عربية)، وقد تم إيقاع غرامات بسبب هذا الهتاف بقرارات مجحفة للاتحاد الأسيوي، زعمت أن جمهور الوحدات يطلق هتافات سياسية، وتم تغريم النادي نتيجة ذلك.. ولكننا مستمرون”.

وأوضح: “نحن نرفض التطبيع، والاحتلال بالنسبة لنا عدو، ونحاول أن نترجم هذه العبارات عبر المدرجات الرياضية، ونحن أصحاب رسالة نقدمها بطريقتنا سواء داخل المدرجات أو خارجها”.

بدوره، قال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية (حكومية)  محمد زكريا، إن “إحساس المشجع بأن فريقه يلعب ويفوز، وهو يقوم بتشجيعه، أمر يدفعه إلى التفكير أكثر في أن يتحدث عن مختلف القضايا التي تهمه أو تخص مجتمعه”.

وأضاف في تصريحٍ لـ”قدس برس” قائلا “كرة القدم لم تعد محصورة داخل مدرجات الملاعب، فصوتها يصل إلى العالم أجمع، وبالتالي من الطبيعي أن يطلقالألتراس هتافاته ومواقفه، على اختلاف أشكالها عبر هذا العدد الكبير من الحضور والمشاهدين والمتابعين إلى العالم أجمع، وكأنه يصدر مظلوميته إلى العالم، ومن الطبيعي أن تكون القضية الفلسطينية أبرز اهتمامته”.

ومن الجدير ذكره، أن دعم الشعب الفلسطيني وقضيته، لم يقتصر على الجماهير العربية فحسب، إذ شمل بعض الجماهير الغربية أيضاً، ففي أيلول/سبتمبر عام 2012، قرر جمهور نادي “أتلتيك بلباو” الإسباني، دعم القضية الفلسطينية، وذلك خلال لقاء جمع النادي الإسباني ونادي “هابويل قرياط شمعونا” الإسرائيلي، على ملعب “سان ماميس”، ورفعت الجماهير الإسبانية الأعلام الفلسطينية واللافتات التي عبرت فيها عن دعمها للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، وكذلك يفعل فريق غلاسكو رينجرز الأسكتلندي وغيره من الأندية العالمية”.

المصدر: قدس برس