بقلم: دانيال بصبوص – المدير التنفيذي لجمعية التكافل لرعاية الطفولة- لبنان
إن موضوع العام ٢٠٢٢ كما عنونته الأمم المتحدة، هو الكرامة للجميع، وهي في الممارسة العملية، الشعار الشامل لليوم الدولي للقضاء على الفقر للعام 2022- 2023. فكرامة الإنسان ليست حقا أصيلا وحسب، بل هي الأساس للحقوق الأساسية الأخرى كافة. ولذا، فإن “الكرامة” ليست مفهوما مجردا، فهي حق إنساني لكل فرد على هذه البسيطة. واليوم، يعاني العديد من الذين يعايشون الفقر المزمن من الحرمان من كرامتهم وغياب احترامها.
وبالالتزام بالقضاء على الفقر وبحماية الكوكب وبضمان تمتع جميع الناس في كل مكان بالسلام والازدهار، أشار جدول أعمال 2030 مرة أخرى إلى الوعد المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومع ذلك، يُظهر الواقع الحالي أن 1.3 مليار شخص لا يزالون يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، ونصفهم تقريبا من الأطفال والشباب (موقع الأمم المتحدة على الشبكة العنكبوتية).
تعتبر الأضحية من الشعائر الدينية المهمة، وتحمل أهمية كبيرة من الناحية الإنسانية؛ فقد أمر الله تعالى المسلمين بالأضحية وتقديمها في أيام عيد الأضحى المبارك، وذلك لتعزيز روح التضحية والتكافل الاجتماعي، حيث يحصل الفقير والمحتاج على جزء منها، والباقي يقسم بين الأسرة والأقارب.
ولمكافحة الفقر والجوع، لا بد من تضافر الجهود وتنوع الوسائل ومنها الأضحية، التي تأتي منسجمة مع روح العطاء والسخاء، فتوفير اللحوم الطازجة للفقراء والمحتاجين الذين يعانون من ضيق الحال، ويستفيد الفقراء من هذا العمل النبيل عبر توفير الغذاء والتغذية السليمة لهم ولأسرهم. وإضافة إلى القيمة الغذائية للحم الأضحية، فإن هذه المبادرة تعزز أيضا روح التضامن والتكافل الاجتماعي في المجتمع.
من المهم الإشارة إلى أن عدد الفقراء المستفيدين من الأضاحي كبير في منطقة الشرق الأوسط، حيث تعاني بعض الدول في هذه المنطقة من مشاكل اقتصادية واجتماعية تؤثر على المستوى المعيشي للكثير من الأشخاص. ووفقا لتقارير للأمم المتحدة، فإن نسبة الفقر المدقع ارتفع من 3.8 إلى 7.2 بين عامي 2015 و2018، بينما وصلت نسب الفقر في بعض الدول إلى حد مرعب تجاوز ٤٠ في المئة، ويأتي على رأس هذه الدول، فلسطين وسوريا واليمن ولبنان، دون أن يعني ذلك عدم حاجة البلدان الأخرى للمساعدات والأضاحي، فبعض البلدان تعاني الفقر وأخرى تعاني النزوح واللجوء وغيرها يعاني في الاقتصاد؛ لذا، يصبح دور الأضحية في تلبية احتياجات هذه الفئة الضعيفة من المجتمع أكبر وأهم.
ولا نكون بعيدين عن الواقع إن قلنا إن ملايين الفقراء ينتظرون موسم الأضاحي للحصول على حصة من اللحم، الذي قد يكون مضى على دخوله إلى بيوتهم شهورا، وهذا يشير إلى الدور المهم الذي تؤهدي الأضاحي في مساعدة الفقراء، وتحقيق العدالة الاجتماعية في المنطقة.
باختصار، يمكن القول؛ إن الأضحية تحمل أهمية كبيرة من الناحية الإنسانية، حيث تلبي حاجة الفقراء والمحتاجين للحوم الطازجة، وتعينهم على تحسين مستوى حياتهم الغذائي، كما تعزز قيم العطاء والتكافل الاجتماعي في المجتمع، وتعد من أهم الأعمال الخيرية التي يمكن أن يقوم بها المسلمون في فترة عيد الأضحى المبارك.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=142567