يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها منذ فجر الإثنين، والذي أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات بجراح، فضلا عن تدمير طرق ومباني وقطع للكهرباء والإنترنت، في حين تواصل المقاومة تصديها لنحو 1000 من قوات الاحتلال اقتحموا المدينة بعشرات الآليات العسكرية والجرافات والمجنزرات.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد تسعة أشخاص وإصابة 27 آخرين بجروح بينها 7 إصابات خطيرة، جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على مدينة ومخيم جنين في الضفة المحتلة، بينهم شاب في البيرة، ما يرفع حصيلة الشهداء منذ بداية العام الجاري إلى 188 شهيداً.
تسلسل العدوان
وكانت قوات الاحتلال، قد بدأت عدوانها على مدينة جنين ومخيمها، بقصف منزل وسط مخيم جنين، ما أسفر عن استشهاد شاب وإصابة آخرين بجروح مختلفة كما قصفت طائرات الاحتلال بالصواريخ عدة مواقع داخل المخيم وعلى أطرافه.
وفي أعقاب عملية القصف، اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال تقدر بـ150 آلية عسكرية ترافقها جرافات مدرعة، مدينة جنين من عدة محاور، وحاصرت مخيم جنين، وقطعت الطرق التي تربط بين المدينة والمخيم، واستولت على عدد من المنازل والبنايات المطلة عليه، ونشرت قناصتها فوق أسطحها، وقطعت التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من المخيم.
أضرار بالغة ومنع سيارات الإسعاف
وقالت مصادر محلية، إن قوات الاحتلال التي تحاصر المخيم من مختلف الجهات وتمنع مركبات الإسعاف من دخوله لنقل المصابين لتلقي العلاج، كما تعمدت جرافاتها إلحاق أضرار جسيمة بممتلكات المواطنين وتدمير العديد من المركبات وتجريف طرق رئيسة مؤدية إلى المخيم، وأخرى فرعية في محيطه، الأمر الذي أعاق وصول مركبات الإسعاف إلى بعض المنازل لإخلاء المصابين.
كما استهدفت طائرة مسيرة بصاروخ، محيط مسرح الحرية في مخيم جنين، ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين العُزل بجروح.
وقال مدير مسرح الحرية مصطفى شتا، إن قوات الاحتلال استهدفت محيط مسرح الحرية في مخيم جنين، بصاروخ عبر طائرة مسيرة، خلال تواجد عدد من العائلات التي وجدت فيه ملاذا آمنا، عقب إخلاء منازلها واللجوء إليه. وفق ما نقلته “وفا”.
كما جرفت قوات الاحتلال تذكار الشهداء بالقرب من مدخل المسرح، وسط انتشار كثيف للقناصة في محيطه، ومنع الأهالي من التحرك.
وقصفت قوات الاحتلال عمارة سكنية تعود للمواطن أبو إياد الصباغ في المخيم بصاروخين، وتم إخلاؤها من ساكينها بالكامل.
وأفاد صاحب البناية التي تتكون من ثلاثة طوابق وتحتوي على 6 شقق سكنية، أن القصف تسبب بتدمير الطابق الثالث بالكامل.
وأطلقت قوات الاحتلال الرصاص صوب المواطنين أمام الطوارئ في مستشفى ابن سينا، وأن الاحتلال يستخدم المواطنين كدروع بشرية في منطقة طلعة الغُبَّز في مخيم جنين، كما استهدفت قوات الاحتلال، الطواقم الصحفية خلال تغطيتها للعدوان الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها.
استهداف الصحفيين
وقالت مصادر محلية، إن جيش الاحتلال أطلق النار على مراسل التلفزيون العربي عميد شحادة، والمصور ربيع منير، ما تسبب باحتراق الكاميرا وجهاز البث.
وأفاد شحادة بأن قوات الاحتلال استهدفته مع المصور منير بشكل مباشر، بأكثر من ست رصاصات أصابت الكاميرا وجهاز البث وأعطبتهما.
وقال: “طواقم الهلال الأحمر أخرجتنا من مخيم جنين بمركبة إسعاف بعد استهدافنا بالرصاص الحي من قناصة جيش الاحتلال الإرهابي، ومحاصرتنا داخل منزل لأكثر من ساعتين”.
المقاومة تتصدى
وأعلنت مجموعات المقاومة صد عدد من محاولات جيش الاحتلال للتقدم على أكثر من محور في مخيم جنين، مشيرة إلى أنها أعطبت عدة آليات عسكرية وجرافة تابعة للاحتلال خلال الاشتباكات المتواصلة منذ منتصف ليل الأحد- الاثنين.
وقالت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، في بيان: “نخوض معركة الدفاع عن مخيم جنين موحدين كتفا بكتف، ولن يفلح العدو الصهيوني في كسر إرادتنا ومخيمنا، وسيخرج منه مذلولا مكسورا”.
من جهتها قالت “كتيبة جنين” التي تضم عناصر من الفصائل الفلسطينية المسلحة، الاثنين، إنها أوقعت قوات من الاحتلال في كمائن وفجرت مركبة عسكرية بعبوات ناسفة، وإنها ما زالت تخوض اشتباكات بعدة مناطق من مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية.
وقالت “سرايا القدس” الذراع المسلح لحركة “الجهاد الإسلامي” المنضوية تحت “كتيبة جنين”، إنه “رداً على العدوان المستمر، وضمن معركة بأس جنين، نفذ مجاهدونا منذ الصباح عدد من الضربات النوعية في صفوف قوات وآليات الاحتلال”.
وأضافت “سرايا القدس” في بيان نشرته عبر قناة “كتيبة جنين” على تليغرام: “تمكن مجاهدونا من تفجير عدد من عبوات طارق1 التي تدخل الخدمة لأول مرة، حيث تم تفجيرها بجيب (مركبة عسكرية) مصفح صباح اليوم”.
وذكرت أن تفجير المركبة “أدى إلى إعطابها واشتعال النيران فيها ومقتل وإصابة من فيها”.
وأشارت إلى أن مقاتليها يواصلون “الاشتباك مع قوات الاحتلال على أكثر من محور ويمطرونها بصليات (رشقات) كثيفة من الرصاص”.
من جهتها، قالت “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، المنضوية ضمن “كتيبة جنين” في بيان، إن مقاتليها “أوقعوا قوات إسرائيلية في كمين”.
وأضافت: “تمكن مجاهدو كتائب القسام بكتيبة جنين من إيقاع جنود الاحتلال في كمين محكم واستهدافهم بشكل مباشر بالرصاص قرب مسجد الأنصار في مخيم جنين”.
وتابعت: “نؤكد وجود إصابات في صفوف العدو بعد استهدافهم بوابل كثيف من الرصاص المباشر”.
وفي بيان سابق، قالت كتائب القسام إن مقاتليها بكتيبة جنين “يتصدون لقوات الاحتلال في محيط المخيم ويستهدفون جيش الاحتلال بصليات كثيفة من الرصاص والعبوات المتفجرة”.
وأضافت: “تمكن مجاهدونا رفقة سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى من تفجير أكثر من آلية لجيش الاحتلال بعبوات جانبية أصابتها إصابات مباشرة وألحقت بها أضرارا بالغة”.
بدورها، أصدرت الغرفة المشتركة للعمليات في قطاع غزة، بيانا، قالت فيه إنها في حالة استنفار وانعقاد دائم بعد العدوان على جنين.
وأضافت في بيان “المقاومة في كل الساحات لن تسمح للعدو بالتغول على أهلنا في جنين أو الاستفراد بهم. وندعو كل فصائل المقاومة في جنين ومخيمها للتكاتف وخوض المواجهة بشكل موحد.”.
وحول خطوتها المقبلة، قالت الغرفة في بيانها “استمرار العدوان على جنين وسلوك الاحتلال هو ما سيحدد طبيعة رد المقاومة”.
تجريف ووحشية
أظهرت مشاهد قيام آليات الاحتلال الإسرائيلي بتجريف شوارع جنين، في العملية التي أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن جيش الاحتلال أطلق عليها اسم “بيت وحديقة”، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتلقى تحديثات منتظمة عن العملية.
وأضافت: الأجهزة الأمنية لدى الاحتلال تستعد لاحتمال إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة تجاه “إسرائيل”.
وقال وزير الحرب لدى الاحتلال يوآف غالانت؛ إن القوات الإسرائيلية عملت الساعات الماضية بجهد مركز ضد مراكز المقاومة الفلسطينية في جنين، مهددا بأن “أي شخص يؤذي مواطني إسرائيل سيدفع الثمن باهظا”.
وأضاف في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية: “المنظومة الأمنية جاهزة للتعامل مع كل سيناريو”.
وتابع: “في نشاط مشترك للجيش وجهاز الأمن العام “الشاباك”، تم استهداف مقر قيادة غرفة عمليات موحدة في مخيم جنين”.
وزعم الناطق باسم جيش الاحتلال، أن العدوان استهدف بنى تحتية ومقرات وغرف عمليات لفصائل المقاومة الفلسطينية، وصادر أسلحة وعبوات ناسفة.
مخيم جنين
يقع مخيم جنين الذي أقيم عام 1953، إلى الغرب من مدينة جنين؛ ويطل على سهل مرج بن عامر من جهة الشمال؛ وتحده من الجنوب قرية برقين، وتحيط به عدة مرتفعات.
وبلغت مساحة المخيم عند الإنشاء 372 دونماً، اتسعت إلى حوالي 473 دونماً، وبلغ عدد سكانه عام 1967م حوالي 5019 نسمة؛ وفي عام 2007 وصل إلى 10.371 نسمة.
ينحدر أصل أغلب سكان المخيم من منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل، وقرى تابعة لجنين احُتلت عام 1948.
وحسب تقديرات “الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني”، يبلغ عدد سكانه في منتصف عام 2023 نحو 11674 لاجئا.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=142651