“أسابيع المرح”..نافذة لتفريغ الصدمات النفسية لأطفال غزة

توفر “أسابيع المرح”، التي أطلقتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، فسحة لأطفال قطاع غزة للهروب من الواقع النفسي والاجتماعي الصعب جراء الظروف الاقتصادية المتردية والصراعات العسكرية المتكررة.

هذا المشروع الذي يندرج ضمن “خطة الطوارئ” لدى الوكالة الأممية، يتيح لنحو 130 ألف طالب وطالبة من اللاجئين في غزة، الانخراط في أنشطة رياضية وفنية.

كما يشكل هذا المشروع فرصة لأهالي الأطفال الذين يعانون من ظروف اقتصادية تمنعهم من دمج أبنائهم في أنشطة مدفوعة الأجر، من الحصول على خدمات الدعم النفسي “المجانية” تحت إشراف متخصصين.

وفي وقت سابق الأحد، افتتحت وكالة “أونروا” مشروع “أسابيع المرح” في مدرسة بنات “جباليا” الإعدادية التابعة لها، شمالي القطاع، ومن المقرر أن يستمر لمدة 4 أسابيع.

وقال توماس وايت مدير شؤون “أونروا” بغزة، للأناضول: “نعمل اليوم على إطلاق ألعاب الصيف لنحو 130 ألف طالب وطالبة حيث توفر لهم فترة من المتعة لحضور عدة أنشطة”.

وأوضح أن هذه الأنشطة تساهم في “تقديم الدعم للأطفال الذين يعانون من صدمات نفسي جراء الصراعات المستمرة”.

وأشار إلى أن الدراسات الأخيرة التي أجرتها وكالة “أونروا”، رصدت معاناة نحو 38 بالمئة من الطلاب لديها من “الصدمات النفسية من الحروب والصراعات المختلفة”.

أنشطة وفرص عمل

عصام الشلفوح، مدير مشروع أسابيع المرح الصيفية لعام 2023 في أونروا بدوره قال: “تأتي أسابيع المرح التي تستمر على مدار 4 أسابيع، استكمالا لدور وكالة الغوث في التخفيف من الآثار النفسية والاجتماعية التي يعاني منها أطفال فلسطين”.

وأضاف للأناضول، أن الوكالة الأممية عملت على “تحسين وتطوير هذا المشروع بما يخدم الطلاب في فترة الصيف وبما يضمن التفريغ النفسي والاجتماعي لهم واستغلال هذه الإجازة الصيفية بشكل أفضل وممتع”.

وأوضح أن “أونروا” أطلقت هذا العام “أسابيع المرح”، في نحو “91 موقعا على مستوى قطاع غزة، منهم 83 موقع مدرسي، فيما خصصت البقية لذوي الاحتياجات الخاصة”.

وبيّن أن الأنشطة تتراوح بين “الرياضية والفنية والترفيهية والدعم النفسي إلى جانب أنشطة خاصة بالطلبة الموهوبين على مستوى القطاع مثل الفلكلور الشعبي وتكنولوجيا المعلومات واللغة الإنجليزية والكورال الموسيقي”.

وذكر أن “أونروا”، تقدم للأطفال المشاركين في أسابيع المرح بشكل يومي “العصائر والبسكويت والمياه إلى جانب تخصيصها قميصا وقبعة لكل طفل مشارك”.

ومن جانب آخر، فإن أسابيع المرح وفّرت فرص عمل لنحو 3260 شابا وشابة في غزة للعمل كمدربين للأطفال، بحسب الشلفوح.

ومضى يقول: “يعاني الأطفال في غزة من ظروف الحصار القاهر وظروف نفسية واجتماعية فضلا عن تكدس الأنشطة المنهجية خلال العام الدراسي، فتوفر هذه الألعاب فسحة للتفريغ النفسي عن الأطفال من خلال أنشطة يتم تجهيزها على أيدي متخصصين”.

الصدمات النفسية والاجتماعية

بدوره، يقول إياد زقوت، مسؤول وحدة الصحة والنفسية والدعم النفسي والاجتماعي في مدارس “أونروا”: “ألعاب الصيف توفر بيئة آمنة للأطفال حتى يمارسوا هواياتهم وأنشطتهم اللازمة لنمو نفسي وعقلي واجتماعي سليم”.

وأضاف للأناضول، إن وضع قطاع غزة “المليء بالضغوط والتوتر والصعوبات التي يواجهها الأطفال” يعكس أهمية هذه الأنشطة.

وتأتي هذه الأنشطة، وفق زقوت، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعاني منها أهالي الأطفال اللاجئين الذين لا يجدون نافذة أخرى لتوفير أنشطة مشابهة مدفوعة الأجل.

واستكمل قائلا: “الوضع الاقتصادي للسكان صعب، لا تسمح للأهل دمج الأطفال بأنشطة مدفوعة، كما أن هذه المدارس قريبة من المنازل والتجمعات السكنية، بالتالي لا تشكل تكلفة عليهم من حيث المواصلات مثلا”.

ووفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن 61.6 بالمئة سكان غزة، البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة، يعيشون حالة فقر، بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع منذ منتصف 2007، فيما بلغت نسبة البطالة مع نهاية 2022 حوالي 47 بالمئة.

وأوضح زقوت أن هذه الأنشطة توفر “مكانا آمنا للعب الأطفال، في ظل انعدام توفر هذه المساحات وسط حالة ازدحام سكانية”.

وأضاف: “كما أن هناك مدربين يعملون على دمج الطفل بالأنشطة المقدمة، بما يساعدهم على تجاوز الصعوبات والضغوط الاجتماعية والنفسية”.

وأشار إلى أنه بالعادة يكون هناك ما نسبته 10 بالمئة، من الأطفال يكون من الصعب عليهم تجاوز الصدمات والاندماج في الألعاب، وهي تعتبر نسبة كبيرة في ظل الازدحام السكاني.

وتابع: “لمساعدة تلك الفئة في الاندماج يوجد مرشد نفسي في كل مدرسة لمتابعتهم وإعادة دمجهم في الأنشطة”.

وأشار إلى أن عدم دمج الأطفال في هذه الأنشطة ممكن أن يتسبب بردود فعل سلبية لديهم كـ”الغضب والانكسار والانعزال”، خاصة الأطفال الذين يتعرضون “لضغوط اجتماعية (من العائلة) من الممكن أن تنعكس بشكل سلبي على نفسياتهم على المدى البعيد”.

ولفت إلى أن “أونروا” أجرت عام 2021 (بعد الحرب الإسرائيلية آنذاك) الدراسة بينت خلالها أن “38 بالمئة من الأطفال كان لديهم مشاكل وظيفية ولا يمارسون حياتهم بشكل طبيعي نتيجة تعرضهم لصدمات نفسية”.

وقال زقوت إن هذه الدراسة أوضحت أن 75 بالمئة من الأطفال، بعد مرور 6 شهور على حرب عام 2021 (استمرت 11 يوما)، كانت “لديهم ذكريات مؤلمة وكان الحدث ما زال نشطا في ذاكرتهم”.

وختم قائلا: “عندما يحدث حدث جديد، والقديم ما زال موجودا، يؤدي إلى زيادة الهشاشة النفسية للأطفال، بالتالي الأنشطة هذه تساهم في التخلص من الصدمات بشكل سليم وإيجابي”.​​​​​​​

المصدر: الأناضول