كهرباء غزة..أزمة ممتدة ومشاريع معطلة ونداءات لا تتوقف

موجة الحر التي تضرب الأراضي الفلسطينية منذ عدة أيام، أعادت إلى الواجهة أزمة الكهرباء في قطاع غزة، والممتدة منذ أكثر من 17 عاماً هي عمر الحصار الصهيوني المتواصل على القطاع.

فالكهرباء اليوم في أحسن أحوالها لا تصل المنازل الغزية 8 ساعات، في وقت يعمل فيه الجدول بنظام 8 ساعات وصل مقابل 8 ساعات قطع مع عجز يتراوح ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، بسبب الطلب المتزايد على الطاقة بفعل أزمة الحر التي تعصف بالمنطقة.

أصوات كثيرة علت تنادي بتشغيل المولد الرابع في محطة توليد كهرباء غزة الوحيدة، وأخرى نادت بحل أزمة الكهرباء التي طال أمدها، وأخرى استغلت الحاجة الإنسانية المتفاقمة لصالح أجندات حزبية ضيقة، من خلال نداءات تطالب بالخروج إلى الشوارع في قطاع غزة، والتحريض ضد المقاومة ومشروعها وتحميلها المسؤولية عن الأوضاع الصعبة التي يعيشها القطاع.

مصادر كهرباء غزة

المتحدث باسم شركة توزيع كهرباء غزة محمد ثابت، قال إن أزمة الكهرباء في قطاع غزة معقدة ومتراكمة منذ 17 عاما، وسببها هو عدم قدرة المصادر الكهربائية المتوفرة لشركة توزيع الكهرباء على مجاراة الطلب المتزايد على الكهرباء في قطاع غزة سنويًا.

وبيّن ثابت، أن الطلب على الكهرباء في قطاع غزة يتزايد في فصل الصيف ليصل إلى أكثر من 500 ميجا وات، في حين أن المتوفر فقط 185 ميجا وات فقط.

وبين أن 185 ميجا وات تصل القطاع من مصدرين فقط وهما محطة توليد كهرباء غزة وتوفر 65 ميجا وات فقط، و10 خطوط كهرباء تصل من جانب الاحتلال الإسرائيلي وتزود غزة بنحو 120 ميجا وات.

وأوضح أن شركة التوزيع مهمتها توظيف هذه الكميات المحدودة وتوزيعها بعدالة على المحافظات بالقدر المتاح، مؤكداً أنها تحاول الاستثمار الأمثل لهذه الكمية، بحيث تصل إلى مجموع المشتركين داخل قطاع غزة.

ونوّه إلى ثمة تحديات تواجه الشركة خلال عملها، أبرزها، هدر الكهرباء الكبير (الفاقد)، والذي يصل إلى نحو 30 %، إضافة إلى صعوبة جباية أثمان هذه الكميات، لأن الشركة تشتريها من سلطة الطاقة الفلسطينية ومطلوب تسديدها إلى الموردين، إضافة إلى تنظيم قطاع الكهرباء الذي يحتاج أموال كثيرة من أجل بناء الشبكات وتنظيمها وتطويرها.

سلطة رام الله في قفص الاتهام

ويبدو أن جزء كبيراً من الأزمة التي لم تحل على مدار سنوات طويلة، لا يتحمل الحصار الصهيوني وحده المسؤولية عنها، إذ أن مصادر مطلعة على ملف كهرباء قطاع غزة اتهمت السلطة في رام الله بتعطيل عدد من المشاريع التي من شأنها حل الأزمة أو التخفيف منها ومن آثارها الكارثية.

المشروع الأول الذي عطلته السلطة هو منع القطاع من أن يكون ضمن خطة الربط الثماني، حيث ضغطت السلطة على النظام المصري لدفعه لرفض إمداد غزة بالكهرباء من خلال هذا المشروع.

وتعرقل السلطة مشروع إمداد محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع بـخط غاز، فقد تعهدت دولة قطر بدفع 25 مليون دولار لإنشائه، وهو من شأنه أن يزيد قدرة المحطة لـ160 ميجا وات، ويقلل ميزانية الوقود المشغل للمحطة حالياً إلى الثلث تقريبا.

والمشروع الثالث الذي رفضته السلطة وهو مقترح تقدم به مبعوث الأمم المتحدة السابق نيكولاي مالدينوف، ومن خلاله يتم ربط غزة بخط 161، وهو خط كهرباء قديم كان يغذى مستوطنات الاحتلال في قطاع غزة قبل الانسحاب الصهيوني عام 2005، وبإمكانه مد القطاع بـ100 ميجا وات.
والمشروع الرابع وهو مشروع طرحته تركيا خلال مفاوضاتها مع الاحتلال، ويتمثل في إرسال سفينة كهرباء من شأنها أن تزود غزة بـ400 ميجا وات، ورفضته السلطة أيضاً بحجة أنه تدخل في السيادة الفلسطينية.

وتعثر مشروع خامس عملت عليه فرق فنية تركية، وتعهدت من خلاله بإعادة ترميم محطة التوليد الوحيدة في غزة، لزيادة قدرتها الإنتاجية لتصل لـ400 ميجا على الأقل، وتعثر الجهد مرة أخرى بسبب عراقيل وضعتها السلطة في وجه المشروع.

المشروع السادس الذي رفضته السلطة في رام الله، وهو مقترح من البنك الإسلامي لتمويل إنشاء شركة كهرباء جديدة بقيمة 100 مليون دولار.

وأفشلت السلطة المشروع السابع والمقدم من الامارات، التي أعلنت موافقتها على تمويل وإنشاء محطة تزود القطاع بـ500 ميجا وات.

ورفضت السلطة المشروع الثامن وهو مشروع قطري طرح إنشاء محطة تعمل على الطاقة الشمسية في سيناء أو داخل الأراضي المحتلة؛ بحجة أنه تدخل سافر في سيادتها.

تحذيرات ومطالبات

شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية حذرت من التداعيات الخطيرة لانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة في قطاع غزة في ظل فترة فصل الصيف والارتفاع الكبير لدرجات الحرارة وبخاصة على الواقع الصحي والاجتماعي والاقتصادي

وقالت الشبكة، في بيان لها أمس الاثنين، إن انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة هو أزمة مزمنة ومركبة السبب الرئيس لها العدوان والحصار الإسرائيلي، وساهم في تفاقمها الانقسام السياسي والواقع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني.

وشددت الشبكة على ضرورة تضافر الجهود على كافة المستويات من أجل وضع الحلول الجدية لأزمة انقطاع التيار الكهربائي والتخفيف من آثارها، وتجنيب الشعب الفلسطيني في غزة المزيد من المعاناة.

ودعت الأطراف العربية والدولية كافة من أجل العمل الجاد على رفع الحصار الصهيوني الجائر عن قطاع غزة والعمل على دعم قطاع الكهرباء، مطالبة جمهورية مصر بالإسراع في إعادة ربط خط الكهرباء إلى قطاع غزة.

وطالبت الفصائل الفلسطينية، في أعقاب اجتماع عقد أمس الأول الأحد، مع شركة توزيع كهرباء غزة، جمهورية مصر بإعادة وصل وتشغيل خطوط الكهرباء المصرية على وجه السرعة وزيادة كمياتها، لافتين إلى أن الفصائل الفلسطينية ستعقد لقاءً قريباً مع مصر لمناقشة الموضوع.

ودعا المشاركون في الاجتماع دولة قطر إلى الاستمرار في تقديم كل أشكال الدعم والاسناد للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها المنحة القطرية بكل بنودها.

وشددت الفصائل على ضرورة استبعاد حاجات ومتطلبات الشعب الفلسطيني المعيشية عن التجاذبات السياسية، محملة الاحتلال المسؤولية عن الاستمرار في حصار قطاع غزة.

وأكدت على ضرورة إعادة النظر في اتفاقية انشاء شركة التوليد التي تمت قبل 25 عاماً، بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني أولاً، إذ ستتابع القوى والفصائل هذا الملف الذي وصفته بـ”الشائك والمعقد”.

وبعيداً عن كثير من التفاصيل، فإن أطرافاً متعددة تريد لأزمة الكهرباء في قطاع غزة أن تستمر، لاستخدامها كورقة تحريض ضد غزة، ودفع الناس من خلالها للكفر بمشروعهم المقاوم ومهاجمته بدلاً من الالتفاف حوله وحمايته، لكن التجارب السابقة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الفلسطيني في غزة لا يمكنه أن يقايض سلاحه بكل أموال الدنيا لكنه في المقابل يأبى إلا أن يعيش حراً كريما، وبات يعرف الطريق للحصول على حقوقه من بين أنياب محاصريه والراغبين في قتله وقتل أحلامه بالتحرير والعودة.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام