اقتحامات واسعة وطقوس علنية..الحرب الدينية على الأقصى تستعر

بات المسجد الأقصى المبارك على صفيح ساخن، بفعل تصاعد الحرب الدينية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي و”جماعات الهيكل” المزعوم ضد المسجد، في محاولة لإثبات وجودها وحقها الزائف في المكان المقدس.

وتأتي الحرب الدينية ضمن خطوات خطيرة متتالية لا تتوقف، بل تطال كل مكونات المسجد الأقصى، بغية حسم الصراع مع الفلسطينيين عبر سيطرة الاحتلال الكاملة على مدينة القدس المحتلة ومسجدها المبارك.

وأخطر ما يُواجه المسجد الأقصى خلال العام الجاري، تصاعد انتهاكات ومخططات “جماعات الهيكل” بشكل غير معهود من قبل، إلى جانب مطالبتها المستمرة لحكومة الاحتلال بزيادة ساعات الاقتحام وفتح كل أبواب المسجد أمام المقتحمين.

وخلال العام 2023، ارتفعت أعداد المستوطنين المقتحمين للأقصى وأداء الصلوات التلمودية الجماعية والعلنية في باحاته، بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست وكبار الحاخامات والمسؤولين عن الجماعات المتطرفة، بغطاء ودعم كامل من الحكومة المتطرفة.

ووفق إحصائية لمحافظة القدس، فإن النصف الأول من العام الجاري، شهد اقتحام 26,276 مستوطنًا للمسجد الأقصى من باب المغاربة، أدّوا خلالها طقوسًا تلمودية من بينها “السجود الملحمي”، وحاولوا إدخال “القرابين” عدة مرات خلال ما يُسمى عيد “الفصح” اليهودي.

ومنذ الخميس الماضي، لوحظ تصاعد في أعداد المقتحمين للمسجد الأقصى، إذ بلغ عددهم ما يزيد عن 1390 مقتحمًا، وسط تحضيرات يهودية لحشد أكثر من 2000 مستوطن لاقتحام واسع بذكرى “خراب الهيكل” غدًا الخميس.

وضمن حربه الدينية على الأقصى ومحاولته السيطرة عليه، يسعى الاحتلال إلى إفراغ المنطقة الشرقية ومحيط مصلى باب الرحمة من المصلين وتحويلها إلى مكان يستفرد به المستوطنون ويعيثون فيها تدنيسًا وخرابًا.

وشهدت الآونة الأخيرة نشر المستوطنون صورًا ومقاطع فيديو توثق أدائهم طقوسًا تلمودية خطيرة في المنطقة الشرقية، وارتداء أزياء كهنوتية، وامتلاء الساحة المقابلة للمصلى بالمتطرفين، مقابل استمرار التضييق على المصلين.

ولم تتوقف حكومة الاحتلال عن مساعيها لفرض سيادتها على الأقصى، ومحاولة تغيير الواقع فيه، من خلال استهداف الوجود الفلسطيني، ولا سيما الشخصيات والرموز الدينية والوطنية، عبر الاستدعاء والاعتقال والإبعاد ليس فقط عن المسجد، بل عن مدينة القدس.

تغول إسرائيلي

ويشهد المسجد الأقصى تغولًا إسرائيليًا لم نشهده من قبل، في ظل دعم حكومة الاحتلال للجماعات المتطرفة ومخططاتها التهويدية بحق المسجد، كما يقول نائب مدير الأوقاف الإسلامية في القدس ناجح بكيرات في حديثه لوكالة “صفا”.

ويضيف بكيرات “واضح تمامًا أن وتيرة اقتحامات الأقصى تزداد يومًا بعد آخر، كونها تأتي ضمن برنامج تهويدي منظم لليمين المتطرف، تحضيرًا لمشروع الدولة اليهودية، واعتبار القدس عاصمة يهودية”.

ويشير إلى أن هذا البرنامج لم يعد موسميًا، بل أصبح برنامجًا لحظيًا، وآخذ بالتطور، في ظل توحش الاحتلال و”جماعات الهيكل” التي تحاول فرض أجندتها وتنفيذ مخططاتها في المسجد الأقصى.

ويبين أن ممارسات الاحتلال ومستوطنيه تأتي ضمن الحرب الدينية المتصاعدة بحق الأقصى وأهله، بهدف خنقه والسيطرة الكاملة عليه.

ويتابع “أصبحنا اليوم نشاهد أثناء الاقتحامات، صلوات توراتية علنية وجهرية داخل الأقصى، وأداء طقوس بركات الكهنة، وإحياء مراسم الزواج ورفع أعلام الاحتلال، وغيرها من الممارسات العنصرية، ناهيك عن المطالبات بفتح أبواب أخرى للاقتحامات، إلى جانب باب المغاربة، ومسيرة الأعلام حول أبواب المسجد مساء اليوم”.

خنق الأقصى

ويعمل الاحتلال- وفق بكيرات- على خنق الأقصى ورواده بمزيد من عمليات الإبعاد عنه، وتفعيل ما يسمى بـ”المناسبات الدينية” قرب المسجد، ودعم هؤلاء المقتحمين بالمال وتسهيل اقتحاماتهم، وأيضًا تفعيل “الحضور التوراتي” اليهودي داخل الأقصى.

ويؤكد أن المتطرفين يريدون أن تكون القدس والأقصى في كل لحظة مكانًا للتراث والوجود اليهودي، عبر تحريضهم بكل الوسائل على المجيء للمدينة وتسهيل وصولهم إلى الأقصى.

ويقول: إن “ما يجري في المسجد الأقصى اليوم هو تحضير إسرائيلي للتقسيم المكاني”، محذرًا من أن “السنوات الثلاث المقبلة ستكون سنوات عجاف، ستشهد تغيرًا كبيرًا بواقع القدس والأقصى ما لم يتحرك العالم العربي والإسلامي”.

ويضيف “ما يحدث بالأقصى يدق ناقوس الخطر، وعلى العالم والأمة العربية والإسلامية أن تفيق قبل فوات الأوان”.

المصدر: صفا