حوار القاهرة.. هل تعتمد الفصائل الفلسطينية برنامجا وطنيا؟

يترقب الفلسطينيون اجتماع الأمناء العامين للفصائل المزمع عقده، الأحد، في القاهرة، الذي يبحث عدة ملفات منها ترتيب البيت الفلسطيني وسبل مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

حالة الترقب هذه يتوسطها تشاؤم المحللين السياسيين الفلسطينيين حول إمكانية نجاح الفصائل في التوصل لـ”مخرجات حقيقية تنهي حالة الانقسام وتوحد صفوف المواجهة”.

وأرجع المحللون ذلك إلى التجارب السابقة للحوارات الوطنية التي جرت خلال السنوات الماضية وانتهت “بصدور بيانات أو اتفاقيات لم تر النور بعد”.

لكن من الممكن أن تحقق الفصائل اختراقات في بعض الملفات، التي لا تنهي الانقسام بشكل كامل، مثل ملف تشكيل حكومة فلسطينية جديدة، لإدارة المؤسسات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفق محللين.

وقال الناطق باسم حركة “فتح” حسين حمايل، للأناضول حول إعطاء الرئيس محمود عباس، الضوء الأخضر لتشكيل حكومة وحدة وطنية، “الرئيس أعطى ضوءا أخضر لكل شيء له علاقة بإنهاء الانقسام وتسهيل العمل على موضوع الوحدة الوطنية”.

وأضاف “أي شيء يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني سيكون أولوية لدى القيادة (…) البند العريض لاجتماعات القاهرة موضوع إنهاء الانقسام، وأي خطوة تؤدي لإنهاء الانقسام: موضوع حكومة وحدة وطنية، برنامج وطني، برنامج سياسي متفق عليه، سيكون سيد الموقف”.

وفي 10 يوليو/ تموز الجاري، وجّه الرئيس عباس، دعوة للأمناء العامين للفصائل لعقد اجتماع طارئ، وبحث المخاطر في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية استمرت نحو 48 ساعة في مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية، أسفرت عن مقتل 12 فلسطينيا، ودمار هائل طال نحو 80 بالمئة من المباني والبنى التحتية.​​​​​​​

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عزام الأحمد، حينها، إن “الدعوات التي وجهها الرئيس عباس لحضور اللقاء الذي سيعقد بالقاهرة في 30 يوليو الجاري، سلمت لكافة الفصائل دون استثناء، وتمت بعد التشاور مع الأشقاء في مصر”.

وتعتزم الفصائل المشاركة في هذا الحوار، إلا أن حركة “الجهاد الإسلامي” تربط مشاركتها بالإفراج عن “المعتقلين السياسيين لدى السلطة الفلسطينية”.

ويسود أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) انقسام سياسي منذ يونيو/ حزيران 2007، بسبب الخلافات الحادة بين حركتي “فتح” و”حماس”، فيما لم تفلح الوساطات الإقليمية والدولية في إنهائه.

مدة الاجتماع

أثارت مدة حوار القاهرة المتمثلة بيوم واحد فقط انتقاد المحللين السياسيين كونها فترة غير كافية للتوصل إلى صيغ مشتركة حول القضايا الوطنية.

اتفق المحللون، في حوارات منفصلة مع الأناضول، على أن “الملفات التي سيتم بحثها في القاهرة كبيرة ولا يمكن أن يتم التوصل لتوافق بشأنها في يوم واحد فقط، خاصة وأن الاجتماع بلا أجندة أعمال”.

وقالوا “ربما لا يكون هذا اليوم كاف لإدارة الحوارات بين الفصائل، إلا إذا كان هناك اتفاق مسبق بين الأطراف، خاصة حماس وفتح”.

وأضافوا “إذا كانت اللقاءات ستعقد من أجل التوصل لصيغ مشتركة قد لا يكون اليوم الواحد كاف للوصول إلى النتائج المرغوبة”.

** تشكيل حكومة جديدة

قال المحلل السياسي رائد نجم، للأناضول، إن “اللقاءات التي جمعت الفصائل، خاصة الطرفين الأبرز الرئيس عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، كانت تصب باتجاه إنجاح جولة حوار القاهرة وتحقيق أهدافها”.

وأضاف “من ضمن الأهداف التي رشحت تشكيل حكومة فلسطينية، تتولى توحيد المؤسسات والشؤون داخل الضفة وغزة وتسعى لتحقيق الوحدة”.

وأوضح أن هذه الحكومة سيتم تشكيلها “وفقا للصيغ السابقة المتفق عليها بين حركتي فتح وحماس، لتولي إدارة الشأن الفلسطيني وتوحيد مؤسساته”.

ويرى نجم، أن هذه الخطوة من الممكن “تحقيقها خاصة وأن مصدرها الرئيس عباس، ما يعني أن الفلسطينيين أمام إرادة وإدراك بضرورة رص الصفوف”.

وحول موقف “حماس” من ذلك، استبعد نجم، أن يكون لها موقف معارض من ذلك، متوقعا أن تدرج بعض الأسماء لهذه الحكومة.

واستكمل قائلا “حماس، تتعامل مع الجميع بما يتوافق مع تطلعاتها في المشاركة السياسية وتحقيق إنجازات ومكاسب، لذا ستسعى لأن يتم شمل منتسبيها ضمن الترتيبات المالية والإدارية في الحكومة الجديدة”.

مخرجات مكررة

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، للأناضول، إن “المتوقع من هذا الحوار إعادة إنتاج ما تم التوصل إليه في الحوارات السابقة، والتي كان آخرها حوار الجزائر، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022”.

وتوقع إبراهيم، أن “ينتهي الحوار ببيان ختامي، شكلي، يضم جمل فضفاضة ومطاطية ويكتنفها الغموض كما حدث في مجمل اللقاءات السابقة”.

ويرى أن أي مخرجات ترجى من حوار القاهرة يجب أن “تكون مرتبطة بسقف زمني، من أجل وضع الأسس الحقيقية لها”.

كما عبر عن اعتقاده بأن المخرجات، إن كانت حقيقة، يجب أن “تشمل وقف علاقات السلطة الفلسطينية مع الاحتلال، كما جاء في قرارات المجلسين المركزي والوطني”.

محطة مرحلية

بدوره قال سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات (غير حكومي)، للأناضول إن لقاء القاهرة ناتج عن تصاعد المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية.

ولفت إلى أن اللقاء يأتي في إطار الترتيبات السياسية فيما يتعلق بمستقبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

ويرى بشارات، ثلاثة سيناريوهات متوقعة للقاء الرئيس عباس، بالأمناء العامين للفصائل، أولها السيناريو المتفائل.

وعن ذلك يقول “قد يكون هناك مخرجات قوية، بمعنى أن تكون أشبه ببعض الترتيبات للمرحلة المقبلة، أي تشكيل حكومة جديدة، وقد تكون توافقات بين الفصائل على رئيس الحكومة وبعض الشخصيات، بالإضافة إلى الحديث عن انتخابات رئاسية وتشريعية”.

ويعتبر بشارات، أن هذا السيناريو “ضعيف جراء تمترس قطبي الانقسام خلف مواقف سياسية، لكنه ممكن”.

أما السيناريو الثاني بحسب مدير مركز يبوس للدراسات، يتمثل في “فشل اللقاء، وأن يكون عبارة عن لقاء بروتوكولي لالتقاط الصور الجماعية ولا تحمل أي مخرجات يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الانقسام، وتكون تكرارا لأكثر من لقاء وحوار واتفاقيات سابقة”.

ثالثا، يقول بشارات، “هو السيناريو الواقعي، أي أن لكل طرف رؤيا معينة يحتاج إلى تعزيز مواقفه ومساره”.

وتابع “السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح، بحاجة إلى قبول دولي وإقليمي لكي تستطيع التحرك في ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة حجمت دورها، إلى جانب ضعف الثقة الشعبية بالسلطة بعد أحداث مخيم جنين”.

وأشار إلى أن “فتح، تريد تقليص حجم الخسائر، ووجدت في لقاء القاهرة فرصة لترميم وتعزيز صورتها”.

أما بشأن حماس، يقول بشارات، “هي الأخرى بحاجة إلى حضور سياسي وتعزيز وضعها كلاعب أساسي في التطورات بالضفة الغربية والمنطقة”.

ويرى الخبير الفلسطيني أن هناك أطرافا دولية وإقليمية كمصر تحاول سحب فتيل المواجهة في المنطقة لتعزيز دورها.

المصدر: الأناضول