تنشط عدة مؤسسات وجمعيات تركية في تنفيذ عشرات المشاريع والمساعدات الإنسانية والتنموية في مدينة القدس المحتلة، بهدف الحفاظ على المقدسات والآثار الإسلامية، وتثبيت أهلها ودعم صمودهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته التي لا تتوقف.
جمعية حماية التراث العثماني في بيت المقدس “ميراثنا” واحدة من هذه الجمعيات، التي تأسست رسميًا عام 2008، في مدينة إسطنبول، كجمعية خيرية تُعنى بالاهتمام بالموروث الحضاري والإسلامي والعثماني في القدس ومحيطها، وتقديم الأعمال والخدمات التي تُسهم في الحفاظ عليه سواء بالترميم أو التوثيق أو الرعاية.
وإلى جانب “ميراثنا”، هناك مؤسسات أخرى تعمل لدعم القدس وصمود أهلها، والحفاظ على تراثها وهويتها، مثل “وقف الأمة”، ومؤسسة “البراق” للتعريف بالأماكن المقدسة والثقافة، والوكالة التركية للتعاون والتنسيق “تيكا”.
ارتباط تاريخي
مسؤول العلاقات الخارجية بجمعية “ميراثنا” عمر ايريلماظ يتحدث لوكالة “صفا”، عن أهمية القدس للشعب التركي، قائلًا: إن “القدس تمثل أهمية عميقة، ورمزًا عزيزًا للتراث الثقافي، ومدى أهميتها الدينية كمدينة يُقدسها المسلمون، وتجسد ارتباطًا تاريخيًا مشتركًا وتفانيًا روحيًا بالنسبة للشعب التركي”.
ويضيف أن “القدس تمثل أيضًا، مكانًا للإيمان والوحدة والحفاظ على الروابط الثقافية التي تمتد لقرون، مما يُعزز شعورنا العميق بالهوية والانتماء داخل المدينة المقدسة”.
وتُسخّر الجمعية كل جهودها وإمكانياتها لدعم القدس، وتسعى للتعريف بالمسجد الأقصى والتراث العثماني في بيت المقدس، وتوعية المجتمع التركي والأمة بالمخاطر المحدقة بالأقصى والتراث العثماني، والحفاظ على الوجه التاريخي للمدينة، وفق ايريلماظ.
ويوضح أن الجمعية تهدف من خلال مشاريعها، إلى الإسهام في حماية الآثار المقدسية والعثمانية، والنهوض بالمجتمع التركي للقيام بدوره العظيم في حماية المسجد الأقصى والحفاظ على التراث الإسلامي والعثماني بالمدينة.
ولا تقتصر أهدافها على ذلك، بل تسعى- كما يبين ايريلماظ- إلى تثبيت وجود المقدسيين والمحافظة على كل متطلبات ثباتهم في أرضهم ليذودوا عن القدس والأقصى، بالإضافة إلى استعادة دورها كمنبر للعلم والفكر والثقافة على مستوى الأمة جمعاء.
مشاريع خيرية
وحول أبرز المشاريع، يقول ايريلماظ إن الجمعية لديها العديد من المشاريع التنموية والخيرية، والتي تصب في مصلحة المقدسيين، منها كفالة الأيتام، ودعم قطاع الصحة، وتوفير طرق مواصلات للمسجد الأقصى للقاطنين في المدن المجاورة، وكذلك إنشاء مبادرات لتطوير وتأهيل أيادٍ عاملة بالمدينة المحتلة.
ويشير إلى أن الجمعية تُنفذ مشاريع تنموية تتمثل في دعم المتعطلين عن العمل من الأسر المقدسية الفقيرة عبر تعليمهم بعض المهن والحرف ودعمهم برأس مال صغير بعد الانتهاء من تدريبهم، ليغدوا عناصر منتجة في المجتمع المقدسي.
ويضيف أن الجمعية لا تدّخر جهدًا إلا وتبذله في سبيل مد يد العون والمساعدة لأهالي القدس، من أجل تعزيز صمودهم في المدينة، التي تتعرض لانتهاكات واعتداءات إسرائيلية مستمرة، ناهيك عن المخططات التهويدية والاستيطانية.
ومن المشاريع أيضًا، مشاريع شهر رمضان المبارك كل عام من إفطارات للصائمين والسحور داخل ساحات الأقصى، وتوزيع سلال رمضان الغذائية، وكسوة العيد، وصدقة الفطر، بالإضافة إلى برنامج عيد الأضحى السنوي، والذي يشمل ذبح الأضاحي داخل القدس وتوزيعها، وكسوة العيد والعيديات.
ويلفت إلى أن الجمعية تتولى ترميم عشرات المساجد والبيوت والأوقاف الأثرية بالقدس، وتأثيث منازل الأسر الفقيرة، وتوزيع كسوة الشتاء والسلال الغذائية على الفقراء، وكذلك دعم حلقات القرآن الكريم، والطالب الجامعي المقدسي.
وخلال العام 2022، عملت الجمعية- كما يوضح ايريلماظ- على كفالة 160 يتيمًا، وزراعة 1280 شجرة زيتون بالقدس، وتوزيع مساعدات شتوية على 437 عائلة مقدسية، وأكثر من 10000 سلة غذائية، و850 حصة زكاة لحوم الأضاحي، وعيديات وملابس على 557 طفلًا، وتقديم دعم مالي لمستشفى المقاصد بقيمة تزيد عن 550 ألف ليرة تركية.
كما جرى توزيع ملابس شتوية على 150 طالبًا يتيمًا ومحتاجًا، وتقديم دعم مادي على مدار العام لـ225 عائلة مقدسية، بالإضافة إلى توزيع حقائب مدرسية ومستلزمات قرطاسية على 650 طفلًا، وتوفير ما يقارب 10000 وجبة إفطار في رمضان، وتوزيع أكثر من 630 ألف ليرة من زكاة الفطر على 241 عائلة، خلال العام الماضي.
عقبات وتحديات
وعن أبرز العقبات التي تواجهها في ظل الاحتلال، يوضح ايريلماظ لوكالة “صفا”، أن “الجمعية تواجه تحديات متنوعة، منها التعامل مع قيود الاحتلال، والديناميكيات السياسية المعقدة بالقدس، وقيود الوصول والإجراءات البيروقراطية، وتأمين التمويل المستدام وسط المنافسة، ومعالجة الحواجز الثقافية واللغوية، وإدارة المخاوف الأمنية”.
ويؤكد أن “ميراثنا” تسعى إلى الاستمرار الدائم في مشاريعها بالقدس، وزيادة أعداد المقدسيين المستفيدين منها كل سنة، رُغم محاولة الاحتلال محاربة تنفيذ هذه المشاريع وعرقلتها.
وفي رسالة الجمعية للقدس وأهلها، يقول ايريلماظ: “نحن هنا من أجلهم، نفهم التحديات الفريدة التي تواجهنا في هذه المدينة الرائعة، ونرى مقاومة أهلها وقوتهم، ونحن ملتزمون بتقديم كل الدعم لهم، وإيصال صوتهم، وتعزيز الوحدة معًا، وعلينا أن نتغلب على العقبات، ونبني قدسًا أكثر إشراقًا للجميع”.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=143372