فروانة: سجون الاحتلال “أفران” تصهر أجساد الأسرى في ظل “الأجواء الحارقة”

حذر الأسير المحرر عبد الناصر فروانة، المختص والباحث في شؤون الأسرى؛ من تفاقم معاناة الأسرى في سجون الاحتلال بشكل عام وسجون الجنوب بشكل خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وسخونة الأجواء اللاهبة.

ووصف فروانة في حديثه لوكالة “قدس برس”، اليوم الثلاثاء، سجون الاحتلال عامة وسجون الجنوب (النقب، نفحة، بئر السبع، ورامون) خاصة بانها “أفران حقيقية تصهر أجساد الأسرى في ظل الأجواء الحارقة” مع الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة.

وأضاف: “عانينا كثيراً في الأيام الماضية جراء الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وما زلنا نُعاني من موجات الحر الشديد وقسوة الصيف هذا العام؛ بالرغم مما نَمتلكه من إمكانيات، وما يُمكن أن نُوفره من أدوات مساعدة، تُساهم في تخفيض درجات الحرارة وتبريد الجو وتساعد في تخفيف مخاطر موجة الحر وآثار الصيف وتداعياته الخطيرة على صحة الإنسان؛ لكننا وفي ظل هذه الأجواء الحارة جداً نضطر لأن نُعيد شريط ذكريات مريرة وثقيلة حملتها تلك السنوات التي قضيناها داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي ونحن نتذكر زملائنا الأسرى يكابدونها”.

واستحضر فروانة طبيعة المناخ في سجون الاحتلال لاسيما السجون المقامة في صحراء النقب، جنوب فلسطين، وتفاصيل الحياة القاسية التي وثقتها الذاكرة الجمعية للمعتقلين الذين مرّوا في التجربة، وهم كُثر.

وتابع: “لا يمكن وصف معاناة وآلام الأسرى في سجون الاحتلال وهم يقضون زهرات شبابهم بين جدران السجون، وخاصة أولئك الذين يتواجدون اليوم في سجون: النقب، نفحة، ورامون، وبئر السبع، التي تقع في عمق الصحراء ويتواجد فيها نصف إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين البالغ عددهم نحو خمسة آلاف أسير ومعتقل”.

وشدد على أن معاناة الأسرى والمعتقلين في كافة سجون الاحتلال تتفاقم مع قدوم فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، خاصة في أشهر الصيف الأكثر سخونة، وتزداد هذه الأيام مع ارتفاع معدلات الموجات الحارة وشدة وطول كل منها.

وقال فروانة: “إن الأسرى يطلقون على أشهر الصيف الثلاثة أشهر الموت حيث تتحول الغرف إلى جحيم، وزنازين التحقيق والعزل الانفرادي إلى أفران، فالصيف ضيفاً ثقيلاً على الأسرى والمعتقلين وأينما تواجدوا، فيما تكون معاناة الأسرى داخل السجون الواقعة في قلب الصحراء أشد وأقسى، نظراً للطبيعة القاسية للمناخ الصحراوي في النقب”.

وأضاف: “يعيش الأسرى في هذه السجون ظروفاً صعبة وقاسية، فيتحالف فيها سوء المناخ، صيفاً وشتاءً، مع قسوة ظروف الاحتجاز وبشاعة السجان، فتتفاقم معاناة الأسرى هناك، ويزداد وجعهم مع ارتفاع درجات الحرارة وسخونة الأجواء.

وحذر فروانة من مخاطر الحياة في هذه السجون وآثارها على صحة وحياة الإنسان، صيفاً وشتاءً، هذا بالإضافة إلى أنها تقع بالقرب من “مفاعل ديمونا” وفي منطقة تُستخدم لدفن مخلفات “المفاعل النووي” ومادة الأسبست التي تؤدي إلى الإصابة بأمراض مسرطنة، وهذا ما حذرت منه مراراً وزارة البيئة الإسرائيلية في تقارير سابقة، وأكدت وجود نفايات سامة في منطقة النقب قد تسبب الإصابة بأمراض خبيثة ومنها السرطان.

وقال: “لقد سقط الكثير من الأسرى شهداء في السجون الأربعة التي تقع في صحراء النقب، بالإضافة إلى آخرين توفوا بعد خروجهم من السجن، وآخرين تسببت لهم الحياة هناك بكثير من الأمراض أو الإعاقات الجسدية أو الحسية، فيما تؤكد العديد من الدراسات أن الأمراض المزمنة والمستعصية والتي ظهرت وبدأت تظهر على الأسرى المحررين لها علاقة بصورة دالة إحصائياً بخبرة السجن وجراء ما تعرض له المحررين خلال فترات سجنهم”.

وأوضح أن “الأسرى يشتكون من صعوبة الظروف وقسوة المعاملة واكتظاظ الغرف وقلة التهوية وسوء المناخ وانتشار الزواحف الخطيرة والسامة والحشرات الضارة والقوارض وسخونة الهواء وشدة الحرارة، وعذاب البوسطة، وتأثيرات الصاج الموجود على النوافذ في بعض الأقسام، في ظل شحة الأدوات المساعدة والمخففة لدرجة الحرارة، أو الواقية لأشعة الشمس ولهيب حرارة تموز واب اللهاب”.

وحذر فروانة من أن تلك الظروف القاسية “ترفع من درجة القلق لدينا ولدى عائلات الأسرى والمؤسسات المختصة، وتدفعنا جميعاً لأن نرفع صوتنا ونُطالب المؤسسات الدولية، الحقوقية والإنسانية، لاسيما اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية، بالتوجه إلى السجون الإسرائيلية وخاصة في صحراء النقب، والإطلاع على ظروف الاحتجاز وحجم المعاناة في فصل الصيف وموجات الحر الشديد التي تجتاح العالم هذه الأيام، والعمل على توفير الحماية للأسرى وخاصة المرضى والأطفال وكبار السن من مخاطر الصيف وتأثيرات ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة في الجو”.

وقال: “إن سوء الظروف المناخية وقسوتها في الصيف وموجات الحر الشديد، تفاقم من معاناة الأسرى، وتترك آثارا خطيرة على أوضاعهم الصحية وتسبب لهم العديد من الأمراض مثل: ضربات الشمس والجفاف وأمراض الجلد والإعياء الحراري ونزيف الأنف (الرعاف) وبعض متاعب القلب المفاجئة التي تحدث لأول مرة، وغيرها”.

وأضاف: “وقد يزداد الخطر في ظل تدني الرعاية الصحية، ومع استمرار سياسة الإهمال الطبي، خاصة لدى المرضى ومن تظهر عليهم أعراض المرض مما يزيد من درجة القلق لدى أهالي الأسرى والمؤسسات المختصة بهذا الشأن”.