على خطى برلين تعمل الدولة الإسبانية على قمع النشاط الفلسطيني ومحاربته، تحت مبرر ما يسمى “جرائم الكراهية”، وسط مخاوف من تكريس القمع بعد موافقة مجلس النواب الإسباني على تمرير أولي للتعريف الذي وضعه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) لمصطلح “معاداة السامية” الذي يسعى إلى مساواة أي انتقاد للنظام الاستعماري “الإسرائيلي” في فلسطين بالعداء لليهود؛ بحسب نشطاء إسبان.
فمنذ قيام طلاب مؤيدين لفلسطين باحتجاج على حضور سفيرة الاحتلال في إسبانيا لإلقاء محاضرة في جامعة “كمبلوتنسي” بالعاصمة الإسبانية مدريد في فبراير الماضي، جرى فرض غرامات مالية طالت أكثر من 40 شخصاً، ومحاكمات لناشطين مؤيدين للقضية الفلسطينية بعد المظاهرة التي شهدت عمليات قمع من قبل الشرطة واعتقال اثنين من المتظاهرين.
فيما وثقت عدسات الكاميرا أثناء الاحتجاج إشهار أحد عناصر أمن السفارة “الإسرائيلية” مسدّساً صوب من تظاهروا خارج القاعة، كما أظهر مقطع فيديو نشره موقع صحيفة “السالتو دياريو” الإسبانية.
الناشطة الإسبانية “جوديت” تقول: إنها اعتقلت من الجامعة خلال المظاهرة التي شارك فيها العشرات من الطلاب والنشطاء في الثامن من شباط/ فبراير هذا العام، تضامناً مع حق الشعب الفلسطيني في البقاء واستعادة وطنه.
وأضافت: أن الشرطة السرية أمرت وحدة شرطة مكافحة الشغب باعتقالها، وهو ما حصل بعد مغادرة المتظاهرين مباني الجامعة، حيث أبلغتها الشرطة أنها محتجزة بتهمة الاعتداء على السلطة والمقاومة والعصيان، وبعد أخذها مقيدة اليدين إلى مركز الشرطة أضافوا لها جريمة أخرى، وهي إصابة الشرطة، وفق بوابة اللاجئين.
وتابعت الناشطة: “من الواضح أن التهم كلها مزيفة، وكلام الشرطة خاطئ، فلم تذكر أننا استُهدفنا بسلاح ناري من قبل عميل إسرائيلي ينتمي إلى فريق أمن السفيرة، وبالمثل تخفي رواية الشرطة أن الأغاني كانت أناشيد سياسية احتجاجية تدين الاستعمار والاحتلال الإسرائيلي ونظام العنصرية”.
وتشير الناشطة جوديت إلى أن مكتب المدعي العام أحال قضيتها إلى قسم جرائم الكراهية والجريمة، في محاولة لربط انتقاد النظام الاستعماري الإسرائيلي بكراهية اليهود، وإلى أنه من المحتمل ألا ينجح في ذلك لأن الهتافات كانت ضد النظام الاستعماري الصهيوني من ناحية، وفي إسبانيا لا يوجد حتى الآن قانون يوازن بين النقد المشروع لكيان الاحتلال “الإسرائيلي” ومعاداة السامية من ناحية أخرى.
واعتبرت أن إضافة الجرائم لاحقاً عند احتجازها تشير إلى أنه تم إجراء مكالمات تهدف إلى تعقيد القضية والاستمرار في تشويه ما حدث، وهو ما ظهر بعد تدخل النيابة العامة لطلب الحكم عليها بجريمة كراهية، وأعربت عن اعتقادها أن اختراع الجرائم يبين أنه تم جنباً إلى جنب مع الفاعلين المعنيين لمساعدتهم على الإفلات من العقاب، بعد تهديد مواطنين آخرين يمارسون حقوقهم في بلدهم.
تجريم العمل الفلسطيني
الناشطة في شبكة صامدون لدعم الأسرى، خالدية أبو بكرة ذكرت أن المحاكمات لناشطة وإحدى المشاركات في المظاهرة وفرض الشرطة غرامات على عشرات الناشطين المشاركين، يمثل توجهاً رسمياً لتجريم العمل الفلسطيني في البلاد.
وأوضحت الناشطة الفلسطينية في تصريحات تابعها المركز الفلسطيني للإعلام أن القضية سياسية لإخفاء فضيحة رفع عنصر أمن أجنبي سلاحاً نارياً في جامعة حكومية وتوجيهه إلى طلاب الجامعة، وإلى مواطنين يمارسون حقهم المعترف به في الاحتجاج، لذا لجأت المباحث إلى حيلة لصرف الانتباه عما فعله العميل وإلقاء اللوم على المحتجين.
كما أعربت أبو بكرة عن خشيتها من تجريم العمل الفلسطيني في إسبانيا، بعد موافقة مجلس النواب الإسباني على تمرير أولي للتعريف الذي وضعه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) لمصطلح “معاداة السامية الذي يسعى إلى مساواة أي انتقاد للنظام الاستعماري الإسرائيلي بالعداء لليهود.
وقالت الناشطة: إن الناشطين يواجهون مناخاً سياسياً تعمل فيه الأحزاب اليمينية المتطرفة الإسبانية سويا مع اللوبي الصهيوني لفرض الأجندة السياسية “الإسرائيلية” في البلاد ما يعرض العمل السياسي الفلسطيني للخطر.
مسرحًا لجهات صهيونية
ناشط فلسطيني يقيم في مدريد يقول إن إسبانيا التي تشهد حضورًا لافتًا للقضية الفلسطينية في أجندة الرأي العام وقوى التضامن الإسبانية، وتشكل أحد العناوين الأساسية في خطاب المجموعات التقدمية الإسبانية، باتت أيضًا مسرحًا لعمل الجهات الأمنية الصهيونية عبر أذرعٍ أمنيّةٍ إسبانية أو بشكل مباشر.
وأشار الناشط الذي رفض الكشف عن اسمه في تصريح لمراسلنا أنه وفي مناسباتٍ عدة تم استدعاء فلسطينيين، أو ملاحقتهم من قبل الأمن الإسباني؛ ليوضعوا في قبضة ضباط أمن صهاينة استجوبوهم، أو حاولوا إسقاطهم على الأرض الإسبانية وفي مقراتٍ حكوميةٍ إسبانية.
وأكد أن الحاجة اليوم هي لموقف واضحٍ من قوى التضامن، وتصعيد خطابها ونضالها في وجه السياسات الأوروبية لتجريم فلسطين، كما في وجه سياسات الاحتلال، لا اللجوء للوم الضحية والمتضامنين معها.
وقال: يبدو فلسطينيّو القارة ملزمين بتوحيد جهودهم أمام هذه السياسات، ومواجهتها بشكلٍ واضحٍ وموحّد، بعيدًا عن أسر التباينات في المواقف السياسية، أو غيرها، وأكثر أهمية من ذلك هناك ضرورة لتظهيرٍ أفضل للمواقف والفعل الفلسطيني ضد الهجمة الصهيونية على شعب فلسطين في الأرض المحتلة، والمجازر اليومية التي يرتكبها العدو في الضفة والقطاع وأرضنا المحتلة عام ١٩٤٨.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=143947