في إطار مساعيها المستمرة لإثبات أن “القدس عاصمتها الموحدة”، أقرت حكومة الاحتلال ما تسمى “الخطة الخمسية لتطوير شرقي القدس”، بهدف تعميق سيطرتها المطلقة على المدينة المحتلة، وتغيير وجهها العربي والإسلامي كاملًا.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تخصيص ميزانية بقيمة 3.2 مليار شيكل لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشرقي المدينة، مدتها خمس سنوات من 2024-2028.
ومن خلال خطتها الخمسية، تهدف الحكومة اليمينية المتطرفة إلى تشديد قبضتها على المدينة المحتلة، وخاصة في مجالات التعليم والاستيطان.
وقال نتنياهو: “تعزز حكومتنا سياستنا لصالح القدس الموحدة والقوية تحت السيادة الإسرائيلية، ولهذه الغاية، قدمنا إلى الحكومة قرارًا مهمًا للغاية بقيمة 3 مليارات شيكل سيغيّر وجه مدينة القدس”.
وتُركز الخطة بشكل أساس على التعليم، ويُخصص بند التعليم والتدريب 800 مليون شيكل، بهدف “زيادة عدد ونسبة الطلاب في المناهج الإسرائيلية وبرامج الإعداد للأكاديمية الإسرائيلية، بحيث تؤدي لاندماجهم في الأكاديمية وعالم التوظيف، من خلال توفير حوافز مادية وتربوية”.
وتنص أيضًا على زيادة عدد عناصر شرطة الاحتلال ومفتشي البلديات في الأحياء المقدسية، بالإضافة إلى تثبيت كاميرات أمنية، وإنشاء مراكز شرطة إضافية.
وأما بند العمالة والتنمية الاقتصادية بقيمة 507 ملايين شيكل، فينص على أن “وزارة العمل ستعمل على توسيع نطاق المشاركين في مركز التوجيه المهني شرقي المدينة، وتعزيز التعليم التكنولوجي وصياغة خطة للحد من المتسربين من برامج التدريب، وزيادة عدد الطلاب في المدارس المهنية للشباب من خلال افتتاح مدارس جديدة”.
خطة خطيرة
الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن الخطة الخمسية التي أقرتها حكومة الاحتلال خطيرة جدًا، وتأتي كـ”ذر للرماد في العيون”، فهي تحمل في ظاهرها “تطوير وتحسين وخدمة المقدسيين”، وفي باطنها تهدف لخدمة المستوطنين.
ويضيف في حديث لوكالة “صفا”، أن “إقرار هذه الخطة يأتي بهدف التسويق والترويج أمام العالم بأن الاحتلال يحاول المساواة ما بين غربي المدينة وشرقها، وأنه لا يتعامل بعنصرية مع المقدسيين الذين يعيشون في شرقي المدينة”.
ويوضح أن الاحتلال يريد دمج الجزء الشرقي ضمن منظومته التعليمية والاقتصادية والصحية، بهدف تغيير الثقافة والعقلية لدى الأجيال المقدسية، وصرفهم عن مقاومته ومواجهة مشاريعه ومخططاته في المدينة المقدسة.
والخطة الخمسية تهدف أيضًا- كما يبين أبو دياب- إلى غسل أدمغة الطلاب عبر الاندماج في المنهاج الإسرائيلي، بحيث يتشبعون بالفكر والثقافة العبرية، ناهيك عن قطع الطريق أمام تلقيهم الثقافة والعلم من المنهاج الفلسطيني أو من أي مصدر يعتبره الاحتلال “معاديًا له”.
ويشير إلى أنه وفقًا للخطة، سيتم استثمار مبالغ طائلة لصالح تطوير البنية التحتية في القدس، ولا سيما لخدمة المستوطنين، لتمكين وصولهم إلى المدينة.
ويؤكد أن الاحتلال يعمل على مشروع لربط الاقتصاد المقدسي وتبعيته للاقتصاد الإسرائيلي، وعدم استقلالية رأس المال المقدسي، بل يبقى تابعًا له.
منظومة الاحتلال
وتتضمن الخطة بناء نحو 2000 وحدة سكنية للمقدسيين، لكن في أماكن بعيدة عن القدس القديمة ومحيط المسجد الأقصى، وهذا ما يعتبره الباحث المقدسي بمثابة “ذر للرماد في العيون” أمام العالم، خاصة أن الاحتلال أعلن سابقًا عن عدة مشاريع للمقدسيين، لكنه جرى تحويلها للمستوطنين.
ويلفت إلى أن الاحتلال يحاول تغليف مشاريعه بغطاء “حسن” لترويجها أمام العالم، مضيفًا “شاهدنا إقرار عدة خطط خمسية سابقًا، لكننا لم نلمس أي تغيير على صعيد المقدسيين، سوى المزيد من ترسيخ الاستيطان والوجود اليهودي، ومحاربة التعليم في القدس”.
ومثل هذه الخطط- وفق أبو دياب- قد تتغير بأي لحظة، بما يتلاءم مع أولويات حكومة الاحتلال ومشاريعها كي تكون مدينة القدس بكاملها تحت تبعيتها.
ويحذر من مخاطر الخطة الخمسية على القدس وأهلها، مؤكدًا أن الاحتلال دائمًا ما يُحاول تحسين صورته أمام العالم، رُغم أن كل مشاريعه وخططه في ماهيتها تهويدية واستيطانية، تهدف لتعزيز سيطرته وسيادته على المدينة.
ووفقًا للخطة المزعومة، سيتم “إنشاء مركز للابتكار التكنولوجي وتشجيع المبادرات التكنولوجية وإنشاء الشركات الناشئة، كما ستعمل بلدية الاحتلال على تشجيع التوظيف والتدريب وتنسيب العمال الذين يعيشون شرقي القدس بصناعة التكنولوجيا العالية، وسيتم تنفيذ النشاط بالتنسيق مع وزارة العمل”.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=144007