يحاول السائق نادر عبد الرحيم إيجاد طرق بديلة لإيصال الركاب كلما قام جنود الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق حاجز حوارة جنوبي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، ولكن هذه المحاولات عادة ما تبوء بالفشل.
منذ أكثر من عشرين عاما يعمل عبد الرحيم سائقا ما بين بلدته الساوية جنوبي نابلس والمدينة ذاتها، ولكن الحاجز المقام على أراضي بلدة حوارة؛ يشكل عائقا رئيسيا أمام حركته، حيث إن إغلاقه أمام المركبات يضاعف من وقت الوصول إلى البلدة ليصل إلى ساعتين بدلا من ١٥ دقيقة فقط.
وقال لـ “عربي21” إن المسافة بين بلدته ومدينة نابلس لا تتجاوز أكثر من بضعة كيلومترات، ولكن حاجز حوارة يعيق تنقل الفلسطينيين في هذه المنطقة.
مرات عديدة تعرض فيها السائق أسوة ببقية الفلسطينيين لاعتداءات مريرة على الحاجز، حيث يقوم الجنود بتفتيش مركبة الأجرة الخاصة به ويوقفونه على جانب الطريق لتفتيش بطاقات الهوية التابعة للركاب، وإذا كانوا شبانا تتم مصادرة بطاقات الهوية وإيقاف المركبة لساعات.
وأضاف: “الجنود يقومون بمعاقبة المركبات الأخرى التي تنتظر للمرور عبر صف طويل يصل أحيانا إلى مدخل مدينة نابلس، حيث يوقفون المركبة التي تحاول المرور، لساعات طويلة تصل أحيانا إلى ١٢ ساعة على جانب الطريق”.
ومنذ أكثر من عام والاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية على الحاجز، ما يضطر المركبات لمحاولة سلوك طريق بلدة عورتا المجاورة رغم أنها تستغرق وقتا أطول وتعتبر طريقا ضيقة بالمقارنة مع الشارع الرئيسي، ولكن في الكثير من الحالات يتم إغلاق حتى تلك الطرق البديلة.
وأشار عبد الرحيم إلى أن نتائج هذا التشديد العسكري خلق أزمة خانقة على الشارع من الجهة التي يسلكها الفلسطينيون فقط وليس المستوطنون، ويضطر بعض المواطنين أحيانا للمبيت خارج منازلهم بسبب الأزمة وإغلاق الحاجز.
وعلاوة على ذلك، تقوم مجموعات المستوطنين برشق الحجارة صوب المركبات العالقة على الحاجز أمام مرأى جنود الاحتلال الذين لا يحركون ساكنا، بل يقومون بالاعتداء على أي فلسطيني يحاول الاعتراض والتصدي لهذا الاعتداء.
الناشط ضد الاستيطان بشار القريوتي قال لـ” عربي21″ إن حاجز حوارة من الحواجز التي تعرض المواطنين للتضييق اليومي والمضايقات التي يقوم بها جنود الاحتلال.
الحاجز أنشئ منذ عام 2002 مع بداية انتفاضة الأقصى، وقام الاحتلال بإغلاقه لعرقلة حركة المواطنين في محافظات شمال الضفة الغربية المحتلة، وخلال سنوات الانتفاضة منع الاحتلال مرور المركبات عليه بشكل قاطع، حيث اضطر المواطنون يوميا للسير على الأقدام مسافة تزيد على الكيلومتر لقطع مسافة الحاجز.
وأوضح الناشط أن الاحتلال قام خلال الانتفاضة بإنشاء قواعد وحواجز عسكرية أمام المواطنين وأغلق كل مداخل المدن في الضفة، مبينا أن حاجز حوارة يعتبر من الحواجز الكبرى التي تخنق مدينة نابلس تحديدا والتي تتعرض لهجمة كبيرة من قبل الاحتلال ومستوطنيه.
الخناق الكامل الذي يفرضه الاحتلال على المدينة بإغلاق حاجز حوارة يعرض الفلسطينيين لاعتداءات كثيرة على يد الجنود وكذلك المستوطنين الذين يمرون بالقرب منه بأريحية وأمان.
القريوتي أكد أن حالات اعتقال عديدة لفلسطينيين تم تسجيلها على الحاجز بالإضافة لعمليات تنكيل يتعرضون لها بين الحين والآخر، كما أنه شهد عمليات إعدام كثيرة لشبان وفتيات فلسطينيين بحجة نيتهم تنفيذ عمليات فدائية، بحيث أصبح يسمى حاجز الموت أو حاجز القتل.
وأضاف: “أكثر من شهيد رووا بدمائهم هذه المنطقة وتعرضوا للتصفية من قبل جيش الاحتلال الذي يتواجد بشكل مستمر على هذا الحاجز ولا يفارقه بتاتا، ولو غادره الجنود فإن هناك أبراجا عسكرية وآلات مراقبة ترصد كل التحركات الفلسطينية الداخلة إلى مدينة نابلس”.
أما سبب إقامة الحاجز في هذا المكان فيعود إلى كونه موقعا استراتيجيا لدى الاحتلال، لأنه خانق لمدينة نابلس من الجهة الجنوبية بالإضافة إلى وجود حاجز الحمرا الذي يخنقها من الجهة الشرقية وحاجزي دير شرف وصرة من الجهة الغربية، وكلها تهدف إلى زيادة القبضة الأمنية على المدينة وكذلك تشكل بعدا استراتيجيا للسيطرة على المناطق الفلسطينية بشكل محكم.
وأوضح أن الحاجز يقع بالقرب من المعسكر الاحتلالي الذي سيطرت عليه “إسرائيل” في الثمانينيات من القرن الماضي، وقام بإنشاء قاعدة عسكرية في بلدة حوارة وسيطر على العديد من الأراضي في المنطقة لأغراض عسكرية وأمنية كما يسميها.
الحاجز لا يبعد عن حاجز زعترة العسكري جنوب نابلس سوى مسافة قصيرة، والذي يتعرض عليه الفلسطينيون كذلك للتفتيش والإذلال والاعتقال والإعدام، ويمر الفلسطينيون بينهما مع التعرض لكافة أشكال الإذلال والانتظار الذي يعيق حياتهم.
وأشار الناشط إلى أن الفلسطينيين حين يقومون بالتصدي لهجمات المستوطنين يقوم الاحتلال بمعاقبتهم عبر إغلاق حاجز حوارة والتنكيل بهم أثناء مرورهم عليه دون التمييز بين كبير وصغير ولا نساء أو أطفال أو شيوخ.
وتابع: “يتم إغلاق الحاجز لساعات طويلة جدا، وأصبح من يريد التوجه لمدينة نابلس يمكث على الحاجز أكثر من ساعة، وهذا سببه أن الحاجز أنشئ بأوامر عليا من قياده الاحتلال لخنق المدن الفلسطينية بحيث تصبح كل مدينة خاضعة لحاجز رئيسي كبير”.
تقسيم وعزل
في الوقت الذي يدعي فيه الاحتلال أن إقامة الحواجز العسكرية هدفها أمني بامتياز لمحاولة منع العمليات الفدائية؛ فإن المراكز والمؤسسات البحثية الفلسطينية والدولية تؤكد أن إقامتها تخدم المستوطنين بالدرجة الأولى وتعزز الاستيطان، حيث إن كل الحواجز تصادر مساحات من الأراضي وتتحول فيما بعد لمنطقة عسكرية يحظر على الفلسطينيين التواجد فيها أو في محيطها.
بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني فإن الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية قسمتها إلى أكثر من 100 تجمع سكاني تسهم بالحيلولة دون وجود تواصل بين مكونات الجغرافيا الفلسطينية من خلال نحو 165 بوابة حديدية على مداخل المدن والقرى ونحو 600 حاجز عسكري أو سواتر ترابية.
وأوضح أن ذلك يسهل عملية عزل وفصل التجمعات الفلسطينية عن بعضها، بينما يقيد الاحتلال حركة الفلسطينيين في بعض الشوارع والتي يخصصها للمستعمرين، بحيث يصل طول الشوارع التي يمنع الفلسطينيين تماما من استخدامها نحو 40 كم تقريبا، منها 7 كم داخل مدينة الخليل، إضافة إلى نحو 20 كم يتم فرض قيود جزئية على استخدام هذه الطرق من قبل الفلسطينيين.
وفي دراسة لمعهد أريج للأبحاث التطبيقية فإن الفلسطينيين يخسرون حوالي 60 مليون ساعة عمل سنويا بسبب الحواجز الإسرائيلية وقيود الحركة، بحيث تقدر تكلفة الخسائر بنحو 270 مليون دولار، بالإضافة إلى استهلاك وقود إضافي بحوالي 80 مليون لتر سنويا، تقدر تكلفتها بنحو 135 مليون دولار.
المصدر: عربي21
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=144057