اتركوا مؤسسات العمل الإنساني تقدم خدماتها لمن يحتاجها

اتركوا مؤسسات العمل الإنساني تقدم خدماتها لمن يحتاجها

بقلم الدكتور: عصام يوسف
رئيس الهيئة الشعبية العالمية لدعم فلسطين

لا يوجد شك من تنامي العداء للعمل الخيري وخاصة ذي الهويّة الإسلاميّة لدوره الفاعل في السنوات الأخيرة، واستهدافه المستمر لمناطق أريد لها أن تعاني وتواجه أزمات إنسانية ومعيشية لا تنتهي لتحقيق أهداف عدة.
استهدف – وما زال- بتجفيف منابعه، وملاحقة العاملين فيه، وترهيبهم بشمّاعة الإرهاب ودعمه، وأغلقت المؤسسات والهيئات والجهات المختلفة.
الغريب في الأمر أن العشرات بل المئات من المؤسسات الخيرية والإنسانية التي تعمل في دول مختلفة تخضع لقوانين تلك الدول وتعمل وفق نظمها ومراجعتها ولم تكن لتعمل لولا حصولها على التراخيص اللازمة، ما يعني أن إغلاق بعضها والتضييق على أخرى لا يفهم إلا في سياق الحرب المسيسة وليس لها أي سياق قانوني وإن كان ما يُعلن غير ذلك.
بالنظر لعمل تلك المؤسسات تجد لها تاريخ طويل من العمل الخيري والإنساني وتقديم المشارع للفقراء والمحتاجين والمعوزين في دول ومناطق مختلفة من العالم، وكل هذه الأعمال تخضع للرقابة والمتابعة، لتأتي فجأة عشرات القرارات التي وصفت عمل تلك المؤسسات بـ “الإرهاب” كذريعة مكشوفة لمحاربتها وإغلاقها.
لم تكن المؤسسات الخيرية والإنسانية رائدة العمل الإنساني في فلسطين بأحسن حال، فقدت واجهت تلك المؤسسات داخل فلسطين حرباَ شرسة من قبل الاحتلال الإسرائيلي وأذرعه المختلفة، وكذلك خارج فلسطين حيث استهدف الاحتلال عبر أدواته، المؤسسات والشخصيات العاملة في المجال الخيري، بطرق ووسائل مختلفة، في محاولة لإرهابها ومنعها من تأدية رسالتها الإنسانية التي وجُدت في الأساس من أجلها وهي التخفيف عن الفقراء والمحتاجين والمعوزين.
ودوما شكلت المؤسسات والهيئات الخيرية والإنسانية في الأراضي الفلسطينية هدفا مفضلا لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي ينفذ باستمرار اقتحامات لمقراتها وإغلاقها خاصة في الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني.
أما في قطاع غزة فما زال يواجه العمل الخيري العديد من العراقيل التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي باستمرار الحصار، وإغلاق عشرات الحسابات البنكية للمؤسسات الخيرية عبر الاحتلال وأدواته “عبر مبررات وهمية وحجج غير منطقية”
القصف والتدمير أيضاً كان أحد أساليب الاحتلال في ضرب هذه المؤسسات بمقتل لإنهاء وجودها.
ففي غزة التي تعيش الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من 16 عاماً يبدو الوضع كارثي وخطير، خاصة أن أكثر من 90% من أصل مليوني مواطن يعيشون في القطاع المحاصر يعتمدون على تلك المساعدات الإغاثية كمصدر دخل أساسي ووحيد.
كما يصل معدل البطالة 45% في أحدث إحصائية صادرة عن الإحصاء الفلسطيني عن العام 2022، إضافة لنسب الفقر المرتفعة.
أما في الضفة الغربية لا يبدو الوضع أكثر أريحية، حيث يصل معدل البطالة 13٪ وفق الإحصائيات ذاتها، وهو رقم مرتفع جداً بالنظر لواقع الحصار والإغلاق في غزة، وهو المفترض غير موجود بالضفة الغربية على شدته وقسوته.
ويبقى الوضع في الضفة صعب – وإن حاول الاحتلال إظهار غير ذلك- إلا أن الإجراءات والاعتداءات لا تتوقف، كما القدس والداخل الفلسطيني والممارسات الإسرائيلية للتضيق على السكان في حياتهم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم، وعمليات القتل والاعتقال اليومية بل اللحظية، مروراً ببناء جدار الفصل العنصري والحواجز والاستيلاء على الأراضي والمنازل، إضافة لمحاولة تهويد القدس والحفريات تحت المسجد الأقصى.
أما المخيمات الفلسطينية في الخارج ليست بأحسن حال، إذ يعاني اللاجئون من حرمانهم من أبسط مقومات الحياة الكريمة والأساسية.
ويبقى السؤال الأبرز هنا، هل تعلم ماذا يعني أن تُغلق هذه المؤسسات والجمعيات والتي كانت بما تقدمه من خدمات مصدر دخل وحيد لآلاف المحتاجين والفقراء خاصة مع تصاعد الأزمات والوضع الإنساني والمعيشي بسبب الحصار والإغلاق والتقييد ؟
هذه الفئة المهمة تحرم اليوم من أبسط مقومات الحياة، مع ما يتعرضون له من حرب مركبة وغير مباشرة، حيث يعانون من الفقر والحرمان من الأمن والحياة الكريمة.
هذا كله يعني ضرورة تفعيل عمل هذه المؤسسات لتقديم الرعاية والمساعدة للفقراء واللاجئين وللنازحين والمشردين في مختلف بقاع الأرض، وهم بمئات الآلاف، ووقف استهدافها ومنحها حرية العمل وتقديم الخدمات الإنسانية والإغاثية لمن يحتاجها ويستحقها.
يجب تعزيز احترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وحماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني والطبي.
ولا يمكن أن نغفل عن توجيه التحية والتقدير لكافة العاملين في الحقل الإنساني، ونقدر جهودهم وتضحياتهم ومساهمتهم في التخفيف من معاناة السكان في العالم.