دميتي من صنع يدي.. من لاشيء يصنع أطفال بلاطة لعبهم

ضياء خديش

بأقمشة ملونة وأزرار الملابس البالية..شكل أطفال مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس شخصياتهم، فارتدت أياديهم ألعابهم المصنعة واعتلى كل واحد منهم زاوية على أرضية الغرفة لعدم توفر المسرح حتى الآن، فكانت من أصواتهم وحركاتهم سكيتشات مسرحية يديرها الأطفال يعبرون فيها عن مشكلاتهم وهمومهم اليومية.
 
أبو طربوش..احد تلك الشخصيات التي اعتلى رأسها طربوش احمر وخلف الصوت الغليظ لابو طربوش يقف ضياء خديش (12 عاما)، يتقاسم مع زميله مصطفى جبريل (13 عاما) بشخصية سرعوف الذي يفتن على صديقه لصديقتهم شوقية، ومسرحية أخرى تتحدث عن مشاكلهم ولجوئهم إلى التدخين والعنف وكيفية علاجها.
 
مشاكل وهموم جسدها الأطفال بدمى صنعوها بأدوات بسيطة ضمن مشروع "دميتي من صنع يدي" الذي ينفذه نادي الطفولة السعيدة في مخيم بلاطة.
 
لعبة لكل طفل

خالد ابو مريم منسق الانشطة بنادي الطفولة السعيدة

يتحدث خالد أبو مريم منسق الأنشطة والمشاريع في نادي الطفولة السعيدة لـ"نافذة الخير"، حول مشروع "دميتي من صنع يدي"، والذي يشرف عليه النادي بمنحة من وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية، حيث خضع الأطفال لدورة تدريبية في صناعة الدمى تحت إشراف مشرف فني بواقع 16 ساعة تدريبية، وكانت المنحة لثلاثة شهور، ولكن المشروع لاقى صدى واسعا عند الأطفال وقرر النادي الاستمرار به وتوسعته.
 
ويضيف أبو مريم " لقد قررنا استخدام الدمى المصنعة في إنشاء مسرح متنقل للأطفال يعرضون فيها شخصياتهم المبتكرة على شكل مسرحيات قصيرة يتناولون فيها حقوقهم وقضاياهم واحتياجاتهم".
 
وحول أهداف المشروع، قال أبو مريم "إن الفكرة طرحت من اجل التفريغ النفسي للأطفال في ظل الظروف التي يعيشها أطفال المخيم، خاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، فمن هنا جاءت فكرة صناعة دمى والعاب من صنعهم لسد احتياجاتهم وملأ أوقات فراغهم، والاستفادة من إبداعاتهم، و توفير لعبة لكل طفل بالمخيم".
 

اطفال يرون همومهم بدمى من صنعهم

فكان الهدف هو صناعة شيء من لاشيء لأطفال نسوا معنى البراءة وحرموا حتى من الألعاب-كما أوضح منسق الأنشطة بالنادي- فجميعنا نعلم ما معنى أن نعيش في مخيم يفتقر لأدنى الخدمات الإنسانية، ويفتقر إلى مكان يقضي فيه أطفاله أوقاتهم يلهون ويلعبون، فالأطفال يقضون أوقاتهم بالشارع لعدم وجود مكان يحتضنهم.
 
ويضم المشروع الأطفال من سن 10-15 عاما، ويتجه المشروع نحو الاحترافية في صناعة الدمى وأيضا نقوم بإعداد نصوص مسرحية من أفكار الأطفال من اجل صياغتها مسرحيا وعرضها بإنشاء مسرح متنقل لهم يعبرون فيه عن أنفسهم بطريقة خلاقة ومبتكرة.
 
ويقول مدرس الفنون الجميلة برهان ذياب أن هذه المبادرة ستكون انطلاقة جديدة لهذا الفن العالمي، والموجود بكل العالم، ولكن أطفالنا محرومون منه وأردنا من خلاله إطلاق العنان لأفكار أطفال المخيم بأدوات بسيطة لا تكلفهم ولا ترهق النادي، ومن بناة أفكارهم، ساعدناهم على صياغة الشخصيات وتطبيقها على القماش المستخدم.
 
تطوير قدرات  

جمال اشتيوي مدير نادي الطفولة السعيدة يتحدث عن برامج وانشطة النادي

من جانبه، يذكر جمال اشتيوي مدير نادي الطفولة السعيدة بمخيم بلاطة، إن النادي تأسس عام 1997، ويقدم خدماته لأطفال المخيم وشبابه من خلال عدة برامج منها: الدعم النفسي وبرامج ترفيهية، وأنشطة تثقيفية، وتعليمية، كما ويهتم النادي بالجانب التعليمي وتطوير القدرات العلمية لدى الطلبة، وتنظيم ورش مجتمعية.
 
ويضيف اشتيوي :"أنشأنا نادي للصحافة والإعلام للصغار، وقمنا مؤخرا باستحداث الدائرة الشبابية وتضم مجموعة كبيرة من الشباب المتطوعين، وأصبحوا جزءا من الهيئة العامة في سبيل إعطائهم دور قيادي لتعزيز قدراتهم حتى يكونوا أعضاء فاعلين بالمجتمع".
 
وعن مشروع صناعة الدمى، قال مدير النادي " لقد أردنا فتح المجال أمام الأطفال للتعبير عن مكنوناتهم وأفكارهم من خلال أنشطة غير تقليدية، وهذه فقط بداية نطمح من خلالها إنشاء مسرح دائم لهم وتطوير صناعة الدمى حتى تصبح موهبة دائمة لهم، ومنفذ لحل مشاكلهم".
 

نادي الطفولة السعيدة

لم تتوقف رؤية النادي عند هذا الحد، بل أضاف إليها اشتيوي أخرى لتمكين أطفال المخيم من إقامة عروض مسرحية على المستوى العربي، يتم فيها تبادل ثقافي بين أطفال فلسطين والمخيمات بالذات وأطفال الوطن العربي كله، لأنهم يتشاركون بالأحلام والطموح.